الأحد، 28 فبراير 2010

ما بيني و.. بيني (8)



متى كانت آخر مرة اندهشت إلى هذا الحد الذي يقطع الأنفاس؟

متى كانت آخر مرة استثيرت حواسي كلها..افتتنت وكنت مغيبة عن عالمي إلى الحد الذي لا أشعر في بالوقت..؟


كان ذلك البارحة حين حضرنا في مانشستر curque Du Soliel أو سيرك دوسوليه..

لقد كان تجسيداً حياً كيف بوسع الإنسان أن يبلغ أقصى طاقاته الجسدية والإبداعية ..كان إثباتاً أن الفن مزيج مدهش من اللون والموسيقى..من الحركة والجمال.. كان دليلاً على أن الإنسان يمكن أن يتخيل أي ي ي ي ي شيء ويحوله إلى حقيقة..!

كل فقرة كانت عبارة عن "ثيم" متكامل من الموسيقى والملابس والمؤثرات والرسائل..

الأشخاص المؤديين اختفوا تماما تحت طبقات الماكياج المتقن والملابس التي تلتحم مع أجسادهم ليصبحوا رموزاً متحركة فقط تشك أن بها مس من جن..!

فتنت قلبي تلك الفتاة البيضاء التي تلمع من رأسها إلى قدميها وترقص متلوية على أنغام موسيقى شرقية مجسدة الحنين في أقصى حالاته حين يلوي عنق القلب..أو تلك التي تتأرجح بخفة متناهية على طوق دائري كأنها حمامة من عمق الجنة..الولدان اللذان كانا يرتديان السواد ويطيران في الهواء بدقة كأنهما شخص وظله أو صورته في المرآة..كانا رمزان لأسئلة الإنسان وحيرته التي بلا إجابات..

الرجال اللذين يرتدون الأحمر المغوي ويرقصون بعنف على الموسيقى اللاتينية جسدوا الرغبة المتطرفة في أقصى حالاتها والغريزة التي تصبغ في لحظة كل شيء باللون الأحمر..

الحب الصافي في أجنحة ذلك الكائن الملائكي الأبيض ..والرغبة من الإنعتاق والتحرر في قفزات تلك الكائنات الصفراء من على الأرجوحة الضخمة..الكائنات الأنثوية الأربعة الزرقاء كانوا يرسمون لوحة في الفضاء ويلتحمون في بهجة صداقة متدفقة تشك فيها أين تبدأ الأولى وكيف تنتهي الرابعة..أو تلك الكائنات البحرية الملونة التي ترقص بذيولها وزوائدها على حرير مائي أزرق مجسدة جمال العوالم التي تحيط بنا..

ليس ذلك فقط..هناك أيضاً مواقف أثارت ضحكي الذي لم يتفجر هكذا منذ الزمن..

ذلك المغني الوسيم المتكلف والذي كان ساحراً فاشلاً قبل قليل .. يرتدي بذلة يظنها أنيقة ..يغني ويلاحق حلقات النور بإصرار ، تلك التي تخطئه عمداً في كل مرة و تأبى أن تمنحه نجومية وشهرة على المسرح وأمام الجمهور...

أو تلك الفتاة السمينة المبهرجة..ذات "السروال الداخلي الظاهر " عن قصد..والتي تحاول عبثاً أن تلفت نظر رجل إليها بغنج مصطنع مضحك..

ألبست كلها صوراً من الحياة؟

..

ألسنا نحنا مزيج من كل ذلك؟


كانت ابنتي تشعر بالدوخة من فرط جمال ما شاهدته..كنت أستمتع بمراقبة عينيها وقد التمع بريقها على الاخر..

أما ابنتي الأخرى فلم تصمت طوال طريق العودة وهي تعيد ما رأته كلاماً..وحين وصلنا البيت قالت: سأنام الآن حتى أعيد كل ما رأيته مرة أخرى في خيالي..

..

..

حقاً لقد كانت تجربة حسية وشعورية..بااااااااذخة ..!



الأحد، 21 فبراير 2010

ما بيني و.. بيني (7)


أنا عندي حنين...لكني أعرف لمين..!

أحن إلى بحر جدة..رائحة رطوبته..طيارات الورق على شاطئه..موجه الذي يتكسر على الصخور..!

أليس ذلك مدعاة للدهشة؟

أنا التي عمدها البحر حين ولدت وغسل قلبها بمائه المالح وأعطاها قبلة خليجية شرقية على خدها الأيمن وأخرى غربية حمراء على خدها الأيسر أعيش الآن في مدينة لا موج يقبل أطراف أقدامها؟

أنا التي سرقت من البحر أصدافه حروفاً وخبئت في الشاطئ رماله دموعاً وأودعت في الأعماق أسراراً وشجوناً..أتوه في مدينة لا تعرف إلا المطر بللاً وحيداً لقلبها؟

مفارقة عجيبة..

لكن..رويدك يا ماورد..

لست قاسية ولست ناكرة للجميل..

أجل ..البارحة..

البارحة فتحت هذه المدينة المسالمة قلبي وأودعت فيه قبلة سريعة..

كان ذلك حين عدت للمنزل مشياً على الأقدام ، كانت السماء تنفض عنها نورها وتستعد لإرتداء سواد الليل،نظرت للسماء كانت صافية جداً تزاحمت النجوم فيها والقمر بزغ مبكراً..

تجمع كل ذلك مع أسقف البيوت والمداخن وأطراف الأشجار العارية ليشكل لوحة بديعة أتحدى أي رسام أن يبدعها..!

جلست في حديقة منزلي الخلفية أستمتع بقهوة دافئة وموسيقى ناعمة..أخذت أتأمل السماء ، رأيت ثلاثة نجوم متقاربة مع بعضها في خط مستقيم فقلت..حتماً هؤلاء أولادي الثلاثة..

رأيت أخرى مشعة جداً متوهجة لأبعد حد فأطلقت عليها اسم أمي..

رأيت أصدقائي يمرحون في السماء.. وأخواتي يتحلقون بشغب..وزوجي ينظر إلي بنظرة حنونة..

.

.

دخلت إلى المنزل و قمر في جعبتي قد اصطدته.."وهج" خفي يتلبسني.. وقبلة بريطانية أنيقة شعرت بطعمها المغوي على شفتي..

الاثنين، 15 فبراير 2010

ما بيني و.. بيني (6)

  • أطفالي رحلوا إلى حين..

تركوا لي ألعابهم، كتبهم ورسوماتهم الملونة، وكثيراً من وحدة وصمت..

إذن..ما طعم الوحدة يا مارود؟

أيشبه طعم القهوة المرة اللاذعة ورغم ذلك تتجرعينها في صمت وشغف وشجن ؟

ها أنا وحييييييييدة..من كل شيء..

عارية حتى من ورقة التوت..

منحازة إلى الطرف القصي من الحياة أجلس على رصيف الوقت أرقب مرور العمر وتسربه من يدي دون أن أشعر..!



  • أيتها البلدة الإنجليزية الباردة..

حفظت شوارعك ..أرصفتك..وأشجارك..

أعرف أنني أتجرعك قطرة قطرة..أعرف أنني سأتذكر هذه الأيام في وقت مقبل من حياتي..أعرف أن الحنين وقتها سيصيبني في مقتل..وأن الذكريات ستكفيني عمراً آخر..

أشعر بك يا مدينتي..تضعين يدك في يدي كل صباح..وتتركينني أغفو على كتفك مساء..!

السبت، 6 فبراير 2010

ما بيني و.. بيني (5)


لماذا تتواطئين مع كل شيء ضدي؟


لماذا وأنا التي اتعكز عليك في أيامي وغربتي ووحدتي الممتدة حتى آخر قطرة من روحي..


لماذا تقفين في المنطقة الوسطى حائرة مبعثرة ، ترفضين أن تتشبثي بآخر قطرة من طفولتك الراحلة ولا تُقدمين إلى هذا العالم الذي يفتح يديه ، وأحضانه لإستقبالك..!


حقاً..لم تعودي طفلة؟


كتبت ذلك في كتاب أسراري كسرٍ لم أكن قد اكتشفه بعد..


كيف تكون المعادلة مقلوبة إلى هذه الدرجة؟ أنكتب أسرارنا ثم نكتشفها؟


أنعمل على إشاعتها وبعد أن يعرف عنها كل الناس تتحول إلى سر حقيقي ؟


أنكتب الكتب ..لنفاجأ بعد مدة أننا كنا نكتب سيناريو حياتنا بأيدينا..!؟


حذرتك يا ابنتي في كتاب أسراري أن لا تكبري في العام الواحد عامين، وها أنت تضربين بنصيحتي عرض الحائط..


ففي الوقت الذي كنت تركضين فيه على بساط الوقت غير آبهة بدقائق ولا بثواني كنت ألاحقك لأكتشف أنني كبرت في العام الواحد معك عامين أو ثلاثة..!


..ورغم سباقنا من يكبر أكثر..! تصدقين.. ما زلت أنا الأكبر..!


هذا معناه بمفهوم الكبار خبرة أكثر.. وعي أكثر..حكمة أكثر..


تذكرين حين قايضتك في كتابي الأول أن تمنحينني أسرارك وأمنحك بعضاً من أسراري..


أقول بعضاً فقط لأنني أعلم أن للكبار أسرار أفدح من أن تُكشف ..أسرار مريبة، عميقة، لا تعلّق على مقابض الأبواب ولا القلوب أبداً..


أسرار في أفضل الأحوال وأكثرها شجاعة تستخدم كمادة لكتابة رواية ..أو يبعثرها أصحابها الغير آبهين في بيوت إلكترونية زجاجية قابلة للفضح..


هنا الآن أنا أقايضك بشيء آخر..لعلمي أنه لن يكون للأسرار أي قيمة لديك بعد الآن، وأنك لن تمنحيني سراً واحداً..


ما رأيك لو أعبئ شيئاً من حكمة الكبار ..تجربتهم..أفكارهم..أخلطها بالعدد الذي تريدينه من السنين..ببعض الألم الشفيف الذي يمنح روحك جلالاً..وبكثير من فرح ملون ناضج يغسل قلبك بالضوء وأقدم لك هذا الخليط في إحدى قواريرنا الشفافة الملونة التي اتفقنا أن تحتفظ بها..

مقابل...×××××


قارورة فيها بقايا طفولة..وعقل فارغ إلا من مسائل الرياضيات وقواعد النحو ..وروح لم تطأ عتبة تجربة قط..وقلب لم يسبق أن احمرَ نبضه من صفعة شجن..

ما زال لديك الكثير من تلك القوارير على رف حياتك..

ها؟


لكن إن بخلت علي بقارورة تحوي هذا المزيج-التعويذة..


سأكون على استعداد أن أقبل ..قارورة فارغة..


فاااارغة من أي ي ي ي شيء..!!!







الجمعة، 5 فبراير 2010

ما بيني و.. بيني (4)


أشتاق أن أقرأ شعراً...

أن أكتب شعراً..

أن أنثال وأنسكب وأتهاوى وأتناثر..شعراً..

أتذكر..حين كنت تلملمني حرفاً؟

تعود وتتهجاني ، وعبثاً تحاول بعثرتي ثم تركبني من جديد لأفاجئك في كل مرة أنني أنا بكل وجوهي..!

بكل تقلباتي..وجديتي ..عبثي ..وتفاهتي..قمة عقلي و صخبي...

مالذي حدث إذن؟

كيف كفّ الشعر عنا وكففنا عنه؟

لم لم تعد شجرة الكرز تلقمنا ثمارها المغوية ؟

ونوافذنا رغم ازدياد عددها ،لم لم تعد مشرعة..!؟

دور البحار العجوز الذي تحب أن تمثله..ودور الغجرية الحافية التي تاهت على شاطئ العمر والذي كنت أتقنه..كيف أسدل الستار على مسرحنا وشاطئنا..مينائنا ومركبنا؟

..

..

لم أقبض على نفسي وأنا أحاول البحث عنك في كل الوجوه..وقرائتك في كل التجارب؟والتعامل مع روحك كتعويذة قلب أبدية..؟

هذه الأجواء لا تشبهك..!

أنت تحب البحر..ولا بحر هنا..

أنت تحب المطر العربي..وليس إلا مطر انجليزي بارد هنا..

أنت تحب الدفئ والعشق والقهوة والعود..وهنا ضباب وثلج ..شاي وجيتار..!

فكيف بالله أشتاقك وأشتاق صديقك الشعر وصاحبتك القهوة ..عودك وصوتك ودفئك في وسط كل ما أنا فيه؟

..

..

جرّب..
..
لا زلتُ حروفاً قابلة للكتابة..!




الثلاثاء، 2 فبراير 2010

ما زالت..حفلة!


أن تكون لديك حفلة فضائية فهذا معناه أن تفتحي النافذة وتمتطين أول غيمة ، ثم تنطلقين غير آبهة بموعد ولا وقت...ولا حذاء لم يتماشى لونه مع لون الفستان..!

أن تكون لديك حفلة فضائية فهذا معناه أن تكونين هنا..ولا تكونين..

تحملين أفراحك الصغيرة وخيباتك الكثيرة..أشواقك..ودموعك..تخلطينها بحروفك وتقدمينها شوكولا شهية لأصدقاء الحفلة اللذين جاؤوا من كل مكان ، يستلقون على الأسرة ويخبئون قلوبهم بين الوسائد ويصنعون من ضحكاتهم قلائد ممطرة..!

يا للعذوبة..

هذه الحفلة مبهجة..مختلفة..لها إيقاع ولون ..لها أصدقاء يتحلقون حول مدفئة الروح على شكل قلب..ولها مواعيد لا نهائية في أجندة أفراحنا الصغيرة المختلسة..



  • روح..أرأيت..؟! وفيت بوعدي، لكني لم أتوقع أن تكون هديتي سوفليه شهية تنتظرني في آخر الرواق المؤدي إلى بيت ما ورد:)

سرك شهي ..ومشاغب ..سأحرض والدتك أن تفعل كما أفعل مع بناتي حين يتلهمون علبة النوتيلا في أقل من يومين...لا نوتيللا لمدة أسبوعين..:)!



  • أماني..طبعاً سأكون معك..!

سأحاول أن أرتدي شيئاً غير الجينز والهاي نك..!

ربما سألبس تايت وفستان قصير على شاكلة البريطانيات حين يتأنقن شتاء..

هذا سر غشاش..بل أنا التي أشتاق لسفره كي أنفرد بك لنتوه من جديد بين شوارع مدينتنا الباردة..!



  • ورد المدينة...

سر بريء كفلونا وغابتها الساحرة..ومشاكس كالإختباء تحت ألحفة النوم مع بنات خالاتنا..

أجل..شاي بنعناع ، لكن بسكر لو سمحت..أو ربما تحلّينه ببعض أمنيات ودعوات صاعدة للسماء..:)



  • ابتسامة البيت ونبضه..

أجل، كثيرون هم اللذين يختبئون.. لكن "قلبي يسلم عليهم":) مع الإعتذار لعبد المجيد..

إذن ..كتاب وغربة..!؟!

تهيئي لمطر من الشجن..أعدك أن أقتسمه معك قلباً بقلب..!




  • صغيرة ما ورد..

إذن لا تمطرين في بيت ماورد إلا في الحفلات..؟! اللهم كثر الحفلات في بيتنا..:)

أمي..رؤى ..سارة..مزن..في بيتي؟

يا للحنين الذي يلفني كشال دنتيللا ثمين..أتشبث به كروح أنيقة تشبه روح أمي..كضحكة صاخبة من ضحكات رؤى..كأغنية عذبة من أغاني سارة..كروح مشتاقة وسر مشاع بيننا ..ليس صغيراً أبداً.. كسرك يا مزن,,!!!



أحبكم يا أصحاب..صدقاً أحبكم..!

شكراً لأنكم هنا..تؤنسون وحدة الليل ، وتشرقون في حياتي كشمس الصباح الخجولة..ولا تغربون..!


مسلسل كويتي

 هل قلت لك يا ماورد أنني أحتاجك جداَ؟ نعم سآتيك كثيرا فطيبي خاطري كلما أتيت وقبليني على جبيني ولا مانع أن تحضنيني فلن أمانع.. البارحة ذهبت إ...