- هاقد عادت إلي عادة القلق والأرق وعدم النوم المنتظم، قبل ٣ سنوات كنت أحياناً أستعين بالحبوب المنومة حتى أحظى بنوم أوفر يعينني على البقاء مركزة أثناء النهار...لكن تلك الحبوب كانت تجعل عيني تنام دون قلبي فأنام ولكني لست بنائمة حتى اكتشفت عبث استخدام مثل هذه الحبوب..مذ جئت ليدز تحسن نومي كثيراً..صرت أنام بعمق ..أنام مبكراً، وأصحو مبكراً، أستمتع بساعات الصباح الأولى وفي الليل أغرق في دفئ الألحفة وطوال النهار لا أحتاج حتى لمجرد قيلولة..! ترى لماذا عاد لي النوم المتقطع منذ عدة أسابيع؟
حتى عندما أستيقظ هنا قبل أن يبدأ اليوم فإن هدوء الشارع والحياة التي ما زالت غافية وتعانق الأشجار الحمراء والخضراء والصفراء بجوار شباك غرفتي يمنحني سكوناً ويذكرني في طمأنينة أن أتلو دعاء الإيستيقاظ من النوم ..!
- هاقد رحلتِ يا صديقتي قبل أن نفي لليدز بوعدنا ونمشي في شوارعها ونمنحها بكائية تليق بها، مذ جاء زوجي وزوجك علمت أننا قد "عدنا" وأنه قد انتهت بلا رجعة أمسياتنا الطويلة الوحيدة ومكالماتنا الليلية لتخطيط اليوم الثاني والتقابل عند مدارس الأولاد ثم الذهاب معاً إلى الجامعة ورحلات الويكإند الطويلة التي لم يكن يوقفنا عنها شيء..
حين زرتك البارحة في منزلك لإلقاء تحية الوداع عليك وعلى أولادك كنتِ مشغولة ومتعبة ومرهقة وتبحثين عن حل لحمل الحقائب الكثيرة من كنغزكروس إلى هيثرو، وكنتُ حزينة دامعة أبحث عن قوارير إضافية لتخزين كل تلك التفاصيل الكثيرة والصغيرة التي ملأت حياتنا خلال سنتين..
ليس لديك وقت للبكاء يا صديقتي؟ لا بأس ، بوسعي أن أبكي عني وعنك فما زال لدي ١٠ أيام لا معنى لقضائها هنا دونك ودون حياتنا التي أثثناها معاً كحلم شهي، ها نحن نستيقظ الآن من حلمنا وتعود طيورنا إلى أعشاشها القديمة..تغرب شمسنا في غرب الأرض لتعود وتشرق في شرقها مرة أخرى، فهل تظنين أن الآتي أجمل؟ هل تعتقدين أنه يمكن للأيام أن تكون أعذب؟ هيا عديني بذلك فلطالما وعدتني وكنت وفية عند وعودك..انظري إلي تلك النظرة وقولي لي بحزم أن أتوقف عن البكاء كطفلة نوّاحة ..أخبريني أن أفرح لأنني عشت التجربة بدلاً من أحزن على انتهائها ..واكتشفي معي مرة أخرى أشياء صغيرة ، صغيرة جداً لا يأبه بها أحد، لكن كل منا يعلم كم بوسع تلك الأشياء الصغيرة أن تسرّب الرضى إلى أرواحنا..
.
.
.
.
بعد ساعات سيكون قطارك إلى لندن ..وقتها ستنظرين من الشباك لتجدين ليدز خلفك تودعك بكل صفاء الدنيا وتأخذ منك عهداً أن تزوريها مرة أخرى..