الثلاثاء، 27 ديسمبر 2011

رجعت الشتوية ..(١١)

استيقظت اليوم في السابعة والنصف بدون منبه..
قررت أن أصنع لنفسي فطوراً مميزاً..ذهبت للمطبخ وأنا أغني للصباح، جهزت ساندوتشاتي المفضلة وقهوتي ..ثم حملتهم معي نحو السرير ، وها أنا ذا أقرأ وأكتب وأسمع موسيقى وأشرب قهوة..!
قد تبدو أشياء بسيطة ، ولكني قررت ممارستها اليوم بتركيز بعد لقاء تواقة البارحة والذي كان يناقش كتاب بيكاسو وستار بكس لياسر حارب..
رغم أن اللقاء كان صاخباً إلا أن أغلب النقاش انصب على مفاهيم كالسعادة والرضى وحب النفس والتوازن والبساطة، كنت أراقب وأنصت باستمتاع إلى جدليات وفلسفة هذه المفاهيم وكيف يفهمها كل شخص بطريقة مختلفة..ويعبر عنها بشكل مغاير..

لن أتحدث أكثر عما دار في اللقاء لأنني سأعود لكتابة تقرير عنه في مدونة تواقة خلال الأيام المقبلة..
لكنني سأتحدث عما لم يدر في اللقاء..بل دار في نفسي، وفتح نوافذ الأسئلة:

- كيف يا ياسر وصلت لباولو كويلو؟ كيف دار بينكما هذا الحوار الشهي؟ كيف عقدت هذه الصداقة المختلفة لدرجة أنه أعطاك قوسه؟ هل أنا متعجبة وأطلق الأسئلة لأنه الشخصية المشهورة باولو كويلو؟ ألا يوجد حولنا أشخاص غير مشهورين ولكنهم نار على علم في قلوبنا ويمنحوننا الكثير من الحكمة والصداقة؟ ألا يستحق هؤلاء أن نبحث عنهم؟

- لماذا تقول "أن الحقيقة خيار واحد"؟ أهي كذلك فعلاً؟ إذن كيف لنا أن نكون متأكدين ؟ وبالمقابل هل الخيارات تنصب في حقيقة واحدة؟ أهناك دوماً خيار واحد هو الصواب لأنه الحقيقة وما سواه باطل؟ كيف نتعايش مع هذا المفهوم ونتقبل اختلاف خياراتنا في الحياة؟

- تقول إن الحب يختفي عندما نحاول تأطيره ويظهر عندما نعجز عن إيجاده..أتعني أننا يجب أن لا نطارد الحب؟ وأنه كما يقول كثير من الروائيين بلغة رومانسية-  يأتي من حيث لا نحتسب؟ يأتي في الوقت الغير مناسب؟ وإذا حاولت القبض عليه وحبسه فر صاعداً نحو السماء؟ هل ينطبق ذلك على كل أنواع الحب أم أنه تفسير جميل فقط لخيبات الحب والعلاقات الغرامية؟ ما دون ذلك من حب هو قابل للإيجاد والتأطير والاكتساب والعطاء وإغراق من حولنا به؟

- "يفضل الإنسان أن يخسر رقم تسعة أو ثمانية على أن يخسر صفراً واحداً" ألا يشبه ذلك ما كتبته في قصة فاطمة الحالمة عن الصفر وأنه رغم ضآلته أساس كل الأرقام العظيمة في الدنيا؟ يا للرسالة في هذه الفكرة..كم عدد الناس والأشياء التي لا نلقي لها بالاً ولا نعطيها قيمة ولكننا غير مستعدين لخسارتها: عبد الغفار سائقي البسيط..مناديل الكلينكس..مسحوق النسكافيه..

- " يعتقد ابن خلدون بأن الوعظ، في أحيان كثيرة يؤدي إلى سفك الدماء"، هي ليست مقولتك يا ياسر،لماذا إذن  علمائنا وشيوخنا اللذين يحترفون الوعظ منذ بدايات جيل الصحوة لم يقرأوا هذه العبارة وهي لابن خلدون، بل وظنوا أن الوعظ هي الطريقة الوحيدة التي تقوم عليها المجتمعات المسلمة؟

- حين كتبت عن عازف الساكسفون الذي ينشر الحب بين الناس في الشارع الخامس، تذكرت امرأة عجوزاً كانت تجلس كل يوم في نفس المكان في أحد شوارع سنتر مدينة ليدز، وتعزف بمنتهى الانهماك والاحساس، كنت دائماً أقول: هذه امرأة تغازل الأثير، فهل أجمل من أن تمشي في سنتر المدينة الجميلة وثمة خلفية موسيقية خلفك وأفكارك تتدفق في عقلك ومشاعرك تنهمر في قلبك وكأن المنظر كله مشهد من فلم يعرض على شاشة حياتك؟

- "الذكرى مهما كانت جميلة فإنها تطوح بنا في نهايتها وترمي في قلوبنا ببعض الأسى" بجوار هذه العبارة رسمت وجها بحاجبين معقودين غاضبين..لا، لا أتفق معك يا ياسر، بل إننا نحتاج للذكريات الجميلة كحبوب مضادة للحزن ، كشهادة صدق موقعة على قوبنا، كنوافذ تمنحنا بعض النسمات إذا اشتد بنا الحر...
أليست كتاباتك كلها تداعيات من ذاكرتك؟ ألست توظف هذه الذكريات كمشاعر وخبرات وأحاسيس لتكون وقود قلمك وحبره؟ أليس هذا ما يفعله الكتّاب؟
.
.
سأكتفي الآن بهذا القدر من الأسئلة التي لم أكن أبحث عن إجابات لها أو بلغة أخرى سأكف الآن عن التحليق على أجنحة الكتاب..
أليست هذه وظيفة الكتب يا "تواقة"؟
    

السبت، 24 ديسمبر 2011

رجعت الشتوية ..(١٠)

  • حينما تشتكي أن لا وقت لديك وأنت لديك ما تحتاجه من عدد ساعات في اليوم..لكنه مزاج منسحق كسول  يصور لك اليوم ثقيلاً بطيئاً ويرفض أن يمنحك الوقت والطاقة بل يفتح لك أبواباً ومسارباً أخرى تقطع عليك الطريق...
  • حينما تختنق بمدينة ما ..لكنك تتذكر مدن أخرى بعيدة منحتك القصص والمفاجآت والحب كهدايا العيد..وغلفت كل ذلك بورق ثلجي مفضض مسكوب من السماء..أغوتك بأرصفتها المبللة بالمطر وبربيعها المكلل بالزهر وعلمتك كيف  تصادق فجرها ومساءاتها وأحلامها..
  • حينما تجمع من الذكريات أكثر من حاجتك ، وتعرضها في دكان للبيع ..ترصها وتزينها وتجملها وتضع لوحة على الباب: مفتوح، وتنتظر عند الباب بابتسامة عذبة، لكن لا أحد يأبه بك وبدكانك فتلم بضاعتك وتقرر أن تضعها على بسطة متواضعة على الرصيف ، عل أحداً يمر ويشتري منك ذاكرتك المثقلة ولو بقرشين فقط..
  • حينما تقابل أسماء خلابة وأرواح جذابة ..فتحفظها في قلبك للأبد قبل ذاكرتك ، وتشعر بالضآلة أمام جمالهم الغامر الذي صنعه خيالك فتفاجئ برسالة مكتوبة بخط اليد ممن لا تعرفهم تخبرك كم أنت أيضاً اسم جميل ، يحتفظون بك في خيالاتهم و قلوبهم ويتداولونك بمنتهى الحنان..
  • حينما تظن أنك جمعت من التجارب ما يقيك الخيبات، ومن النضج ما يقيك الحب، ومن الرزانة ما يقيك المفاجآت،  ومن العمر ما يقيك الغواية، ثم تتعثر بمطب خفي وتسقط وتنجرح ركبتك وربما قلبك وتجلس في ركن الحياة لتذكر أيامك القديمة وتجاربك الأولى بمنتهى الألوان الباهتة لتكتشف أنك لم تتغير كثيراً!
  • حينما تكتب وتكتب وتظن أنك كاتب فيضحك عليك القلم وتسخر منك الكلمات وتنظر إليك حدائق الروايات شذراً و مدن الشعر غروراً لتكتشف أنك تكتب ثرثرة تصلح للصغار فوق الثلاثين أو للكبار تحت السادسة..
.
.
.
.
  • حينما يحدث كل ذلك..أرى الدنيا مسرحاً كبيراً وأنني أنا....البطلة والجمهور ..!



السبت، 17 ديسمبر 2011

رجعت الشتوية ..(٩)

  • عدت من بيروت بعد رحلة مفرطة العذوبة...

هذه المدينة الشرسة التي تغلي فوق فوهة بركان من مشاكلها السياسية ، تعرف كيف تلقمّك الحب بالملعقة كدواء مضاد للحزن عليك بتناوله طالما أنت على أرضها...
مع أصدقائي البيروتيين وروحهم الحلوة الحميمة، مع رسامة قصصي حنان وتجول في غابة الأرز واجتماع في مطعم صغير من مطاعم الضيعة لمناقشة سير العمل ..مع كل الناس اللذين يحيطون بك وتحيط بهم، مع ثرثرتهم، بقلاوتهم،بحرهم جبلهم وفيروزهم..  تذكرني بيروت أن الحياة قصة حب طويلة علينا أن نحياها بكل فصولها..




  • كنت أحلم أن أحضر حفلة لفيروز لكن لم تتسهل الأمور. لكنها بيروت التي أبت أن تعيدني مكسورة الخاطر فقدمت لي هدية من نوع آخر: مقابلة أحلام مستغانمي ،الحصول على توقيعها ، عقد صداقة معها خلال خمس دقائق ، دعوتها لي على الغداء التي لم ألبها بسبب موعد سفري، وابتسامة رضى عميقة عميقة...:-)



  • وصلت جدة البارحة في الليل واليوم توجهت للكلية منذ الساعة السابعة لأختبر طالباتي ، عدت الساعة الثالثة لا ألوي على شيء ولا أشعر بحالة توازن..علي أن أدخل في "مود الأسبوع" الذي بدأ سريعاً ولم يمنحني فرصة لأن أفتح له الباب وأقول له: أهلا بك ...
انتظر عند الباب لو سمحت، أطرق الباب أولاً  ثم تنح وسآتي لأفتح لك، عيب عليك أيها الأسبوع أن تقتحم بيوت الناس وحياتهم بهذه الطريقة!

الأحد، 11 ديسمبر 2011

رجعت الشتوية ..(٨)

ماذا أفعل بمزاجي حين يتعطل الجانب الأيسر منه تماماً ولا يريد أن يدور ولو بالبطيء وتظل تروس النصف الأيمن ذات الصوت الموسيقي تدور بمنتهى اللامبالاة والاستهتار والتسكع كموسيقي في الشارع يتجول على ضفاف الوقت ويشحذ من المارة عدة قروش...ماذا أفعل بكل هذا الإستلقاء والتفكير والمشاعر التي لا تبدو إيجابية كثيراً وأكواب القهوة الغير منتهية والرغبات الطارئة والأمنيات المبعثرة؟!!!!


علي أن أحضّر لاجتماع الكلية غداً (الإعتماد الأكاديمي)، أنا مسئولة عن هذه الوحدة ولست أعوّل على هذا العمل كثيراً في ظل ظروفنا وثقافتنا الجامعية البيروقراطية..! رغم ذلك علي أن أحضّر بإتقان..
علي أن أراجع ورقة العمل التي سألقيها في معرض بيروت للكتاب يوم الأربعاء مراجعة تمنحي كل الثقة التي أحتاجها  للإلقاء أمام جمع من مثقفي العالم العربي..!
علي أن أجهز حقيبتي وأن أختار ملابسي بعناية فالجو بارد وبيروت أنيقة وسأكون وحدي مع كم من الأوراق والكتب المؤجلة والأصدقاء البيروتيين.
علي أن أراجع وأجهز كل ما يخص رومي التي تأخرت كثيراً بسبب رسّامتها، إذ سأقابلها بإذن الله في بيروت لأناقش معها الخطوات المقبلة وأسلمها ملف الكتاب كاملاً راجية أن تعيده لي قصة جميلة ملونة بدون أن تتأخر أكثر..
علي أن أفكر في إعداد عدد من الأبحاث لدي للنشر وأن أبذل مجهوداً أكثر في هذا الأمر...
.
.
.
أرأيتم كم أحتاج مخي الأيسر!!!!!
ماذا لو سلطت عليه جيوشاً من النمل تدفع تروسه؟ ..أو قمت بتزييته ؟أوربما تشغيله بمحرك دفع رباعي أو رشوته بشراء بعض الكوكيز حين ينهي عملاً أو عملين من القائمة؟..
ماذا لو اقترحت على النصف الأيسر أن يكون في الصورة كشريك استراتيجي على الأقل؟ أو أخبرت النصف الأيمن أن يتنحى قليلاً ويدع المجال لمنافسه ؟ ماذا لو جمعتهما معاً وأقنعتهما بشراكة مثمرة وبأنني امرأة عملية واجباتها ومزاجها يفيضان من وقتها ويحتاجان لشرطي مرور حازم كي ينظم سير الحياة...




اممممممم...طيب سأحااااااااول ، والله سأحاول وأقوم من أمام ماورد والموسيقى وكتاب الشاي الذي بدأت بقرائته اليوم!!!!

الأربعاء، 7 ديسمبر 2011

رجعت الشتوية ..(٧)





منذ أن أتيت وكل شيء يبدو غريباً، لم يدر بخلدي يوماً أن هناك على جزء آخر من الكرة الأرضية أناس وأرض وشوارع وحياة ، بل حتى اتجاه قيادة السيارة -  مختلف عنا إلى هذا الحد..
ترتدي النساء كل يوم رداء أسوداً فضفاضاً ، بعضهن كسيدتي التي ترتدي نظارات شمسية في النهار . لكن في المساء حين يتواطئ الليل مع أرديتهن السوداء يصعب التفريق بينهن..
كم تبدو نسائنا أبهج وأجمل وهن يرفلن في ملابسهن الملونة وعقود الفل وخشخشة الأساور، لا أدري أي جمال في رداء هو نفسه كل يوم، أليس هؤلاء القوم يملكون مالاً كثيراً؟
أرتديت ذلك اليوم أجمل ما عندي، قميص أحمر داكن حريري مع بنطلون منقوش ، كنت في شوق لأن أسمع كلمة مدح أو إطراء واحدة كما كانت تفعل أمي حين ألبس هذا القميص متوجهاً إلى مناسبة مهمة، لكن لا أحد علّق ولا أظنهم شاهدوه..بل هم لا يعرفون معنى أن يكون الشخص أنيقاً وملوناً ، حتى فتياتهن الصغيرات مقصوصات الشعر بدون ضفائر طويلة مزيتة بل ترتدي بعضهن هذا الرداء الأسود..
لغة الناس هنا أيضاً مختلفة، في السيارة تتحدث سيدتي في هاتفها أغلب الوقت ، لا أفهم شيئاً إلا بعض الضحكات التي تطلقها أحياناً، حتى الإنجليزية التي كنت أظن أنني أعرف بعضاً منها تبدو مختلفة وكأنها لغة أخرى ..تتحدث إلي سيدتي وتأمرني بأن أذهب إلى مكان ما، لكني أقسم أنني لم أفهم منها، أحاول جاهداً أن أفهم وأن أعيد الكلمة عدة مرات لكن يبدو أن سيدتي لا تعرف الإنجليزية جيداً وإلا لماذا أشعر أنها تتحدث لغة غريبة تماماً؟أحاول أن أنظر إلى وجهها وهي تتحدث علني أراقب شفتيها فأفهم ما تقول ولكنها تستاء ولا يبدو وجهها مريحاً أو مرحباً ، حين أخطئ في الطريق أقول الكلمة التي علمني إياها ابن عمي "شت" هذه الكلمة تدل أنك إنجليزي جداً لذا سيدتي لا تفهمها ، حروفهم هنا طائرة لا يضغطون على مخارج الحروف ويرقصونها مثلنا، ولا تتحرك رؤوسهم أبداً عند الحديث، لا تتمايل وتظل ثابتة في بلادة، يا لحياتهم الجافة..!
غرفتي بجوار منزلهم ولم أشم حتى الآن رائحة طعام مطبوخ ! هل يعقل أنه خلال الأسبوعين الماضيين لم يوقدوا ناراً ليطبخوا عليها أي وجبة؟ هم لا يعرفون الإنجليزية ولا يعرفون كيف يلبسون ولا يطبخون أيضاً..
اليوم ثارت علي سيدتي لأنني أخطأت في الطريق إلى عملها فقلت لها من ارتباكي: رودز آر تشينجنج...فصرخت وقالت ما معناه: رودز نو تشينج...أحبطت ولم أعرف كيف أوصل لها فكرة أن الطرق اختلفت في مخي وأنها تصيبني بالحيرة جداً.
حين أحضرتُ الفتيات من المدرسة ، تحدثت مع الفتاة الصغيرة فهي تبدو ألطفهم وتسمعني وتحاول أن تفهم مني مع أنها أيضاً لا تجيد الإنجليزية ، حاولت أن أفهمها بأن تبلغ والدتها اعتذاري وأن تخبرها أن تتحدث معي بطريقة بطيئة علي أفهم هذا الذي تدعي أنه إنجليزي...
قالوا لي أنهم أناس أغنياء جداً بالنسبة لنا ، لذلك حين أتيت كنت أقوم في كل مرة بفتح باب السيارة لسيدتي وإغلاقه خلفها حتى منعتني ذات يوم وقالت لي :نو...هل هي مستاءة مني إلى هذا الحد؟ حقاً لست أعرف كيف أرضيها.
كل يوم حين يأتي المساء أعود وأكتب في دفتري الأصفر كل الأماكن التي ذهبنا إليها حتى أتذكرها: جراند ما، ماي ماما ، سكول، وورك، بوك ستور ، وأماكن أخرى لا أعرف كيف أنطقها بعضهم أصدقاء للفتيات وبعضهم أصدقاء الفتى الصغير..حقاً لا أجد طريقة لنطق هذه الأسماء أو حتى تمييزها وتعليقها بذهني..
.
.
ياااااه يا بلدي كم أشتاق إليك، وإلى بساطتك وصخبك وألوانك وصوتك العالي، هنا لا يوجد أناس يتكلمون مع بعضهم في الشوارع، الكل يملك سيارات ولا أحد يمشي برجليه أو يستخدم حماره للتنقل، بل منعتني السيدة من أطلق بوق السيارة كما كنت أفعل دوماً..

أتظنون أن بوسعي تعليمهم انجليزي حتى يسهل التواصل معهم؟ أتظنون أن بإمكاني استيعاب شوارع هذه المدينة الكبيرة جداً التي تكثر فيها أعمال البناء والتحويلات؟ أتظنون أن بوسعي الإستغناء عن لذة البهارات وروعة الألوان والعيش في هذه المدينة الجافة؟
.
.
.

" كتابة حاولت أن تكون على لسان سائقي الهندي الجديد(عبد الغفار) الذي يكاد يصيبني بالجنون...لعلي أفهمه أكثر..."

الخميس، 1 ديسمبر 2011

رجعت الشتوية..(٦)


  • تغني فيروز خذني يا حبيبي عبيت مالو أبواب وأغني أنا معها ثم أتذكر أنني دوماً أدعو الله أن يرزقني بيتاً بشباك يدخله الضوء من كل مكان، بوسعي أن ألاحق  منه خط الأفق  وأن أنظر إلى الأعلى دون أن يحد نظري شيء ..ثم أقول لعل فيروز تقصد بيتاً بلا أبواب وبوابات ومزالج ومفاتيح وأقفال..

تعادلنا إذن.!
كلانا يبحث عن فضاء بلا حدود!
على ذكر فيروز ..لديها ٣ حفلات في بيروت منتصف شهر ديسمبر، سأكون هناك لمعرض الكتاب لذا عندما سمعت بأمر الحفلات دق قلبي بعنف، راجعت مواعيدها ، أقربها سيكون يوم رجوعي إلى جدة، قلت لعل بوسعي تأخير رجوعي ليوم واحد..ويكون ثمن تحقيق أمنية بيضاء كالسحاب تأخير السفر لعدة ساعات فقط..!
حادثت في لبنان من قد يساعدني في الحصول على تذاكر للحفلة لأنني سمعت أنها قد بيعت كلها وبدأ البيع في السوق السوداء..ووعدني أن يرد علي قريباً..
وعلى ذكر البيوت والشبابيك ، ذهبت صبح هذا اليوم لرؤية البيت الذي أخطط أن يكون بيتي إن أراد الله، بدأ رصف الأرضيات والانتهاء من الأشياء الأساسية، طوال تجولي كنت أغني أغنية فيروز :خدني حبيبي عبيت ماله أبواب.. 
.
.
.
اللهم حقق كل الأمنيات ...بأبوابها وشبابيكها!

  • استكمالاً للحديث عن الأجواء اللبنانية كنت البارحة في عشاء مع صديقاتي في مطعم لبناني أرمني له تراس جميل في الهواء الطلق، وبما أن الأجواء ساحرة هذه الأيام في جدة فقد كان عشائنا في ذلك التراس..
إحدى صديقاتي اقترحت أن نلعب لعبة، أن تحكي كل واحدة منا عن شيء تعلمته من كل واحدة من الصديقات الثمانية على مدى صداقة السنوات الطوال السابقة والتي أقصرها ١٥ سنة..
كانت لعبة حميمة استخرجت كثيراً من المشاعر التي لم نعد نتحدث عنها، جعلتنا نرى انعكاس صورنا في ثمانية عيون ، همست في آذاننا كم كبرنا وذكرتنا بالماضي الطويل الذي يجمعنا وبالوفاء الجميل الذي أبقانا معاً ..
.
.
.الأهم أنها ذكرتنا بأن لدينا جوهرة لا يمكن أن نقايضها بأي ثمن:  الصداقة...  


الأربعاء، 30 نوفمبر 2011

رجعت الشتوية..(٥)

لم أعد بعد ذلك اليوم..
وانتهى الأسبوع فجأة..ووجدت نفسي أدخل بيت ماورد أرتب بعض الفوضى وأكمل كوب قهوتي الغير مكتمل دوماً ، ثم أقوم زي الشاطرين لأبدأ بالعمل على بحث أعده للنشر..

الأسبوع الماضي كان مزدحماً ورأسي أيضاً مزدحم، ألم أقل أتيت هنا لأرتب بعض الفوضى..هذا تقرير عن أسبوعي:

  • يوم السبت الماضي سألتني إحدى طالباتي: أين الدكتورة نجاة؟ ألم تعد من أمريكا بعد؟ أليس المفترض أن تغيب سنة واحدة فقط؟
قلت لها: بلى، هي سنة اتصال علمي واحدة ولكنها عادت قبل أن تكمل حتى السنة، ألا تعلمون بأنها مريضة جداً؟
تحدثت مع الطالبة عن مرض الدكتورة الخبيث التي فوجئت وأخذت تدعو لها و تتحدث عنها بكل خير .
.
.
بمجرد أن عدت للمنزل ذلك اليوم حتى فاجئني ماسج من إحدى الزميلات ينعى الدكتورة نجاة والتي ماتت في الوقت الذي كنت أنا والطالبة نتحدث عنها..
رحمك الله يا دكتورتي وأسكنك فسيح جناته وجعل من طيب خلقك وابتسامتك وحبك للناس شفعاء لديه يوم القيامة

  • ذهبنا أنا وصديقتي أماني لمكتبة الملك فهد العامة صباح الاثنين كزيارة أولى لعمل قد نقوم به يتعلق بوضع معايير لاختيار الكتب والمساعدة في استكمال اختيار العدد المطلوب والكبير منها..
المكتبة جميلة، ورغم أن بها ورشة عمل ضخمة، لكني أستطيع أن أتخيل الأرفف والكتب والناس يروحون ويجيئون وفي يدهم كتاب وعلى وجههم ابتسامة وفي مخيلتهم حلم وداخل رؤوسهم فكرة..
أليس هذا ما تفعله الكتب؟
يارب تكون هذه المكتبة إهداء يليق بأهل جدة ورجالها الطيبين ونسائها المختلفات وشبابها العاملين وأطفالها الزهور..إهداء ينسيهم جرح مدينتهم ويعيد بناء ما احترق من ثقة وما غرق من حب..!

  • بعد انقطاع تواقة لمدة سنة وبعد انقطاعي عنها لمدة سنتين كان لقاء تواقة الأول للموسم الخامس مساء الإثنين كما اعتدنا في قاعة أندلسية العلوية، حضر اللقاء عدد كبير من العضوات اللذين شكلوا تواقة منذ الموسم الأول وانضم إلينا عدد بسيط من عضوات جديدات.
أيمكن أن يفعل لقاء ثقافي فكري قرائي كل ذلك؟
أجل كان حميماً، مفجراً للحماس، للطاقات ولحب الكلمة وتداعيتها من أفكار ومشاعر..
لن أتحدث عن تفاصيل اللقاء أكثر ففي مدونة تواقة ستكون كل الأحداث..
أنا فقط ممتنة للتواقات اللذين لولاهم لما كان لتواقة تلك الروح ، وممتنة للفكرة التي يمكن أن تنبت لها أجنحة وتحملنا إلى خارج الحدود والأسوار..

سأخرج الآن يا ماورد ، إذا كان لديك ضيوف قومي بالواجب ودعيني أعمل على هذا البحث الذي يهرب مني كلما طرقت بابه..

ملاحظة: لسبب مجهول لا أستطيع تحميل الصور للمدونة، ثمة خاطر شرير يقول لي: وماذا تريد منك ماورد ومن صورك التي غدت صفراء بائسة جافة مذ عدت من ليدز؟ عودتها على شباك مفتوح على الأفق والآن شباكك مغلق  بل ثمة أصوات لحفريات في الخارج..!
يغيظني هذا الخاطر..:-/ ويستفزني

السبت، 26 نوفمبر 2011

رجعت الشتوية..(٤)


  • لدي بالظبط ثلاث دقائق ثم علي أن أقوم مسرعة للعمل، محاضرة طالباتي تبدأ الساعة الثامنة لكني أبيت إلا أن أوقع على أول صفحة في سنتي الجديدة...
  • اممم... لا أحب يوم السبت، يصيبني بالريبة وأستيقظ متوجسة خاصة أن محاضراتي تبدأ منذ الثامنة وحتى الثانية ظهراً بشكل متواصل، لا يمنحني السبت فرصة كي أستقبل الأسبوع بطقوس حميمة...
  • مزاجي معكر، وأحاول جاهدة أن أهدأ وآخذ نفس عميق، والسبب كمبيوتري ماك العزيز الذي بات عند محل الكمبيوتر يومين وحين استلمته لا تزال توجد به مشكلة ترغمني أن آخذه ثانية لإصلاح ما لم يتصلح...:-(:-( متى؟ وأنا طوال اليوم في الكلية؟ وأحتاج الكمبيوتر لأداء أعمال ضرورية بعد الظهر؟
  • أوبس..انتهت الثلاث دقائق..وأنا لم أنته..مزاجي كتابة:-(

سأعود لاحقاً..مع السلامة

الثلاثاء، 22 نوفمبر 2011

رجعت الشتوية..(٣)


  • أشعر بالصمت في قلبي، وبالضجيج في عقلي، وبالارتباك في روحي..

أشعر أن ثمة غيمة تعيق رؤيتي، أود أن أتغلب على ضبابها وأصعد فوقها وأرحل إلى مكان آخر مليء بقصص الأميرات وشواطئ الجنيات..
أشعر بالحزن حين أسمع عن مدرسة براعم الوطن، وبالفوضى حين أمارس عملاً في الكلية، وبعدم الثقة حين أواجه تجربة جديدة، وبالإحباط حين لا أكون على قدر توقعاتي..
.
.
.   
بالمقابل...
أشعر بالغرق اللذيذ وأنا أقرأ القندس لمحمد حسن علوان، وبالطرب وأنا أسمع موسيقاي المفضلة، وبالاسترخاء حين أمارس اليوجا..
أشعر بالتحدي حين يغلق باب ما في وجهي، وبالحب حين أحادث صديقتي الجاردينيا، وبالسباحة في الفضاء حين أتلو أذكاري..
أشعر أنه لا بأس أن أكون أنا بكل عيوبي، وأنه لا ضير من أن أبلل أقدامي بماء الذاكرة ، وأنه لا مشكلة حين تهرب مني كلمات كان يجب ألا تقال..
.
.
.
أشعر بالهدوء حين أكتب في ماورد...!

  • كنت أحسب ألا أحد يقرأ ماورد، وأنني أكتب لنفسي فقط وللقليلات العزيزات اللذين يردون علي أحياناً، وأقول لنفسي: من يأبه بك يا ماورد؟ وأنت لست إلا يوميات لا تهم أحداً لشخص ما يعيش في هذا الكون

كنت أحسب ذلك حتى قابلت إحدى صديقاتي في الكلية واكتشفت أنها من متابعي ماورد...!
قالت لي: أليست مدونة منشورة؟ ماذا تتوقعين إذن..؟
قلت لها: لا أدري، بيت ماورد هو دفتري الخاص...
أعرف أنها فكرة حمقاء خاصة أن بيت ماورد على الفضاء ، رغم ذلك فأنا أتعامل مع هذا المكان كدفتر خاص غير مسطر يترك فيه بعض العابرين اللذين يمرون توقيعهم و بقايا أكواب قهوتهم ...  

  • هل أشارك في تأسيس مكتبة الملك فهد العامة؟ هل ثمة مكان لي بين رفوف المكتبة وغبار الكتب؟ هل أصدر سي دي صوتي مع الطبعة الثانية من كتاب الأرجوحة؟ بما أنني سأصدر قصة رومي قريباً وستكون نشراً خاصاً ، هل أبحث عن شراكات في موضوع النشر؟ هل سيكون ذلك أقوى؟ هل سأوفق إلى نوع مرضٍ من التعاون؟ متى سأبدأ بموضوع نشر أبحاثي التي هي مكتوبة أصلاً؟ هل أنشرها بالعربي أم بالإنجليزي؟ هل أذهب إلى معرض الكتاب في بيروت منتصف شهر ديسمبر لتقديم ورقة عمل كنت قد ارتبطت بها؟ هل لدي ما يستحق التقديم؟ هل لبنان آمنة هذه الأيام؟ هل أكف عن طرح الأسئلة؟ أهذه طريقة في التفكير أم أنها طريقة للتخلص من عبء التفكير؟ هل أصمت؟

الخميس، 10 نوفمبر 2011

رجعت الشتوية..(٢)


  • اليوم خميس...

فتحت شباكي ، لم أشعر باختناق من الحر..
ورغم أنه لا يوجد منظر أطل عليه إلا أن الشمس تتسرب من ستائري الوردية بدلال تاركة عنها وقاحتها المعتادة لتضيئ غرفتي بشعاع لطيف محرضة لي أن أتجاهل ما كنت أريد أداءه من عمل وعيش آخر خميس في الإجازة..
في كتاب بيكاسو وستار بكس يحرضنا ياسر أن نعيش اللحظة ونشاركها من نحب وأن نعطي إجازة لقوائمنا المعدة مسبقاً...
ها أنا أفعل ذلك اليوم وأمد لساني لقوائمي، أستلقي وأسترخي وأستعد مع عائلتي لرحلة بحرية في أحضان الأحمر المفتوح...  



  • صباح اليوم كنت أتفرج على فلم The holiday وهو فلم قديم قد شاهدته قبلاً..

تذكرت كيف قررت بعد مشاهدتي لهذا الفلم أن أرحل وأغير عنواني وأغيرالجامعة والوجوه وطقوس الحياة اليومية وفصول السنة..
تذكرت كيف اشتهيت أن أعيش في منزل حجري قريب من الريف البريطاني ، وكيف تمنيت أن أجرب اللحظات الأولى من سقوط الثلج وبزوغ الربيع، وكيف أردت أن أصادق أحداً ذا لهجة بريطانية لا ينطق الراء.. 
.
.
هل علي أن أقول أنني طوال مشاهدتي للفلم اليوم كنت أبتسم وأنا لا أصدق كيف يمكن أن نرسم أحلامنا بهذه الدقة ويكون الله أكرم الأكرمين ويحققها ويفاجئنا ويعلمنا درساً أن علينا الحلم ثم التخطيط ثم العمل، وأنه معنا في كل خطوة إلى أن نبتسم رضىً؟
.
.
يا للرضى...



  • هناك انفلونزا خفية في حلقي...

أقاومها منذ الصباح...
يا ربي...ما أبغاها:-(
صحيح أنني اليوم مستلقية لا أفعل شيئاً..بس الأسبوع الجي ما عندي وقت أمرض:-(


اللهم خذ هذ الفايروسات الصغيرة من حلقي وزلزلها وأبدها وانصرني عليها..

الأحد، 6 نوفمبر 2011

رجعت الشتوية..(١)


  • الجو جميل في جدة هذه الأيام، وكأن هذه النسمات تواطئت مع العيد تحمل همسات من كل مكان: إنه العيد، توقفوا عن التفكير والعمل وممارسة ما كنتم تفعلونه كل يوم، مارسوا أي طقس مختلف، احضنوا ابنائكم وقبلوا أيادي آبائكم...

وأنا أمام هذه النسائم وهذه الهمسات أفتح قلبي وأتركها تعيث فيه حباً كيفما شاءت..
شتاء جدة على الأبواب؟
كم تتكرر الأشياء كل عام ولا نملها..
رجع العيد..ورجعت الشتوية

  • هنا الجو جميل، لكن فيروز تقول:

رجعت الشتوية 
شتوية وضجر وليل وأنا عم أنطر على الباب..
يا حبيبي الهوى مشاوير
وقصص الهوى متل العصافير..
.
.
هل عاشت فيروز شتوية ليدز ؟
هل كانت معي في مشاويري القصيرة والطويلة؟
هل سبق وأن جلست معي حول الموقد وتجاذبت معي قصص الهوى؟
.
.
لم تغني إذن بما يصيبني بالشجن :
رجعت الشتوية..
ألا تعلم أن الشتاء سيعود وأنني لن أعود؟





  • الشتاء في كل مكان انتهاء..

واستعداد للبزوغ من جديد..
الحج يشبه الشتاء: أبيض نقي يصيب القلب بقشعريرة دافئة..
يساقط عنا كل الأوراق والملابس ، ويجعلنا نفكر في أنفسنا بعيداً عن أي شيء..
يقربنا من نور الله الدافئ ويهمس لنا : ستولدون من جديد كما يولد الورد وورق الشجر ..
دورة الحياة تنتهي بداية الشتاء وتبدأ في نهايته، ودورة الروح تتجدد في الحج..
كلاهما يأتي بعام جديد وحلم جديد وفرصة لعمر جديد..
كلاهما يرجع في آخر العام.. 




.
.
.
رجعت الشتوية

الأحد، 30 أكتوبر 2011

هنا جدة..(٢٠)



  • لا شيء مهم..إنها ثرثرة صباحية فقط وأنا ما زلت على السرير ..


كسولة وبودي لو أنام أكثر، أشبه ذلك الميت المصبر الذي كانت تحكي عنه أمي دوماً..
مسكييييين..في خيالي هو "خيال المآتة" أو "الفزاعة" أو "بولدي" الذي يقف في وسط الحقول منكساً مصبراً بعمود خشب كي يضيع وقته في ...إفزاع الطيور الغبية التي تظنه..حقيقي..


أعمالي تتراكم وأنا لا أريدها أن تجرفني ككرة الثلج..
في نفس الوقت أنا غير راضية عن مستوى أدائي "في الحياة" منذ أن عدت لكن......لحظة........
.
.
تلفون....


ألو..ألو...أجل أهلا دكتور..كنت انتظر اتصالك منذ الأسبوع الماضي..أجل أجل..المقترحات جاهزة .....................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................................
.
.
.
.



  • أيقظني الحنين منذ الصباح...


عاث في قلبي، حكى لي قصة بعد النوم..شرب معي قهوة ..
وتركني أستمع لأغنية "أنا عندي حنين مابعرف لمين"..
حين دار الحنين ظهره لي راحلاً كان يلحق به سؤال صغير ، لم أرى وجهه لكنه فجأة استدار نحوي ومد لسانه مشاكساً: ماذا تفعل ريم صباح كل يوم في غرفتك على سريرك، وسائدك ، لحافك أمام شباكك الذي تركته هناك؟
رميت السؤال بالمخدة وأنا أقول: هل جننت؟ إنه لم يعد بيتي ولم تعد غرفتي ولا شباكي ولا سريري بعد الآن... 


.
.
.
.

  • ما فات كانت كتابات وتدوينات غير مكتملة أبدأها في ماورد ثم لا أكملها لهاتف مفاجئ أو لمزاج لا يريد أن يكمل ما بدأه أو ربما لأي سبب آخر...لكنني أعود دوماً يا بيت ماورد ولا أقطع الحبال حتى لو لم أجد ما أقوله...

ما أوفاك يا بيت ماورد..
وما أرحبك ، وأدفئك...
منذ ١٣ يناير ٢٠٠٨ وحتى ٣٠ اكتوبر ٢٠١١
مئتان وثلاثون تدوينة، وخمسمائة وأربعة وأربعون تعليق...
وكم لا ينتهي من دموع وضحك. غناء ونوم، شعر وأغان ، تجارب وقصص، نجاحات وخيبات، وأخيراً صداقات روح وقلم لا أقايضها بشيء...


هل هناك من يترك حياته المزدحمة والجدية كي يأتي ليتجاذب أطراف الحديث والبوح والقهوة مع ورد تقاطر ماؤه وجنيات لم تنس كيف تطير؟ هل ثمة من يسطر حياته ويحولها إلى كلمات سابحة ومسافرة في الفضاء؟ هل ثمة من جرب أن يسكن بيتاً من كلمات وجمل؟ هل هناك من يعرف لذة الكسرة النائمة والضمة الدافئة ودهشة التعجب ومشاكسات الاستفهام ؟
ترخي ماورد أهدابها وتنظر إلي  بعيون رحيمة وتقول: أنت لا تكتبين كل كل شيء!
أقول لها : قليل الذي لا أكتبه، قليل جداً، إنه ذلك الذي لا يتعلق بي وحدي، لكن بالمقابل كل ما أقوله حقيقة، حتى لو لم أقل كل الحقيقة...


"هنا جدة" رقم ٢٠ والأخيرة...تخيلوا أنا في جدة منذ شهرين ونصف فقط، وهي تبدو كأنها دهراً كاملاً لكثرة ما مر من أحداث على المستوى الشخصي والعالمي..
قبل شهرين ونصف فقط كنت أودع منزل الأقزام السبعة وألم نفسي وأغراضي وأغير عنواني...


تتغير عناويني يا بيت ماورد، وأنت عنواني الذي لا يتغير!!!!





الأربعاء، 19 أكتوبر 2011

هنا جدة..(١٩)


  • قلت لصديقاتي: يوم الجمعة يوم إجازتي..ليس لدي محاضرات ولا أي أعمال إدارية..وأتمنى أن لا أدعى لأي اجتماع.

سأبقى في المنزل،،ربما أؤدي بعض الأعمال وربما حتى أجعله يومي المفتوح دون أن ألزم نفسي بأي شيء..
كان الجميع ينظر إلي باستغراب ولسان حالهم يقول: كلنا الجمعة يوم إجازتنا، وليس لدينا محاضرات ولا التزامات..ومن سيدعوك إلى اجتماع يوم الجمعة؟!!!
طبعاً فجأة أطرقت ، وكشرت، ثم غرقت في ضحك هستيري، وقلت لهم : أقصد الأربعاء الموافق الجمعة على تقويم أيام الأسبوع البريطاني...
يا رب
يا رب
رتّب أيام الأسبوع في مخي على حسب تقويم كل بلد ...!!!!
تذكرت كم عانيت من هذه المشكلة حين كنت في بريطانيا، وتذكرت كم هي الأيام في عقلي ليست مجرد أسماء بل مساحات لممارسات ومعان  ...


  • هجمت على أبيات الشعر القديمة تلك ليلة البارحة،،لا ليست الأبيات ، فلم أعد أذكرها ، ولكن معانيها وقصصها والمشاعر التي كانت تثيرها في في أيام بعيدة، وما بين تلك الأيام وما بين البارحة أكثر من ٢٥ عاماً ، ما بينهما لم تمر علي ولا قصيدة شعر واحدة باسمه...

دعوني أبدأ القصة من البداية : حين كنت على أعتاب المتوسطة جاء لأبي ديوان شعر باسم الشاعر عبدالمحسن حليت مسلم، المختلف أن الديوان كان به إهداء وتوقيع من الشاعر، ولأنني كنت بالصف الأول المتوسط ولأنني كنت أظن أن الكتاّب كائنات لا تشبهنا تعيش على كوكب آخر فقد تعاملت مع هذا الكتاب بأنه شيء مختلف ، استأذنت من أبي أن آخذ الديوان، وكنت كل أربعاء أجلس في غرفة المكتب أحفظ أكبر قدر ممكن من الأبيات استعداداً للمساجلة الشعرية التي كانت تجرى في المدرسة كل سبت، أثناء حفظي كنت أهيم بالقصائد، أغنيها تارة، أحذف بعض الكلمات تارة أخرى وأبقي على القافية وأكتب أبيات مضحكة ، أقلب الديوان وأتأمل صورة الشاعر في أحيان كثيرة وأقرأ سيرته الذاتية التي حفظتها أيضاً..
انطوت هذه الذكرى مع ذكريات الطفولة لكن ظل اسم عبدالمحسن حليت كشاعر تحدثت معه وتعاركت وتناقشت وغنيت وغفوت على صفحاته كثيراً.
البارحة ذهبت إلى النادي الأدبي لحضور أمسية تكريم للكاتب الجميل رحمه الله محمد صادق دياب صاحب كتاب "جدة" الذي أحب وصاحب كتب ومقالات أخرى كنت أتابعها ، كان مريضاً وفي إحدى مستشفيات لندن في الفترة التي كنت فيها هناك، وكنت أخطط أنا وصديقتي أماني أن نزوره ولكن المنية وافته قبل أن نتم ما فكرنا فيه..كنت قد قرأت ذات مرة أن عبد المحسن حليت صديقه الحميم فعاد الإسم إلى ذاكرتي وابتسمت.
البارحة في الأمسية ظهر الشاعر عبدالمحسن كمفاجئة إذ أنه لم يكن ضمن برنامج المتحدثين لكنه تحدث وحكى وألقى قصيدة شعر وبكى وأبكانا، حكى لنا كيف أنه قبل وفاة محمد بعشرين يوماً تقريباً في لندن كان لدى الطبيب وقد أخبره بأن صديقه قد تدهورت حالته الصحية وأنه لن يعيش أكثر من ٣ أسابيع على الأكثر، أخبرنا كيف خرج من عند الطبيب منكسراً مهزوماً حزيناً وكيف عاد إلى فندقه وكتب قصيدة رثاء وصديقه ما زال حياً..تلك القصيدة التي لم يقرأها لأحد قبلاً..
وقرأها ليلة البارحة..

يا للقصيدة..!!!!
.
.
ويا للحزن!!
.
.
وياللصداقة!!.
.
.
ويا للشعر!!

ويا للصدفة أيضاً..!!
كيف استطعت يا شاعري القديم أن تجمع كل ذلك معاً...في ليلة واحدة،،وبصوتك؟
نفَسك الشعري الذي أعرفه؟ لغتك الجميلة..مشاعرك التي تضاعفت عشر مرات لأنه صديقك الذي يعرف الجميع كم يعني لك..
كيف استطعت أن تضعنا في مواجهة كل ذلك الزخم معاً..

كيف استطعت أن تجعل وداع كاتبي الذي أحب لقائي بك أنت في هذه الأجواء التي تشبه ليلة ممطرة في جدة؟

لم أشأ أن أتحدث معك البارحة،،ولم أشأ أن أهتك خصوصية غلالة المشاعر الغريبة التي انتابتني..ولم أشأ أن اكشف لك أن امرأة من الجمهور كانت ذات يوم فتاة صغيرة تحمل عنك هذه القصة التي قد تراها أنت مضحكة...!
.
.
فقط...شكراً لأنك ظهرت بعد كل هذه السنوات هذا الظهور الدرامي الجميل...!
وشكراً لمحد دياب أبو البنات الذي يظل كل ما يتعلق به جميلاً..حتى بعد موته...!



الجمعة، 14 أكتوبر 2011

هنا جدة..(١٨)

إنها رحلة الثمانية وأربعين ساعة..رحلة أكواب القهوة التي لم أنه منها كوباً واحداً أبداً..رحلة الحقائب الممتلئة كتباً والتي عجزنا أنا وصديقتي هناء أن نحملها فحملها لنا أشخاص مجهولين قابلونا في المطار والطائرة وباص المطار..رحلة التوقعات التي بطلوع الروح استطعنا أن نجعلها إيجابية بنسبة ٥٪ ..رحلة الرجال الغير سعوديين واللذين اكتشفوا أن للمرأة السعودية شكلاً ولهجة أخرى ..رحلة أجندة اجتماعنا أنا وهناء الذي لم ينته بعد..رحلة فن تحويل الصدمات إلى قهقهات ودهشات..إنها رحلة الرياض للمشاركة في الملتقى الدولي الأول لثقافة الطفل..سأكتب بعض المشاهدات فقط،،وسأحاول أن ألتقط الإيجابيات أيضاً كما يلتقط الحب من وسط العشب:

  • سأعطي درجة صفر للتنظيم، ولا يدرك معنى ذلك إلا من حضر بنفسه ورأى. كل الحضور والمتحدثين من داخل المملكة وخارجها وأصحاب دور النشر كانوا مستائين ، كل المحاضرات والندوات الجماهيرية كانت بلا حضور، لم يكن أي شيء في موعده، ولم يكن هناك دعاية وإعلان كافيين، لم يكن الحدث أبداً على مستوى اسم الحدث أو على مستوى ضيوفه وكان هذا بالنسبة لي شيء مؤلم خاصة أنني كنت قد سمعت عن البرنامج فقط لكنني فوجئت به على أرض الواقع، الحديث كان شيئاً والتنفيذ على أرض الواقع شئ آخر تماماً لا يشبه ما سمعت عنه أبداً، لم أكن أستطع أن أنأى بنفسي وبإحساسي عن كوني سعودية وهذا الأمر يقام على أرض سعودية ويمثل المشهد الثقافي السعودي أمام إخواننا في العالم العربي..كان بجد إحساساً مؤلماً..وطوال الرحلة كنا أنا وهناء نتناقش نقاشات حارة لمعرفة ما السبب ولماذا ومن الغلطان..الوزارة؟ فريق التنظيم؟ العقلية التي تضع ثقافة الطفل في مرتبة دنيا؟ البيروقراطية التي تصعّب كل ذلك؟عدم وجود شراكات منظّمة تنفذ الحدث؟ التقليدية في العمل؟ سوء الإدارة؟ الإنغلاق ؟ ربما كل ذلك معاً ؟ والسؤال : لو كانت إحدانا وزيرة هل سيكون بوسعها أن تغير شيئاً؟ وحتى وصولنا لأرض جدة ونحن لا زلنا نناقش هذا الأمر.


الخمسة في المئة الإيجابية جاءت من مقابلتنا لأشخاص مهتمين في نفس المجال، وهذا عادة يمثل جانباً مهماً ووضيئاً في مثل هذه الملتقيات:-
  1. أول الشخصيات كانت الكاتب عبدالتواب يوسف وهو كاتب مصري في الثمانين من عمره له إنتاجه الكبير في مجال كتب الأطفال ، كتب قصص أطفال وكتبَ كتب عن أدب الأطفال ، ربما له مدرسته الخاصة والقديمة في كتب الأطفال والتي ربما قد تكون غير مناسبة للعصر الحالي لكن عمره وتجربته كانا مبهرين. كان يتحدث عن أحداث قديمة وكأنه يقلب في كتاب تاريخ ، وحين كنا نحدثه كان لا يفهم لهجتنا بسهولة ولا يسمعنا بسهولة كذلك لأن سمعه ثقيل بحكم عمره ..حصل على جائزة الملك فيصل قبل أن أولد وجائزة بولونيا لأدب الأطفال وجوائز أخرى كثيرة..رغم ذلك كان يبدو شخصية بسيطة قادمة من بيت مصري بسيط ، ركب معنا في السيارة وكان يحكي لنا عن جدته وكيف استلهم من حكاياتها أول قصة كتبها ، ثم تعارك مع السائق النوبي والذي كان يصر على أحقية النوبيين في حكم مصر بحكم ما قدموه لمصر منذ الفراعنة وأمام هذا الدرس التاريخي الحي كنا نسمع أنا وهناء مندهشتين ضاحكتين. 
  2. قابلنا وليد طاهر صاحب قصة النقطة السوداء. رأيناه في البداية من بعيد في الملتقى باعتبار أن لديه حفل توقيع لقصته الجميلة جداً والفائزة بجائزة "إتصالات"..أخذ يتجول على غير هدى لعدم وجود أي أحد ليقوم وليد بالتوقيع له، حين نزلنا لمقابلته كان قد أصيب بخيبة الأمل وبالملل وعاد للفندق، قابلناه في اليوم الثاني على الإفطار ووقع لنا نسخنا الخاصة واعتذرنا منه وقلنا له جدياً أن ذلك لا يمثل كل المهتمين السعوديين بأدب الطفل..أخذنا منه وعداً أننا لو دعوناه لجدة فإنه سيأتي وسينسى تجربته التي مر بها في الرياض، القصة جميلة ، وهي تجعلني أفكر ثانية: لمن تُكتب قصص الأطفال؟ للأطفال فقط؟ إذن لماذا تعجبني بعض قصص الأطفال أحياناً إلى هذه الدرجة؟ لماذا أقرأها برؤية أخرى وأفهمها وكأنها تخاطبني؟ لماذا أشمها وأقبلها وأضمها بحنان وأحتفظ بها في مكتبتي الخاصة لو أعجبتني؟ لماذا أحرص على تجميع توقيعات كتابي المفضلين كهواية تجميع الطوابع والعملات؟
  3. قابلنا شخصيات أخرى مهتمة بأدب الأطفال ، تبادلنا الحديث ..والحديث..والحديث..والحديييييث..ولا شيء آخر غير الحديث والبزنس كاردز .....
  • عُرضَت قصتي "فاطمة الحالمة" في إحدى ورشات العمل كنموذج كانت تعمل عليه المدربة وبالمصادفة كنت أحضر الورشة، بعد أن قرأت المدربة القصة بصوت جميل وبخلفية موسيقية وبعد أن تناقش البعض حول القصة قامت أحدهم من وزارة التعليم وقالت أن لديها اعتراض على القصة من جهة عقائدية: قالت أن بالقصة خيال "غير موجه" ولا ينبغي أن نعلم أطفالنا وأن نشجعهم أن يطلقوا خيالهم إلى هذه الدرجة ....
لم أستطع الصمت سألتها: كيف يكون الخيال موجهاً إذن؟ وما دخل ذلك بالعقيدة؟ ولماذا ما زلنا نحجم خيال الأطفال؟ قام أحد المدربين المستضافين واسمه الأستاذ يوسف سعادة وهو أردني يعمل في اليونسيف وقال لها : إلى متى نحجم خيال أطفالنا ونخفض سقف خيالاتهم؟ وكيف كانت فكرة الصعود للقمر ؟ وكيف كانت فكرة الآيباد؟ والإنترنت؟ والطائرة وغيرها من الاختراعات ؟ ألم تكن في لحظة من اللحظات فكرة مغرقة في الخيال؟ ألم يأت الوقت لنحطم هذا الفكر المقولب الذي يتبع حكوماته ويقتل الإبداع والخيال ويحطم أي بذرة للإختلاف؟ حزززززززنت جداً وقتها ليس لأنها قصتي والله، بل لأنها سيدة تعمل في حقل التعليم وبيدها مصير أبنائنا وتفكر بهذه العقلية.... 
.
.
.
.

الآن أنا أشرب قهوتي...وأنهي الكوب إلى آخر قطرة!!!!
جمعتكم مباركة:-)



الثلاثاء، 11 أكتوبر 2011

هنا جدة..(١٧)


  • لن أكتب اليوم. فمزاجي ليس مواتياً ..
  • ما زلت أحاول رشوة الصباح، هذه المرة بدلاً من قهوة وسكونز، جربت قهوة وتميس بالجبنة..امممم..لسه ،لم يأتني الصباح صاغراً بعد..!!!
  • حاولت يا حمامة أن أجعل مكالمتك جزءا من طقوس الصباح وأنا أعلم أنك تستيقظين مبكراً لتأخذي ابنك الصغير للروضة، لكن لك قدرة عجيبة على الذوبان والتسرب والاختفاء والاختباء ، لنبق كما كنا إذن،،أنا مسافرة وما زلتُ في ليدز، وأنت هنا في جدة وكل بعد فترة وحين تهب عليك بالصدفة رياح الشوق تبعثين لي ماسجاً وتقولين: يلا تعالي، متى ستعودين إلى جدة؟ وحشتيني هنا!!!!
  • لا أدري لماذا منذ عدة أيام وأنا أفكر في قصة السيد عادي والذي تزوج السيدة عادية ثم أنجبوا عادية وعادي صغار وعاشوا حياة عااااادية وماتوا عاديييين...!!!إنها أكثر قصة أكرهها في الحياة لكنها تلح علي هذه الأيام لسبب ما..!!!!
  • رومي....روووووووومي...رووووووووومممممممممميي..أجل أنا أصرخ ..عندما تصلين وتشرّفين بالسلامة ..سأمصع لك أذنك وأقرصك قرصة من قرصات أمي المشهورة..كم مرة قلت لك أنني لا أحب التأخر خارج البيت  وخارج الورق لهذا الوقت المتأخر مهما كانت الأسباب؟ كم مرة؟!!!!
  • يا بيت الأحلام...لماذا سموك بيت الأحلام؟ متى تنزل من عليائك؟ أنا أرى نفسي أدخل من بابك كل يوم وأجلس في غرفتك المتسعة المطلة على المسبح وأغلق الشبابيك والأبواب لأن رائحة الشواء أزعجتني، لا ، لم أتخيل غرف النوم في الدور الثاني بعد..هل علي أن أفعل ذلك؟ أهو جزء من الاتفاق؟
  • "أروى" أنت أيضاً حلم ما سيولد عما قريب بهذا الإسم ..صح؟ يا رب ألهمني الصبر قبل أن أتحول إلى السيدة "عادية"
  • تعالي هنا يا "فاطمة الحالمة" يبدو أنني سرقت من  كيس أحلامك الكثير ..أتذكرين حين قلت لك أنني لا أملك أحلاماً ولا أجنحة؟ حسناً ..لأعترف،،أغرقني كيسك الملون الآن، أحتاج أن تساعديني في توزيع الأجنحة ، فما لدي من أحلام أكثر من أجنحتي،،هيا تعالي لنرسم الأجنحة وريشها ونلونها ونزينها ونتأكد أن لكل حلم جناحين ، ثم نقف على تلك التلة المخضرة ونرقبهم وهم يطيرون..أليست تلك لحظة رائعة ؟ حسناً لنرى ..اممم هناك أربعة أحلام شبه مرسومة ..ونحتاج ثمانية أجنحة ،سأخبرك لحظة يمتلك كل منهم جناحين وينطلق..اتفقنا؟ :-) 
  • حرية وصديقة الرحيل..
قمت بما وعدتكم به..وجئت بالربيع في بيت ماورد بعد الخريف وقبل الشتاء..
أنا حرة صح؟ حتى لو بعثرت الفصول وأعدت ترتيبها كما أشتهي..
ألم تذكرك ورودي يا حرية بالربيع العربي؟:-)
ألم تذكرك ورودي يا أماني بوردة الربيع الحمراء الفسقانة؟ :-)
  • قلت أنني لا أريد أن أكتب اليوم....هل كتبت؟ 
.
.
.
لا لم أكتب!!!



الأربعاء، 5 أكتوبر 2011

هنا جدة..(١٦)

كنت تخبرينني البارحة عن صديقتك - والتي أمها صديقتي أيضاً- وكيف أن أمها تقوم بنزع سماعات الهدفون منها إذا كانت تستمتع إلى الأغاني إذ أنها كما تقولين صارمة جداً في هذا الأمر
تعجبت..فأنا أعرف صديقتي- وقلت لها: أتعنين أنها لا تسمح لابنتها أن تسمع الأغاني لأنها حرام؟
صمت للحظات ثم قلت: لا أظن لهذا السبب..لكن لأنها "غير مناسبة" كما تقول..
.
.
ولأنني أعرف صديقتي جيداً ولأنني أعرف نوعية الأغاني الأجنبية وفيديو كليباتها المستحيلة التي يتفرج عليها مراهقي ومراهقات هذه الأيام أدركت معنى كلمة "غير مناسبة" ....
رغم ذلك، لم أكن متأكدة إن كان المنع هو الطريقة المناسبة لأن صديقتك كما تقولين "مركّزة" في إيجاد ألف طريقة وطريقة لمتابعة كل جديد في هذا المجال..
أخذنا نتحدث أنا وأنت، وقلت لك أستطيع أن أتفهم وجهة نظر المنع والتي هي فقط بغرض حماية ذوق صديقتك وأخلاقها، أخبرتك أن الأغاني نوع من الفنون وأن الفنون وجدت للإرتقاء بأذواق الشعوب وأنه لا رقي ولا ذوق في هذا النوع من الأغاني الأجنبية ذات الكلمات والصور المغرقة في الجنس والعنف..قلت لك ..لا أفهم أبدا كيف يمكن أن يكون ذلك نوع من أنواع الجمال الذي يهذب الروح ويرقى بها...والغريب أنك وافقتيني جداً..
في ذات اليوم ..خطر على بالي خاطر بعيد من عمق الذاكرة..وجدتني أدندن بكلمات تقول: "بكرة إنت وجاي" كنت كمن ضبط نفسه يرتكب جرماً جميلاً، أسرعت للعم جوجل..وحصلت على كنز صغير مخبوء في درج من أدراج ذاكرتي البعيدة..كانت أغنية فيروز الجميلة جداً:

لهذه الأغنية قصة: هي جزء من مسرحية غنائية قديمة اسمها "الشخص" ، هذه المسرحية أعطاني إياها أبي وأنا في الابتدائية ، أذكر حين تفرجت عليها لأول مرة ، وكيف توالت المرات والدهشات بعد ذلك، كيف حفظتها وغنيت مع كل أغنية ورقصت مع كل دبكة وأنا أربط المناديل الملونة ، هذه الأغنية بالذات تقول فيها الفتاة الحلوة صاحبة عربة الطماطم وهي تغني: 
بكرة إنت وجاي رح زيين الريح
خلي الشمس مرايي والكناري يصيح
وجمع ناس..واعلي أقواس
وبكل شارع أضوي حكاية....

وتستمر كلمات الأغنية وإدراكي الطفولي يتشربها ويتصور ذلك الشخص الذي تنتظره تلك الفتاة ليصبح فيما بعد قيمة أو شعوراً أو شيئاً خفياً أنتظره طوال عمري وأعيش عليه أخلع عليه كل تلك المواصفات الخيالية المستحيلة (رايتك منصوبة والذهب ميزانك) التي كانت الفتاة الحلوة بائعة الطماطم تتغنى بها..
اكتشفت في تلك المرحلة فيروز وموشحاتها الأندلسية وعن طريقها اكتشفت : يا من حوى ورد الرياض بخده..ولو كان قلبي معي ما اخترت غيركم..اكتشفت الشعر العربي وجمال الكلمة العربية..عنترة بن شداد ، زهير بن أبي سلمى ، المعلقات ، وكانت فترة قراءة ثرية وملونة ومفعمة بالخيال وأنا لم أبلغ المرحلة المتوسطة بعد..
هذا تماماً ما كنت أقصده حين كنت أقول أن الفنون والشعر والموسيقى تعلم الإنسان مصادر أخرى للجمال في الحياة...تثري الذائقة وتنميها..
في ذات اللحظة سألتني ابنتي وهي تذاكر بتأفف: لماذا ليست اللغة العربية بجمال الإنجليزية؟ هل هناك غير كلمة جميل ورائع لوصف أي شيئ يعجبك كما تتعدد الكلمات في الإنجليزية؟

أغمضت عيني وأسقط في يدي ولم أرد!!!!!!! 


الأحد، 2 أكتوبر 2011

هنا جدة..(١٥)

البارحة في منتصف الليل هجمت علي الأحلام، الرؤى، الرسائل من عقلي الباطن أو لعلها من مكان آخر ، وأنا أؤمن بذلك كثيراً:

  • اجعلي لنفسك شعار لهذا العام ورؤية واضحة..بناتك أيضاً يحتاجون لذات الفكرة كي يسهل اندماجهم في الحياة بعد العودة.
  • الناس والأصدقاء لا يحبون فترات الضعف، مارسي ضعفك وحدك وشاركي قوتك من حولك.
  • لا تتشككي ولو للحظة في قيمة تجربة العامين التي مررت بها، فإن لم يكن هناك مجال للإستفادة المباشرة منها في مجال العمل يكفيك ثرائها الروحي والنفسي.
  • نجاحك ليس فشلاً للآخرين والعكس..كل خلق لما هو ميسر له..
  • أداء الأعمال الصغيرة اليومية هو رصف لطريق طويل بشرط أن تكون هذه الأعمال مهمة وليست مستعجلة.
  • لا تبددي ثروة الهدوء النفسي العميق التي حصلت عليها. كم يبدو هذا سهلاً في وسط هذه الضوضاء المشتتة.
  • ألم تكتشفي جمال "المصادر الأولية" للشعور بالرضى؟ تمسكي واستمتعي بها وضعي قائمتك الخاصة..



الجمعة، 30 سبتمبر 2011

هنا جدة..(١٤)







مخي يفكر باللغة العربية الفصحى . مخي يكتب وهو نائم . أريد جهاز توصيل كتابة مباشر بمخي . الساعة الآن التاسعة صباحاً. رائحة القهوة طازجة ومغرية. سأصاب بصداع القهوة لأنني لن أتناولها صباح اليوم . لا يوجد غرف في قسم عمليات اليوم الواحد . سننقلك إلى الطابق الثاني . خالتي لماذا أتيتِ؟ الموضوع لا يستحق . عروقك صغيرة جداً وسيئة . يداي مزرقّتان من وخز الإبر . تسألني الممرضة: ماذا تعملين وهل قضيت عمرك كله في جدة؟ وأنا أحاول أن أجد رابطاً بين جوابي وبين ملفي الطبي في هذه اللحظة. خالة حماتي التي توفت اليوم في المدينة امرأة مسالمة جداً. تذكرت شعرها الأحمر وبهارات الأرز الكابلي التي كانت تتفنن في تجميعها وبيعها . شعري مغطى فقط بالقبعة الزرقاء وهم يسحبونني على السرير في أروقة المستشفى . سألتني الممرضة إن كنت أريد أن أغطي وجهي بالشرشف فتذكرت الجثث الهامدة . لماذا أنتظر أكثر من نصف ساعة في أحد الممرات إن لم تكن غرفة العمليات جاهزة؟ . هجمت على فلسفة الموت والحياة . ما قيمة الحياة؟ هاهي ستي خديجة توفت ولم أستطع أن أذهب لعزاها في المدينة وحين كانت مريضة لم أزرها . قولوا لي ثانية: الإنسان أثمن في الحياة أم حين يموت؟ الإنسان يُذكر بإنجازاته أثناء حياته أم موته؟ ماذا إن لم يكن لدى الإنسان إنجازات؟ سيذوب كما يذوب عصير التانج؟ ماذا سيستفيد ممن يذكروه؟ لماذا تذكرت فجأة غازي القصيبي؟ لماذا لم أقرأ منذ مدة قصيدة شعر عذبة له؟ أهذا هو معنى الذكرى والإنجاز والأثر؟ أنا أحبه فهل معنى الإنجاز أن يظل تأثيرنا في الناس بعد أن نموت؟ ما زلت هنا انتظر على السرير في أحد الممرات . استهتار. سيقلق زوجي وسيظن أنني طوّلت في العملية . إنها أكبر مستشفى خاص في جدة. يا للفوضى ! هي ليست عملية هي أبسط بكثير . لماذا تسألني أخصائية التخدير عن نوع التخدير الذي أفضله بدلاً من الرجوع لملفي؟ حين قرأت الملف قالت: لاشتباه إصابتك بمرض.......التخدير الكلي أفضل . تذكرت المتهمين المشتبه بهم . ....................................لخخخخخخخبطة فاتني موعد المستشفى ...تأخرررررت...أنا منزززززعجة...استيقظت أتأوه . لم أفرق بين الحلم والحقيقة. ياللسعادة حين اكتشفت انني كنت أحلم.  الحقيقة : لقد انتهيت. أنا أتألم جداً. لم أرى الدكتورة. لا أعرف ماذا حصل. لا أعرف عند أي نقطة أنا. هل تغدى الأولاد في البيت؟ هل بقي شيء من الفرموزة لخبزها مع الرز البخاري أم فقط كان الغداء رز بخاري وحده؟ أنا جائعة. ضغطي منخفض. سنأخذ عدة قراءات للضغط حتى يستقر ثم نأخذك للغرفة. في الممر وأنا على السرير سمعت من يسأل عني ظننت أنني أحلم . إنها ابنة خالتي الطبيبة ومعها خالتي . مشت معي وقبلتني أو أنه يهيأ لي . شكلها جميل بالطرحة الملونة والروب الأبيض . اختي الصغرى كانت معها فسألتها بصوت واهن إن كان الأولاد قد تغدوا ولم أسمع الإجابة. في الغرفة كان زوجي ينتظر وقال أنه اشتاق لي ولم أرد . صورتني ابنة خالتي ورسلت صورتي لماما عبر البلاك بيري. أمي قلقة جدا والموضوع لا يستحق. أنا نشيطة ولا أثر لآثار البنج الجانبية. صدقوني لا أشعر بالغثيان أنا جائعة فقط. رجلي مخدرة . الدكتورة تقول كل شيء تمام ثم تبتسم وتقول لي من محمد الذي كنت تهوجسين باسمه طوال الوقت؟ . محمد؟ ..حتى في مراهقتي الغبية لم يكن لدي في أجندتي شخص اسمه محمد. الدكتورة تبتسم وتقول : ربما محمد رسول الله!!!! الأطباء يستمتعون بلحظات إفاقة مرضاهم من التخدير. تقول صديقتي الجاردينيا: ربما هو اسم طفلك القادم ثم تقول أنها من الأخلاق تنتظرني لنحمل سوية. قلت لها: أنا ليس لدي أي أخلاق فاحملي ولا تنتظريني. أنا في البيت اللللللللله رز بخاري..البيت مليء بالأطفال ورأسي يكاد ينفجر . أمي تتصل من ألمانيا وتقول لأختي لازم أشرب عصير وأنا أشرب قهوة وآكل دونت. رسلت ماسج لخالتي أقول لها أنا أحبك . حين أصبح في عمر خالتي أريد أن أصبح مثلها في جمالها واهتمامها بصحتها . خالتي "كلاس جداً" وطيبة وتلعب حديد . أختي تريد أن تذهب لعرس صديقتها وأمي تريدها أن تبقى معي. أمي قلقة جداً .أنا أريد لأختى أن تذهب للعرس. أصدقاء أبنائي الصغار ما زالوا هنا وأنا أريد أن أنام. أخي وزوجته وبناتهما هنا أيضاً .أنظر لوجه أخي كم صار كبيراً وكم غزاه الشيب وكم أتذكر طفولتنا التي تبدو قريبة . ذكّرته باسم أحد أصدقاء الإبتدائية فتهلل وجهه وأخذ يحكي لي عنه. أفكر في الموت والحياة مرة أخرى . .هااااااي سينتهي اليوم..وحشتني ماما..ما زلت أشعر بتنميل في يدي وأتجاهله..لا أرد على اتصال حماتي التي تذكرتني بعد الساعة الثانية عشرة. لا والله لست زعلانة منها هي فقط مشغولة بالعزاء والأمر لا يستحق. الحي أبقى من الميت؟ فلسفة الموت والحياة مرة أخرى . غداً لابد أن أحضّر لمادة يوم السبت..على تقديم مقترح لمعرض كتاب كوريا. علي تجهيز للقاءات ملتقى الطفل . ماهو مفهوم الإنجاز؟ ستي خديجة الله يرحمك أنا أحبك . ماهي فلسفة الموت والحياة؟ يا رب لا تردني إلى أرذل العمر ولا تعذبني بالأمراض. الموت الفجأة أفضل للميت لكنه أقسى لمن حوله. جدتي أنا حزينة عليك أنت تذوين ببطء ولا تشكين . قبل ١٥ سنة كنت تسافرين معنا والآن لا تستطيعين حتى الإنتقال من غرفة لأخرى. ماهي فلسفة الموت والحياة؟. الإستلقاء على السرير مكافأة لك يا ظهري . أشعر بضغطي ينخفض. أنا دايخة ورأسي يغوص داخل المخدة وداخل نفسه وداخل أفكاره. أريد جهاز كتابة توصيل مباشر بمخي .مخي يفكر باللغة العربية الفصحى..مخي يكتب وهو نائم..............

الاثنين، 26 سبتمبر 2011

هنا جدة..(١٣)


  • البارحة ذهبت إلى الكلية مبكراً . مفترض أن لدي محاضرة تبدأ من الساعة الثامنة، ولكن كما كنت متشككة لم يثبت الجدول ولم تنزل أسماء طالباتي ولم أعرف عنهم ولم يعرفوا عني وبقيت حتى الساعة الثانية عشر من اجتماع لإجتماع لأداء عمل ورقي ولمزيد من التكاليف الإدارية ،،نظرت إلى كم العمل الكبير وقلت في نفسي بأي توجه علي أن أبدأ العمل ؟ في وسط هذه البيروقراطية والفوضى وسوء التواصل وغياب الأهداف وضعف الإنجاز أمامي طريقين: إما أن أقبل بكل عمل ويكتب إسمي كأسماء الكل وترفع التقارير كإنجازات لا أحد يهتم أن يتحقق من مصداقيتها ويمضي الفصل الدراسي بدون مشاكل وبدون أي إنجاز، وإما أن أعمل بجد ومجهود أكثر وأنطحن وأحارب على جبهة وحدي بدون أية ضمانات أنني قد أحقق شيئاً...هذه هي خيارات العمل في الحكومة..وفي كلا الحالين سأستلم راتبي في النهاية غير منقوص..!!! فما رأيكم؟

  • اتصل بي خلال العمل دكتور صديق من وزارة التعليم العالي يخبرني ويذكرني على رغبته في أن أشاركهم في معرض الكتاب السعودي في كوريا والذي يكون فيه الكتاب السعودي ضيف الشرف، يريد مني أن أشرف على جناح الطفل، ويريد مني أن أقترح على وجه السرعة شيئاً من أعمالي وأعمال غيري للترجمة، حين عرض علي الموضوع العام الماضي كنت متحمسة..الآن لم أكن بنفس المستوى من الحماس ، حين حادثته قلت له أريد مزيداً من التفاصيل ، سؤال بزغ في ذهني فجأة: أأستطيع أن أؤدي مثل هذا العمل؟ خاصة أنني لا أريد أن أقدم أياً من أعمالي للترجمة لأسباب عدة  ...أصلاً لماذا لست متحمسة؟ لا أحبني حين لا أكون متحمسة !!! ما رأيكم؟؟

  • البارحة ذهبت مع زوجي لرؤية مشروعين من الفلل السكنية لاختيار أحدهما  وشرائها والسكن فيها كبيت العمر..الأولى ذات موقع جميل واستثماري جداً مطل على البحر لكن تفصيلها من الداخل صغيرعلى حجم عائلتي إلى حد ما ، الأخرى قريبة جداً من الأولى لكن موقعها إلى الداخل وليست على الشارع العام وليست بجمال موقع الفلل الأولى ولكن تصميمها الداخلي مناسب ولو كنت سأفصل فيلا على مزاجي ستكون مثل هذه تماماً..درت عدة فلل ومشاريع أخرى في جدة وفي كل مرة أعود لهاذين المشروعين..أنا الآن محتارة ما بين روعة موقع الفلة الأولى. أو مناسبة التصميم الداخلي للفلة الثانية،،،فما رأيكم؟

  • سائقي الذي أحضرته من الهند بفيزا وتأملت أن تستقر الحياة بعد وجوده يبكي كل يوم..يصيبني ذلك بالحنق الشديد..جسده ضخم مثل البودي جارد ومن ثالث يوم لوصوله وهو يبكي كطفل : اشتاق لأمه ، اشتاق لطفله، اشتاق لزوجته، يبكي لأنه مزكم ويريد من أمه أن تصنع له حساء ..وهكذا..
صبرنا عليه قليلاً وقلنا ربما مرحلة وتعدي ، ولكنها تزداد سواءاً وزوجي لا يريد أن يبدأ في إجراءات الإقامة وهو لا يزال يصر كل يوم على السفر، بمجرد أن نجد سائقاً مؤقتاً- وكم هذا صعب جداً في جدة- سنسفره ونستخدم تأشيرته لإحضار سائق آخر،،السؤال: سائق هندي مرة أخرى أو كيني؟ خاصة أنني قد أحضر عاملة منزلية كينية..ما رأيكم؟؟؟

  • اليوم لم أذهب للعمل، لا شيء مهم لدي، والأهم ليس لدي مكتب بعد حتى لو أردت أداء بعض أعمالي المكتبية أو القراءة لذا قررت البقاء في المنزل، كم أشتهي سكونز مع القهوة كطريقة للمصالحة مع الصباح أو ربما أكتفي بكوكيز السينمون ولكن الأولاد يقضون عليه بالعافية ولا يتركون لي أي قطعة للصباح كلما أحضرت لي الحمامة من محل زوجها للكوكيز..آخر جرعة من جرعات الكورتيزون ستكون اليوم إن شاء الله وسأذهب للمستشفى بحدود الساعة الثانية عشر، لا زلت أشعر ببعض التنميل في أطرف أصابعي وأرجو أن يزول هذا الخدر مع مرور الوقت بإذن الله.

  • أجل، أشعر ببعض التعب الجسدي ولكنني متأكدة أنني في مراحل كثيرة من حياتي كنت أشعر بذات الشيء ولكني كنت أمضي وما أركز،،متأكدة أيضاً أن كثيراً من الناس لديهم مشاكلهم الخاصة النفسية والجسدية ولكنهم يمضون في الحياة ولا يجعلون من أنفسهم محور الحياة..وكما قالت قريبتي الطبيبة حين بحت لها بتشخيص الطبيب المحتمل أن الأمر قد يختفي من تلقاء نفسه دون أن أدري وأنه قد يبقي كامناً وقد أتعايش معه طوال عمري دون أي مضاعفات وأن الإحتمالات كلها بيد الله، وأن علي أن لا أجهد نفسي جسدياً ولا أثقلها نفسياً وأن أتابع تناول الفيتامينات وممارسة الرياضة والسباحة كجدول ثابت في حياتي دون أن أفسر كل ما يحدث لي أنه "عرض" ودون أن أقرأ في تداعيات المرض وأصله وعلاجاته ومنتدياته وتجاربه ونهاية مرضاه المفجعة وإلا فإن الحل كما قالت قطع الدي إس إل عني، وأن الإستشفاء بالتحصين والقرآن لهو الأمر الذي يمكنني أن أتقين منه أتم اليقين... فما رأيكم؟


الجمعة، 23 سبتمبر 2011

هنا جدة..(١٢)


مجرد هواجس:

لا زلت متعبة ، لا زلت أداوم في المستشفى كل يوم..مزيداً من الفحوصات وأشعة الإم آر آي المرهقة وكم من التحاليل وإبر في العضل وكورتيزون في الوريد ، ولا يزال الإرهاق الجسدي العام والتنميل في أطرافي والشعور بالسخونة..وسيستمر الأسبوع المقبل على نفس الوتيرة..



لم أشأ أن أكتب في ماورد إلا بعد أن هدأت حالة البكاء المستمرة التي لازمتني لعدة أيام..حالة الترقب لمرض قد يكون مزمناً وخطيراً وله آثار سلبية..حالة المجهول مما قد يحدث..حالة الرجاء ومحاولة تصديق كلام الطبيب الذي قال أن الوقت مبكر على الحكم رغم توفر كثير من الأعراض التي تثبت هذا المرض ورغم صور الأشعة القاطعة..حالة الحيرة والتفكير المستمرة في حياتي المستقبلية وحياة عائلتي الصغيرة، ابنائي، زوجي، مشاريعي وعملي..

ربما لا يكون لكل ذلك من أثر بعد انتهاء كورس الفيتامينات المكثف وربما تختفي الحالة من تلقاء نفسها كما يأمل الطبيب..
أووووه..حالة البعثرة التي كنت أعاني منها لم تكن إذن فقط بسبب رجوعي وبدئي لحياة جديدة..بل كانت بسبب إرهاقي الصحي وعدم قدرتي على الإنجاز بشكل يضمن لي سرعة الإستقرار والتأقلم..
الآن،،وبعد يومين من المعاناة النفسية قررت أن أستمر في حياتي بشكل عادي، فالأعراض التي تهاجمني الآن من المفترض أن لا تكون مستمرة وغير مؤثرة كثيراً على نمط حياتي اليومي..كل ما أرجوه أن تتقلص الأعراض وأن لا تتطور مستقبلاً لشيء لا قبل لي على تحمله..
من أجل ذلك قررت أن أضع كل الأمر على "الرف" وأن أمارس حياتي بشكل عادي، بعد رجوعي من المستشفى اليوم خرجت للغداء مع العائلة متجاهلة الأعراض المزعجة التي ما زالت تلازمني، وحين عدت وضعت خطة عامة للمادتين التي سأقوم بتدريسها خلال هذا الترم، رددت على بعض الإيميلات والماسجات، وتشجعت وكتبت في ماورد..
غداً أيضاً من المفترض أن أنجز بعض المهام..وأن يصبح موعد ذهابي للمستشفى جزءاً من جدولي دون أن أتذمر وبدون أي دموع أو بكاء.....
وأنا أعمل اليوم على تحضير المواد بدا لي العمل ممتعاً ونعمة من الله، دعوت الله وقد تحدرت دمعة على عيني: يا الله لا تحرمني متعة أكثر شيء أجيده في حياتي: القدرة على العمل، الكتابة، التفكير....وهذا المرض الإبتلاء يحوم حول هذه المناطق الثلاثة..

ملاحظة:
  • هذا البوست لن أضعه على الفيس بوك ولا على تويتر، أنا كتبته هنا فقط لأنني وعدت بيت ماورد منذ البداية أن يكون مستودع أسراري ومرج أفكاري..والكتابة ترتبني..تمنحني قوة..وتجعل الأمور أكثر وضوحاً لذلك فلكل من يصادفني ويمر من هنا ويقرأني: أرجوك أرجوك لا تسأل عني أياً من أهلي وأصدقائي ، فلا أحد منهم يعرف تفاصيل الموضوع وأنا أؤمنك بذلك خاصة أن أمي وأبي وأخي في ألمانيا لأن أبي يجري عملية هناك وليس من العدل أن أطلعهم على تفاصيل لا أعلم لأي درجة هي مؤكدة وليس من العدل أن يحملوا همي وهم تحت هذه الظروف..
  • من يعرفني لا أريده أن يتصل علي ويسأل عني أو يبعث لي بمسج فحقيقة لن أرد، فأنا أحاول أن لا أعيش الموضوع وأن أضعه على الرف كما قلت فساعدوني أن أحقق ذلك، بإمكانكم التحدث معي هنا فقط ، بإمكانكم أن تكونوا بجواري حتى أصل لأقصى درجات الإيمان والرضى والمقاومة..وبإمكانكم الدعاء لي فلربما بدعوة أخ بظهر الغيب يختفي جل الأمر بدون سبب كما بدأ بدون سبب أيضاً..لا تجعلوني أندم وأشعر أنني قمت بخطوة غبية حين نشرت تفاصيلاً ثم لا أريد لأحد أن يتداولها ولا لأحد من أهلي أن يعلم عنها، فإن علم عنها أحد بطريق الصدفة فأنا أقول لك لا تجزع ولا تخف ولا تصفني بالغباء واللامسئولية، إنها هواجس أكتبها هنا فقط والكتاب يضعون عدسة مكبرة على كل شيء وقد يكون الأمر أبسط بكثير مما أتخيله وتتخيله،،سأصبر فقط فالأمر يحتاج لمزيد من الصبر.. 
  • كلما شعرت بأنني أريد أن أتحدث وأن أخبر بالمزيد من التفاصيل سأفعل ، حتى ذلك الوقت سأعود للكتابة في بيت ماورد عن كل شيء سخيف وغير مهم ، عن كل ما يعجبني وما لا يعجبني في الحياة ، عن مشاريعي المؤجلة وهذه الدانية القطاف وتلك البعيدة المنال..عن قصتي الجديدة وأين وصلت ..عن حنقي من الكلية ونظام التعليم الذي لم يتغير قدر أنملة،،عن بحث سأعمل على نشره قريباً..عن وعن........أتظنون أنني قادرة على ذلك بالله؟ أجل أجل سأقدر
  • أماني وحرية..أعدكم أن أغير أوراق الخريف المتساقطة وأن أبدلها بخلفية ملونة كجزء من خطة "الوضع على الرف" امنحوني فرصة فقط وأعدكم أنني سأفعل، ثم أنني يا حرية لم أكن في أي مرحلة في حياتي أحب اللون البني والله:-) بالمناسبة يا أماني..اتصلت عليك اليوم لأكون أول من أبارك لك النوم في بيت الأحلام الجديد..وإن جاءت متأخرة: ألف ألف مبروك يا صديقة الرحيل والغربة،،والحلم..!



الأربعاء، 21 سبتمبر 2011

هنا جدة..(١١)


  • ها أنا ذا قد صنعت شباكي بنفسي...

..
..
أخبروني..أثمة عدم تجانس بين صورة خلفية شجرة الخريف الحمراء وممر منزلي الليدزي المتناثر ورداً واسم المدونة والعنوان: هنا جدة؟
.
.
هذا يشبهني تماماً حين أقول: ما زلت مبعثرة..!



  • بعد قليل سأذهب للمستشفى لمزيد من التحاليل والفحوصات..اففففف..طفشت..! سأغلق جوالي حتى لا تتصل علي رئيسة القسم وتقول: تعالي إلى مكتبي، أحتاجك..فأرد: أنا في المستشفى..وهذا كان جوابي خلال الأيام القليلة الفائتة ..ذلك يذكرني بالطالبات حين يغبن عن الإختبار وعذرهن الجاهز: كنت مريضة وتعبانة يا أبلة..! أيضاً رغبة خفية في داخلي تدفعني لإغلاق الجوال لأنني أشعر مذ داومت أنني أعمل كطبيب الطوارئ، دائماً أستدعى على وجه السرعة لأداء أعمال إدارية فجائية..!!!!

  • حين قابلتك البارحة على عجالة قلت لي: سأتصل بك لاحقاً..هل رقمك كما هو لم يتغير؟
فأجبتك: أجل..ثم أضفت: وأنا كما أنا لم أتغير..
فقلت: أتحدى..! ثم عقبت: السفر لمدة أسبوع يغير الإنسان..
نظرت إليك بطرف خفي، كلانا يعرف ما أعني..وأنا لم أقصد التغير على مستوى زيادة الخبرات ..قصدت شيئاً آخر يا صاحبة كوب الحظ الأبيض..
هل أقترب؟. هل أتصل؟..صوت ما يدعوني..وصوت آخر يخيفني...

الاثنين، 19 سبتمبر 2011

هنا جدة..(١٠)


  • كأنني بازل مفككة..غير تامة التركيب..تتناثر قطعة مني هنا، وأخرى هناك تحت السرير..وعدة قطع محشورة خلف مقعد الكنبة..وقطع أخرى لا أجدها..

من يعيد تركيبي من جديد؟



  • ليس لدي شباك..فصنعت شباكاً يطل من نفسي على ما حولي..

أقف خلف قضبان هذا الشباك..زجاجه مصمت لا ينفذ الصوت..أضواءه خافتة..وعبثاً أحاول تلوين ما خلفه..
علبة ألواني ناقصة..وكثير من الألوان يحتاج أن أبريه من جديد..



  • لماذا يبقى لبعض الناس رائحة عفنة في حياتنا..حتى عندما يمر الحديث بجوار أسمائهم عرضاً تفوح هذه الرائحة فتزكم أرواحنا..أيعلمون هؤلاء الناس أي أثر يتركون؟ وكيف يدفعوننا دفعاً لأن نغلق شبابيكنا بالمزاليج حتى لا تتسرب الرائحة؟ السؤال: أتكمن المشكلة في أنوفنا الحساسة؟ أم في روائحهم الخبيثة؟




  • علمتني يا ليدز الهدوء والنبل واخضرار الروح..علمتني أن لا شيء يستحق الحزن وأن علينا أن نترك خيباتنا تمضي ونتظاهر أننا من نمضي عنها راحلين..علمتني أن العمر يمر أسرع من خطونا..وأن دواخلنا تسعنا إن ضاقت الدنيا بنا..وأن للسماء أفق مفتوح على رب أرحم بنا منا..علمتني أن الصوت العالي نشاز في سيمفونية الكون وأن الكِبَر شر لونه أسود وصوته أسود ورائحته سوداء..علمتني أن البعد عن الشريرين غنيمة وأن البعد عن الطيبين جمال إذ تواطئتِ مع صيادين القمر حين قالوا أن الأشياء تبقى أبهى وأحلى وذات صورة تامة وهي بعيدة.. 


علمتني كيف آخذ بيدي، وأمسح دمعي وأربت على شعري..كيف أتحدث مع الأرصفة وأغازل القمر وأتوهم أن ملائكة السماء ترش علي السكر في الشتاء ..وأنه لا ينبغي أن أحزن للشجر العاري وأفكر كم ورقة يحتاج لأن الله هو من يرزق كل الأشجار العارية ورقاً أخضراً طازجاً في الربيع..
علمتني أن كل الناس.."ناس" وإن اختلفوا وأنني من زمرة هؤلاء الناس..وحتى الأصدقاء والأبناء وسواقين التكاسي  وأفراد العائلة الملكية.. 
علمتني أن أرفق بنفسي وأن أحبها حتى لو كنت الوحيدة التي أحبها..وأن أكتفي برؤية صورتي في مرآتها..
..
..
ليدز..هذا وأكثر ما تعلمته منك..الآن عدت والآن وقت الإختبار..أتراني سأنجح؟ 
.
.
أشعر بالوحدة

الجمعة، 16 سبتمبر 2011

هنا جدة..(٩)

رسائل غير مرسلة:



  • إلى أبي الحبيب:

حين سلمت عليك البارحة قبل سفرك،،استبقيتني في حضنك أكثر!!
تعودنا أن تكون أنت "الفاعل" المبادر دوماً وليس "المفعول به" ..
تمم الله عمليتك على خير ورزقك الصحة وأعادك بيننا سالماً معافى..



  • إلى أسيل البيضاء:

حين انزويت في ركن قصي البارحة وأخذت تبكين..
لا حظت أنا وخالتك فقط ذلك..
خالتك تعجبت وتسائلت ،،أما أنا فتقريباً كنت أعلم ما يبكيك..
لحقتك ، ورفضتِ الحديث، ثم بصوتك الباكي قلت: ما يصير كده..كل شوية أحد يسافر..! اليوم جدي وجدتي وخالي وغداً خالتي وابنتها وبعد أسبوع خالتي الثانية ،،وأنتم لا تشعرون ولا تحزنون ولا يتعبكم ذلك،،أنتم تضحكون في الغرفة وتسمعون الموسيقى وترقصون..! كيف بالله ما تحزنوا؟
.
.
ماذا أقول أيتها الفتاة التي تعيش بقلبها ولقلبها؟
يتهمك الكل بأنك سريعة البكاء ولكنهم لا يعلمون أي قلب هش تحملين..
هل ورثتك أنا ذلك؟ لا أظن..فلطالما كنت ُقوية لا أبكي أمام أي أحد حتى لو أصاب العطب قلبي..
إذن من أين جاءك هذا القلب الذي أثق أنه يضخ دماءاً وحباً أكثر من اللازم؟
هل أقول لك لا تبكين؟
هل أخبرك بأنني أعرف شعور الشوق؟
هل أشرح لك معنى الرحيل؟
هل أخبرك عن الدنيا أكثر؟
.
.
من أين أبدأ أيتها البيضاء؟
لعلي أكتفي بمسح دموعك ..واحتضانك!!!





  •  إلى الشباك المسدلة ستائره:

اعذرني..
كل يوم أستيقظ ولا أنظر صوبك أو أفتح ستائرك إلا قبل أن أخرج من غرفتي بدقائق..
أنت السبب..
شمسك وقحة..وعيني تنصدم بسور الجيران المصمت..وليس من عصفور أو شجرة أو لون ..أو حتى أفق من أي نوع..
ستبقى مسدل الستائر..!!!



  • إلى الصرح" العظيم":

لا فائدة...
لا فااااااائدة...
الكل يشتكي، والكل غير راضي..إذن من المسؤول عن آلية التغيير؟
لماذا لا تمنحنا فرصة لأن نعلّي السقف؟ لأن نثبت جدارتنا؟ لأن نستعيد ثقتنا بك وفخرنا وانتمائنا؟
أتراها آلفاظ كبيرة عليك وصغيرة علينا؟
العمر يمضي..وسمعتك لا تتغير..
أجيال تتعاقب وتتخرج..والمخرجات تصبح أسوء..
الحياة تمر..
وما زلت في نفس المكان الذي بدء قبل خط البداية أصلاً..



  • إلى صديقتي الحلم:

أعلم أنني غيرت اسمك من كثرة زيارتك لي في الأحلام..
ذلك اليوم. صحوت من حلمي مرتبكة..مندهشة..
أتريدين أن تفهميني أنك غاضبة مني لعدم اتصالي وتواصلي بعد أن عدت؟
كنت عاتبة جداً، وأنا كذلك..
.
.هل نكتفي بالأحلام؟
الطريق إليك حقل ألغام..!



  • إلى الحمامة:

طيب وبعدين؟ 
ما زالت هديتك هنا..عدت من السفر وانتهى رمضان ولم نتقابل وحدنا كي أعطيك إياها..
جاء العيد..والناس يتبادلون الهدايا،،وهديتك ما زالت في دولابي..
هل على أن أنتظر مناسبة ثالثة؟





الثلاثاء، 13 سبتمبر 2011

هنا جدة..(٨)


  • محرج جداً جداً..

مؤلم ومخيف ومفزع...
هذا النزف الرهيب وكأن جريمة ارتكبت داخلي، نقص الحديد وإحساسي بالضعف الدائم واصفرار وجهي، البقع الزرقاء في جسدي وكأنني كنت في ماتش ملاكمة..
فقط أدعو الله أن ينتهي هذا العناء قريباً...



  • كنت في وسط عمل ما، اتصلت على صديقتي ودعتني إلى اجتماع طارئ في غرفتهم، تعجبت وقلت لها: اجتماع في الغرفة؟ مو عند رئيسة القسم؟

حين ذهبت كانت حفلة بسيطة أقامتها الصديقات من أستاذات ودكتورات بمناسبة رجوعي، كان شيئا لطيفاً جداً..قالت إحداهن : افتقدناك جداً خلال العامين الماضيين..ابتسمت وتذكرت التغريدة التي قرأتها صباحاً في تويتر: لك فقدة إذا كنت مميزًا: {وتفقّد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد}




  • تقول سديل: لماذا نذهب للمدرسة إذا كان كل شيء موجود في الكتب؟ تقارن بين طريقة التدريس البريطانية والسعودية طوال الوقت ، وكيف كانت تخرج من المدرسة وهي فاهمة كل الدروس لذا ليس لديهم أي واجبات، وكيف أنها تحتاج هنا لتذاكر لأن المدرسة تقوم بالربع فقط.. حتى لو كان المنهج أمريكي فإن الطريقة تظل سعودية...



طيب..نومة العصر؟ يلا ننام شوية..



السبت، 10 سبتمبر 2011

هنا جدة..(٧)


  • شيء كالبكاء يتجمع في عيني منذ الصباح...

إنه ليس بكاء وإن كان له لون الدموع وطعمها...
لعله حنين مباغت فقط..
.
.
شيء كالحزن يسكنني مذ استيقظت..
إنه ليس حزناً وإن كان له صمت الحزن وجلاله..
لعله شوق حارق فقط..
.
.
شيء كالفراغ يضيعيني فيه مذ أشرقت الشمس..
إنه ليس فراغاً وإن كان له ضيق الفراغ ووحشيته..
لعله بدايات حياة فقط..





  • حادثتني ريم البارحة -صديقتي التي سكنت بيتي في ليدز ..

كيف أفتح مكبس الكهرباء الرئيسي؟ كيف أشغل الدفاية؟ على أي إتجاه القبلة؟ هل أعبئ الغلاية من ماء الصنبور؟ وغير ذلك من الأسئلة...
أنمتِ على سريري أمام الشباك المتسع يا ريم؟ هل أوقظك غناء العصافير منذ الصباح؟ هل ما زالت الشجرة الحمراء الكبيرة تحمل أوراقها أم تساقطت كلها؟ماذا عن شجرة الكرز في الحديقة الخلفية؟اصبري عليها ستفاجئك في الربيع، كيف هو حال حبيب وابنه آدم؟ هل جربت احتساء القهوة وأكل السكونز بالمربى في غرفة الجلوس ذات المنظر الفاتن؟ صعدت الدرج الأبيض الطويل في مدخل الجامعة؟ ذهبت للسنتر؟ هل وضعت قروشاً في قبعة ذاك المغنى الذي يقف بجوار المكتبة يملأ الأجواء غناء جميلاً؟ هل أرّخت لأول مطعم تأكلين فيه في ليدز ليكون مطعمك الأخير حين ترحلين؟ ما أخبار الأرصفة وممر البيت الحجري وباص رقم ٧ ؟
.
.
تباً لي....
أما زلت أريد فرض تجاربي، عيوني، تفاصيل حياتي؟



  • اليوم أول يوم في المدرسة..

استيقظنا مع أذان الفجر، الفتيات ذهبن مع أبوهن..وأنا وصلت سارية الصغير وعدت للمنزل وسأذهب للكلية بعد قليل..
سألني سارية ونحن نهم بالخروج: هل سنذهب للمدرسة مشي؟ قلت : لا...قال: أنا أريد ذلك..
نظرت إليه ولم أجب واستعجلته كي لا نتأخر.
الكل واجم،،مترقب لتجربة اليوم الأول..
.
.


رغماً عني ورغماً عن أنف السنتين..
الحياة بدأت تستطيل وتأخذ ملامحها القديمة من جديد..

الخميس، 8 سبتمبر 2011

هنا جدة..(٦)


  • يااااااه..زمان يا ماورد عن جلسة كهذه..

تملصّت من غداء الخميس وجلست في البيت وحدي..وحدددددددي..
كم هذا ممتع..!
آكل شيتوس باللبنة مكتوب عليه حار نار مع أنه مو مرة حار..وأشرب بيرة التوت..وأجلس فوق سريري في هدددوء . لا صوت إلا صوت قرقعة الكي بورد والمكيف في غرفة الجلوس..وأذان العصر..


  • الأسبوع الماضي كان مزدحم جداً بسبب الدوران في جدة لاختيار مدارس للبنات، وبسبب إختبارات القبول التي عليهم أن يؤدوها لعدة ساعات، وانتظار النتائج والإطلاع على المناهج والكتب وأنظمة المدرسة...
  • اخترنا المدارس وسيبدأون يوم السبت إن شاء الله، لن أعترض وأفتح فمي، لست مسرورة كثيراً من المدارس ولا أعلم هل اختياري هو الأفضل وسط طوفان مدارس الإنترناشيونال والدبلومات ومدارس الماركات الغالييييية ، لكن سأدعو الله كل يوم أن يسهل لهم طريقاً يلتمسون فيه علماً وأن ييسر لهم المكان والصحبة الطيبة. المدارس في هذه البلاد غدت تجارة سلعتها عقول الأطفال وجيوب آبائهم..


  • كليتي ..شيء آخر، وليس لدي قصص بعد، عدا أن ماسجاً قد وصلني بأن حفلة العيد يوم الأربعاء الساعة ١١ ، وطبعاً حتى الساعة ١٢ لم يبدأ الحفل فخرجت وتركتهم لارتباطي بمواعيد في مدارس البنات، وحين اتصلتُ على العميدة لانها استفسرت عن غيابي أخبرتها أن حفل العيد الساعة ١١ وأنني كنت هناك ١١ إلا ربع ، وبطريقة مؤدبة أفهمتها أنني لا أستطيع أن أعطل باقي يومي بسبب تأخير لساعة أو أكثر..

الدرس الأول بعد العودة: لا قيمة للدقائق ولا للساعات ولا..ربما للأيام!!!



  • تعليقات ما بعد العودة: اتغيرتِ ِماعرفناك ( لست أدري مغزى هذا التعليق وما إذا كان إيجابياً أم سلبياً..حقيقة أنظر لنفسي في المرآة محاولة اكتشاف الفروق السبعة قبل وبعد) ...نحففففتِ مرررا ( كنت طوال عمري أظن أنني نحيفة اكتشفت عكس ذلك الآن فقط)....أكيد ما تبغى تسمعي ولا كلمة إنجليزي خلاص ( يا جماعة...ترا أنا سعودية ..كلها سنتين اللي عشتها بعيد ولا تقارن بعدد السنوات التي يقضيها بعض المبتعثين والمغتربين!!!!) ....خلاص رجعتِ؟مسكينة؟...(لا تعيشوني الإحساس دا بزيادة)...رجعت؟ الحمدلله فترة عدّت وخلّصتْ( ترا كانت والله قليل..الحمدلله على كل حال، بس الحمدلله حمداً كثيراً لو ما كانت خلصت)!


  • لا أجد صور جميلة أضعها، كنت قبلاً أصور الشباك، الشارع، الحديقة ..وأضع الصور..

الآن ماذا أصور؟ هل من مقترحات؟

الاثنين، 5 سبتمبر 2011

هنا جدة..(٥)

نفسي أكتب...بس عيناي تؤلماني منذ عدة أيام،،والوقت زحمة ،،ونعسانة كمان..
كنت أريد أن أكتب عن أول يوم أعود فيه لمقر عملي القديم بعد غياب العامين وكم كان ذلك يشبه عمل "ريوايند" لأيام قديمة في حياتي...
و عن مدى شوقي لليدز وللخريف الذي يتساقط شجره الآن بعد أن يتلون ويتجمل..
وعن حاجتي للهدوء ولاستحداث طقوس حياتية تتفق وحياتي اليومية..أبدأ بها يومي وأنهيه بمزاج رقيق..
وعن مدونة إبراهيم الذي كان يبحث عن عروس ودهشتي باكتشاف مشاعر شاب سعودي "عريس"..
وعن إحساس الشلل والعجز والعزلة بدون سائق في هذه البلد ..
.
.
ماذا أيضاً؟....خلاص نعسانة..
Night..Night

الخميس، 1 سبتمبر 2011

هنا جدة..(٤)

  • كل عام وأنت يا بيت ما ورد وزوارك ووسائدك وكلماتك وأكواب قهوتك بخير وحب وعيد...


  • شفيت؟ أظن ذلك..أرجعت علاقتي الجميلة بك يا عيد؟ نوعاً ما...

حين سمعت أغنية العيد في السيارة رقص قلبي مع معاني العيد التي أحبها..لم أعد أشعر بذلك الألم المحتقن الذي تفجره تلك الأغاني، لم أعد أشيح بسمعي إلى الجهة الأخرى من الشعور ..أصابني إمتنان متوّج بابتسامة،،وتذكرت جلستي في مكتبي وأنا أكتب كلمات أغنية "جانا والله جانا العيد" ..
.
لا شيء يشفي الجروح مثل مرور الزمن..

  • هل علي أن أعد الأعياد التي أزور منزلكم فيها كطقس قلبي سنوي دائم..؟ حين مرّت أختي بجوارك ظننتها أنا وسألتها عني، وأنا رأيتك من بعيد وأكملت طريقي دون أن أسلم لأنك كنت مشغولاً بالحديث مع أحد آخر...ولأنني خجلت خجلاً ذا مقاس صغير علي..

.
.
....قلبي يسلّم عليك..

  • لا شيء يشعرني بمرور الزمان مثل العيد..يفزعني ذلك..كم من الأطفال كبروا وصاروا رجالا ونساء ولهم أسر صغيرة ؟! وكم من الأطفال زادوا على تعداد العائلة..وكم من الكبار كبروا أكثر وشاب شعرهم..وكم من المنازل لم نعد نزورها وغيّب الموت أصحابها..؟

وبالمقابل..كم من الطقوس ما زلنا نمارسها عاماً بعد عام وسنة بعد سنة كمحاولة منا بأن نتشبث بشبابنا وبأيامنا وبكل ما رسمناه ملوناً في حياتنا..لهذا نقول كل سنة دون أن نمل...
.
.
ينعاد عليكم..

مسلسل كويتي

 هل قلت لك يا ماورد أنني أحتاجك جداَ؟ نعم سآتيك كثيرا فطيبي خاطري كلما أتيت وقبليني على جبيني ولا مانع أن تحضنيني فلن أمانع.. البارحة ذهبت إ...