الأحد، 31 يوليو 2011

Leeds..16

  • هاقد عادت إلي عادة القلق والأرق وعدم النوم المنتظم، قبل ٣ سنوات كنت أحياناً أستعين بالحبوب المنومة حتى أحظى بنوم أوفر يعينني على البقاء مركزة أثناء النهار...لكن تلك الحبوب كانت تجعل عيني تنام دون قلبي فأنام ولكني لست بنائمة حتى اكتشفت عبث استخدام مثل هذه الحبوب..مذ جئت ليدز تحسن نومي كثيراً..صرت أنام بعمق ..أنام مبكراً، وأصحو مبكراً، أستمتع بساعات الصباح الأولى وفي الليل أغرق في دفئ الألحفة وطوال النهار لا أحتاج حتى لمجرد قيلولة..! ترى لماذا عاد لي النوم المتقطع منذ عدة أسابيع؟

حتى عندما أستيقظ هنا قبل أن يبدأ اليوم فإن هدوء الشارع والحياة التي ما زالت غافية وتعانق الأشجار الحمراء والخضراء والصفراء بجوار شباك غرفتي يمنحني سكوناً ويذكرني في طمأنينة أن أتلو دعاء الإيستيقاظ من النوم ..!



  • هاقد رحلتِ يا صديقتي قبل أن نفي لليدز بوعدنا ونمشي في شوارعها ونمنحها بكائية تليق بها، مذ جاء زوجي وزوجك علمت أننا قد "عدنا" وأنه قد انتهت بلا رجعة أمسياتنا الطويلة الوحيدة ومكالماتنا الليلية لتخطيط اليوم الثاني والتقابل عند مدارس الأولاد ثم الذهاب معاً إلى الجامعة ورحلات الويكإند الطويلة التي لم يكن يوقفنا عنها شيء.. 

حين زرتك البارحة في منزلك لإلقاء تحية الوداع عليك وعلى أولادك كنتِ مشغولة ومتعبة ومرهقة وتبحثين عن حل لحمل الحقائب الكثيرة من كنغزكروس إلى هيثرو، وكنتُ حزينة دامعة  أبحث عن قوارير إضافية لتخزين كل تلك التفاصيل الكثيرة والصغيرة التي ملأت حياتنا خلال سنتين..
ليس لديك وقت للبكاء يا صديقتي؟ لا بأس ، بوسعي أن أبكي عني وعنك فما زال لدي ١٠ أيام لا معنى لقضائها هنا دونك ودون حياتنا التي أثثناها معاً كحلم شهي، ها نحن نستيقظ الآن من حلمنا وتعود طيورنا إلى أعشاشها القديمة..تغرب شمسنا في غرب الأرض لتعود وتشرق في شرقها مرة أخرى، فهل تظنين أن الآتي أجمل؟ هل تعتقدين أنه يمكن للأيام أن تكون أعذب؟ هيا عديني بذلك فلطالما وعدتني وكنت وفية عند وعودك..انظري إلي تلك النظرة وقولي لي بحزم أن أتوقف عن البكاء كطفلة نوّاحة ..أخبريني أن أفرح لأنني عشت التجربة بدلاً من أحزن على انتهائها ..واكتشفي معي مرة أخرى أشياء صغيرة ، صغيرة جداً لا يأبه بها أحد، لكن كل منا يعلم كم بوسع تلك الأشياء الصغيرة أن تسرّب الرضى إلى أرواحنا..
.
.
بعد ساعات سيكون قطارك إلى لندن ..وقتها ستنظرين من الشباك لتجدين ليدز خلفك تودعك بكل صفاء الدنيا وتأخذ منك عهداً أن تزوريها مرة أخرى..




الجمعة، 29 يوليو 2011

Leeds..15

  • بقي من الوقت أقل من أسبوعين...وأنا جاهزة؟ أظنني كذلك...لا زالت طاولتي الصغيرة ملئى بقواريري وعطوري ولا زالت دميتي أوليفيا وخروفي الابيض ومزهريتي وطقم حفلة الشاي الصيني الصغير وشموعي مرصوصين على رف نافذتي...لن أزيلهم وأضعهم في الحقائب إلا قبل السفر بيوم....



    • البارحة كنت أقول لزوجي : الإجازات الطويلة تشعرني بتأنيب الضمير أشعر أن ثمة شيء علي أن أفعله لا أدري ماهو، ثم أخذت أتحدث عن تجربتي الأكاديمية هنا في العامين الماضيين وإحساسي الداخلي بأنني كان يمكن أن أعمل وأستفيد أكثر، طبعا نظر إلي زوجي تلك النظرة وأخذ يتحدث أن ما فعلته كان إنجازا وأنني سأشعر بذلك حين أعود فوقتها ستتكثف التجربة، ما إن وصلنا إلى البيت حتى وجدت ماسج على جوالي يخبرني بآخر موعد لتسليم المشاريع البحثية في الجامعة، ومشروعي جاهز كمسودة ولكنه يحتاج لكثير من العمل لتعبئة نماذج التقديم، كما أنني أحتاج للبحث عن إجابات كثير من الأسئلة التي تدور في رأسي حول آلية التقديم وغيرها من الأمور المتعلقة، حين حسبت الوقت وجدت أنه لابد لي من البدء الآن لو كنت أريد التقديم هذه السنة...طبعا أحضرت إحدى كراتيني المغلقة التي بها أوراقي ،فتحته وأخذت أبحث فيه عما أحتاجه وبدأت أتوتر وأشعر أن لا وقت كافي لدي، زوجي كان ينظر إلي بشماتة ويقول:إنت اللي نقيتي وجبتيه لنفسك ، وحين بادلته النظر شذرا قال: لا تقلقي يا ماورد بإمكانك الإنتهاء من الكتابة في الوقت المحدد......
    اممم ...حقا؟ أتظنون أن بإمكاني ذلك؟

    • ٤أهداف أود تحقيقها في عام 2001-2012 حين أعود إلى جدة إن شاء الله..كتبتهم في دفتر أحلامي وابتسمت حين تخيلت اللحظة التي سأضع علامة بجوار كل هدف منهم دلالة الانتهاء منه...هم ليسوا سهلين على أية حال ويحتاجون للكثير من العمل ، لكني تذكرت كلام ابنتي التي قالت لي ذات يوم : لا تقولي عن أي شيء بلامبالاة: إنها مجرد فكرة...أعرف تماماً أن أي شيء في رأسك يا ماما حتى لو كان بالنسبة لك هو مجرد فكرة فهو في طريقه للتحقيق ...:-)
    مو لدي الدرجة يا سدول ..بس برضه شكراً ( محاولة للتواضع حتى يرفعني الله:-))، ذلك كلام محمس ومشجع أحتاج أن أسمعه في هذه المرحلة...

      • أحاول عبثا أن أشم رائحة رمضان ..سأقضي عشرة أيام منه هنا لكن علي أن أبذل مجهودا مضاعفاً لاستحضار الأحاسيس الروحانية التي تعطي للصيام معنى أكبر من مجرد الإحساس بالجوع والصبر على صداع الكافيين ، كان الله في عون كل المغتربين اللذين يصومون رمضان بعيدا عن أوطانهم وساعدهم على ولوج منطقة رمضان الروحية القرآنية الشفافة ...



        كل عام وأنتم بخير..

        الخميس، 28 يوليو 2011

        Leeds..14


        عدت اليوم من أدنبرة..المدينة الأسكتلندية التي ما زالت تفتخر بلهجتها الإنجليزية المختلفة وتاريخها الموغل في العراقة ولباسها الشعبي ذو التنانير القصيرة وموسيقاها المميزة وكتاب حروبها الذي لا تنتهي صفحاته...
        المدينة قديمة تشم رائحة قصصها من جدران قلاعها المنقوشة..وتكاد ترى دماء محاربيها التي سالت على جوانب المدينة في أحقاب مختلفة.. وتسمع أصوات مدافعها وهي تدك الحصون الحجرية..كل ذلك التاريخ غدا اليوم مزاراً مسلياً للزوار الذين يلتقطون الصور مع العازفين في الشوارع ويشترون الكثير من التذكارات الحمراء الصغيرة ويحيون مع سكان المدينة سلسلة من المهرجانات والكرنفالات الصيفية الجميلة التي تستقطب السياح من أرجاء العالم.. 


        وأنا كامرأة شرقية بحرية..كان يهمني أن أتلصص على واجهة المدينة البحرية من جهة الشرق كمحاولة لاكتشاف تعويذة البحر، وما إذا كان يتبادل الطلاسم الغارقة مع شواطئ  هذه المدينة..
        إنه بحر الشمال.. بارد إنجليزي جامد..لا يغازل امرأة ولا مدينة، لا يسهر في الليل ولا يفتح قلبه لتبادل الأسرار...
        ولأنه انجليزي ولأنني بت أعرف طبع الإنجليز...كان ذلك البحر متحفظاً عند اللقاء الأول فقط..بعد ذلك أصبح موجه يغني لي كل ليلة تهويدة حالمة أنام عليها حتى الصباح..بل ما إن أشرقت عليه شمس اليوم التالي وألهبت مزاجه حتى منحني لونه الأزرق بلا تحفظ مع رائحة خجولة لم تكن نفّاذة بما يكفي لتملأ أفق السماء وأفقي...


        يا للمدن التي تسكن البحار..!!! كيف أخبرك يا أدنبرة أنه لا مكان للخجل طالما أنت تلتحفين البحر..حتى لو كان بحرك مغرقاً في إنجليزيته..؟
        ألا تعلمين- وأنت العجوز صاحبة التاريخ- أن البحار ..كالرجال..لا يختلفون عن بعضهم البعض في كل أرجاء العالم؟
        هل جربت أن تسهري وتتدللي وترقصي في حضن بحرك، أم أن البرد الذي يهب عليك في كل فصول السنة يجعلك تلتحفين سماءك مرتجفة وتنامين مبكراً كفتاة عذراء؟




        رغم الألوان البديعة التي تخلط السهول الخضراء والصخور الذهبية والمياه الزرقاء والسحب البيضاء في أدنبرة..إلا أن شيئاً في مدينتي - ذات اللون الواحد والغافية هناك على ضفاف الأحمر- راودها عن نفسها ذات ليلة فغدت...أشهى...!!!! 

        الخميس، 21 يوليو 2011

        Leeds..13

        • دان يعيش في بيت صغير عُلّقت اللوحات الملونة والمشغولات اليدوية في كل ركن من جدران منزله ، أحضر هذه التذكارات معه من البلدان التي عاش فيها خلال عشر سنوات كاملة من حياته: تايلند ،سيرلنكا، القاهرة ، أسبانيا، بورما.. في معرض حديثه قد يأتي على سيرة الأسود والفيلة، أو الصعود للهملايا أو زيارة سيناء كأنها أشياء تحدث كل يوم لكل أحد..يقول دان: من الأفضل أن لا تعيش في البلد ذاتها أكثر من عامين..وقتها ستغادرها وأنت تحبها ودائماً ستحتفظ بذكريات جميلة لن تفسدها طول العشرة والاعتياد...
        • دان يعيش في بيت وحده لكنه قريب من والدته..يملك قطتين تتجولان في منزله..صديقته تعيش في تونس منذ سنوات عدة ويراها فقط حين تأتي إلى إجازة في إنجلترا ، وحين سألتُه لماذا لم تتزوج حتى الآن؟..لم يجد إجابة وأخذت أمه- التي تشبه كل أمهات العالم-  تظهر ضيقها من ولدها الذي تجاوز الأربعين ولم يتزوج ويمتعها بأحفاد صغار...يقول دان: أنا من الجيل الذي أفسدته الحركة التي قاومت الحياة والأفكار التقليدية وانقلبت عليها إلى حد التطرف..جيلنا الذي يسبقنا كان مكبلاً بالعادات الإجتماعية و يتخذ قرارات خاطئة ومبكرة في الزواج تنتهي غالباً بالطلاق والفشل والوحدة..قرر جيلي أن يقاوم  هذا التوجه التقليدي بعدم الزواج فانتهت حياتنا الخاصة إلى درجة من الفشل والوحدة أيضاً..أعتقد أن الجيل الجديد سيجد نقطة التوازن الناجحة .
        • بيت دان يقع في منطقة من أقدم مناطق ليدز رغم ذلك فهي منطقة نظيفة ومرتبة والطريق إلى بيته يمر بأحراش مزهرة ، درج ضيق..وأشجار كمثرى وتفاح تظلل الطريق..بجوار بيته نهر عريض وفوق النهر جسر خشبي كانت الخيول تعبر عليه فيما مضى.. من شباك منزله ترى تلة خضراء جميلة تظهر على سفوحها أسقف المنازل القرميدية الحمراء التي تتخللها الأشجار وتسمع خرير النهر الجاري..بجوار النهر سكة حديد قديمة لقطار لم يعد يمر من هناك..يقول دان الذي يستمتع بتغيير الفصول في إنجلترا كل عام وكأنه يراها لأول مرة: أرجو أن لا تلتفت البلدية إلى هذه المنطقة وتطورها..بقائها ذو لثغة بكر يعني لي وللساكنين هنا الكثير..
        • في حي دان حانة صغيرة كان يذهب إليها مذ كان في الثامنة عشر..يتجمع في الحانة كل ثلاثاء سكان الحي رجالاً ونساء من أعمار مختلفة..يجلسون في حلقة يفتتحها جاك العجوز الذي يبلغ ٩١ عاماً بعزف من أوكورديونه ثم يبدأ كل واحد في الحلقة بالغناء أو العزف على جيتاره..الكل يسمع وينطرب ويغني ويشجع البقية..تبتسم أم دان وتقول: هذا وجه من الحياة الإجتماعية في المجتمع الإنجليزي التقليدي : أغاني البحارة والبيرة وتقدير عزف الألحان القديمة رغم ذلك يقول دان أنه يشك أن هناك كتاباً لم تقرأه أمه..دان يعزف على الجيتار ويغني ويرسم لوحات زيتية ويكتب رواية ويدرّس في الجامعة  ثم يقول بلهجة ساخرة: لماذا تفعل الشيء اليوم..إن كان بوسعك أن تؤجله للغد..؟


        قضاء عدة ساعات مع دان يشبه تقليب صفحات كتاب انجليزي قديم لكنه مغرق في حداثته....!!!!


        الجمعة، 15 يوليو 2011

        Leeds..12

        • الساعة الآن الرابعة فجراً..وأنا أبدو كطفلة الكتاب التي نامت مبكراً ففرح والديها ثم استيقظت  الساعة الثالثة والنصف ولا تريد أن تنام..ليس هذا فقط، بل استيقظت جائعة..ولأن ليس لي أب يغني لي أغنية بذيئة- كما في الكتاب -كي أعود للنوم  ثانية نزلت إلى الطابق الأرضي وقمت بعمل قهوة وسكونز بالزبدة..

        أجل إنها الرابعة فجراً...!!!

        • الدش العربي والريسيفر...شطافات الحمامات...الكراسي التي تحتاج إلى إعادة تنظيف..سجادة المنزل الأصلية المفقودة في مكان ما...شراء كراتين للكتب.. ماكينة جز الأعشاب الخربانة...الحديقة التي تحتاج إلى تنظيف وإعادة تسوية..تنظيف وإخلاء المطبخ و الجراج و باقي الغرف.. إلغاء اشتراكات الهاتف والتلفزيون والإنترنت ..الكهرباء والغاز والماء ..وزيارة مصلحة الضرائب..شهادات الأولاد..كل هذا ازدحم في مخي الآن الساعة الرابعة فجراً.. 

        كيف سأقضي بالله الأيام المتبقية؟ رغم أن هناك خطة لزيارة أدنبرة ولندن وللخروج مع دان ومع ليز الأسبوع المقبل..
        لأكن صريحة..أريد لهذه الأيام أن تنقضي ولا أريد...!
        أريد لكل تلك الفوضى أن تنتهي من رأسي ومن أيامي...وأريد أن أعيش كل دقيقة متبقية لي في ليدز بكل ثوانيها... 



        • البارحة قابلت إليزابيث على فنجان قهوة..وحين أخبرتها بموعد سفري دمعت عيناها..وقالت أن الأيام مرت بسرعة وأنها حزينة لفراقي...
        تحدثنا كثيراً..قالت إنها اكتشفت معي أنه مهما اختلفت الثقافة واختلف الدين يظل الجوهر الإنساني واحداً، وأنها تتعجب من كمية الأشياء التي نفكر فيها بنفس الطريقة وتسعد للأشياء التي نبدو مختلفتين فيها لأن هذا - كما تقول- يمنحها زاوية أخرى وأفق أوسع وعين ثالثة للنظر إلى الأمور بطريقة لم تكن لتخطر على بالها..
        قالت إنها دوماً تشعر أنها تستبق الزمن..وأنها تفكر كثيراً فيما سيأتي للدرجة التي تخاف معها أن لا تعيش حاضرها كما ينبغي..قالت أنها دوماً تتسائل : ما جدوى النجاح؟ أنسعى للنجاح كي نثبت شيئاً للآخرين أم لنحقق شيئاً ما لأنفسنا؟ وقالت إنها تخشى أن لا تجد السعادة آخر الطريق لذا فهي تحاول أن تكون سعيدة أثناء الطريق....
        قالت إنني ألهمها جداً......!!!!!
        .
        .
        حقاً؟ إذن يا صاحبة الشعر الشلالي الذهبي..مالذي تفعلينه أنت بي؟


        • طيب..وبعدين؟ صلينا،وشربنا القهوة..وأكلنا السكونز..وكتبنا..وقرأنا الأخبار..وتسكعنا في الفيس بوك وتويتر... وحين أنظر من الشباك أجد السماء مزرقة صافية تماماً بنفس اللون الذي تركتها به عندما نمت البارحة..

        طيب أنا أبغى أروح السنتر دحين اشتري الكراتين للكتب..وأبغى اتصل دحين على شركة الشحن والوكالة ..وأزور فاطمة بعد ساعة لأودعها قبل أن تسافر...تتوقعوا؟
        ترا لسه الساعة حتى ما صارت ٥....

        الأحد، 10 يوليو 2011

        Leeds..11

        • اليوم هو العاشر من جولاي، هذا يعني أن شهراً بقي لي بالتمام على مغادرتي منزلي في ليدز..

        لم أبدأ بعد بلم أي شيء في البيت، وحين كانت عندي أماني البارحة..قالت لي: متى ناوية تبدئي إن شاء الله ؟ على الأقل ضعي الملابس الشتوية في الحقائب...
        وأنا يا صديقتي دائماً أقول أنه ما زال لدي وقت..إنها فقط حيلة ساذجة وطفولية للهرب من وضع نقطة آخر السطر...!!
        .
        .
        يا الله ، كأنه البارحة والله، حين كنت أبحث عن هذه النقطة في رمضان ٢٠٠٩ كي أضعها آخر السطر وأقلب صفحة أخرى جديدة، أُنهي كل شيء في بلدي هناك وأحمل حقائبي إلى بريطانيا، إنها نفس النقطة وذات الكتاب مع إختلاف الصفحات والفصول..لعامين كان اسم الفصل في كتابي: ليدز الخضراء، الآن علي أن أجد عنواناً للفصل الجديد والذي سأحاول أن أكتبه بحماس، وأن أجعل من أحداثه صفحات شيقة جديرة بالمتابعة...

        • البارحة ذهبنا إلى مزرعة فراولة وتوت..عادة في شهري جون وجولاي تفتح المزارع أبوابها ، تعطي الزائرين سلالاً وتتركهم بين مروجها الخضراء لتجربة قطف هذه الفواكه الحمراء الطازجة وتعبئة سلالهم بما يشتهونه من محصول..




        كنا مستمتعين ، وكنت أشعر بمنتهى الرضى ، أتنفس كل الأجواء الخضراء القروية التي اكتشفت أنني أستمتع بها جداً، أسيل كانت أكثرنا استمتاعاً فحلمها الذي يطربها مذ كانت صغيرة أن تكون صاحب مزرعة به بيت صغير ، تصحو الفجر للعمل في حقولها وتقضي حياتها بين الورد والخضار والفواكه...



        حقق الله لك أحلامك يا أسيل....
        عدنا البيت بكثير من توت أحمر وبلاك ورد كارنت وفراولة وقارورتي عسل يوركشايري أصلي..

        • نمت البارحة حوالي الساعة الثانية عشر، واستيقظت في حدود الساعة الثانية والنصف، جافاني النوم ففتحت الكمبيوتر وأخذت أتجول في ضيافة العم جوجل، فوجئت أن كتاب الأطفال رقم ١ في قوائم الأمازون اسمه: Go the fuck to sleep وهو كتاب يصنف أنه Children book for adults والكتاب عبارة عن قصائد قصيرة كتبها أب كان يعاني من ابنته الصغيرة ذات العامين حتى تنام...القصائد يقرأها الكبار ويغنوها لأطفالهم قبل النوم إذ أن كل الأطفال الصغار يعذبون أمهاتهم- وفي العالم الغربي آبائهم أيضاً- حتى يناموا وأذكر أنني كنت أقول لأبي : لماذا تبكي سديل حين تريد أن تنام؟الأمر لا يحتاج منها إلا أن تغلق عينيها وتسترخي وتنام، لماذا كل هذا العذاب؟ وكان أبي يرد علي: إنها حتى لا تعرف كيف تنام وتحتاج أمها في ذلك...

        هل موضة الكتب الجديدة اختيار شتيمة لتكون عنوان الكتاب ثم يكفي وضع دائرة بيضاء على الحروف المسكينة التي شاء قدرها أن تكون بهذا الترتيب وذلك فقط لإرضاء نزعتنا الأخلاقية أمام أطفالنا ؟ عموماً..الكتاب سيترجم إلى ٢٠ لغة ، وعنوان الكتاب كما أورده موقع العربية بالعربي: اذهبي للنوم عليك اللعنة!!!!! 
        هل تتوقعون أن نجد هذا الكتاب في مكتباتنا العربية قريباً؟ سننتظر ونرى..!
        .
        .
        كم شعرت البارحة وأنا مستيقظة لا أستطيع أن أنام بحاجتي لقراءة الكتاب:-)

        الثلاثاء، 5 يوليو 2011

        Leeds..10

        حسناً أمامي طريقين:

        • أن ألعن الفراغ..والوقت الذي يتسرب من بين يدي دون أن أشعر..أن أحنق على الظروف التي جعلت أبيجيل تصاب بتسمم في الدم جراء لسعة حشرة مجهولة مما سيؤخر لقائي معها وربما يختصره إلى لقاء واحد فقط بعد أن تشفى..أن ألا أكون متأكدة من أنني أنجزت كل ما أريد أكاديمياً خلال هذه السنتين..أن أتذكر أنني لم أنشر أي بحث في مجلة علمية مرموقة حتي الآن وأنني لم أتلق أي رد من أي ناشر إنجليزي راسلته حتى الآن بخصوص كتبي.. أن أنظر إلى كوم الأشياء التي ينبغي أن ترص في الصناديق والحقائب وأن أبحث عن الطريقة الأرخص والأئمن للشحن..أن أتذكر أنني لم أشتر بعد براريد الشاي والقهوة التي أوصتني عليها أمي والكتب التي تريدها أسيل ..أن أتخيل فقط راتبي الذي نزل ضئيلاً وناقصاً ومسكيناً هذا الشهر وما يقابله من مشتريات عوضت بها العامين السابقين وقد ضخمت فواتيري إلى الحد الأقصى...


        • أن أستمتع بالفراغ، أن أحجز لعمل مساج وفيشل، أن أكمل شراء حاجياتي والهدايا بمزاج محب، أن أزور هاروجيت لآخر مرة..أن أذهب للندن مع أولادي في عطلة نهاية الأسبوع لقضاء بعض الوقت مع خالي وزوجته وأحفاده، أن أغرق في قراءة رواية "أنتعل الغبار وأمشي" ، أن أتابع حلقات "The Apprentice" لهذا الموسم ، أن أشرب قهوة مع إليزابيث ونتحدث عن خططنا المقبلة، أن آخذ الأولاد لقطف التوت والفراولة آخر الأسبوع ، أن أنتظر زوجي بشوق وأخطط لرحلة أدنبرة كآخر مكان سنزوره قبل أن نرحل، أن أكتب للمزيد من دور النشر أسوة بمؤلفة هاري بوتر، أن أتعامل بصبر مع أبيجيل والمشروع البحثي، مع حنان ورسومات رومي، مع زوجي وتأشيرة السائق والخادمة..أن أكتب وأثرثر وأفكر وأسترخي في بيت ماورد.. 


        ها..ما رأيكم؟

        الاثنين، 4 يوليو 2011

        Leeds..9

        • أوصلت الأولاد للمدرسة وتوجهت للجامعة وأنا أحمل كمبيوتري وأوراقي لمقابلة الدكتورة أبيجيل وذلك كي أناقشها في تفاصيل المشروع البحثي الذي نود أن نعمل عليه معاً..منذ أكثر من شهر وأنا عاطلة عن البحث لا أفعل شيئاً لأنني لابد أن أقابلها أولاً ولأنها أخبرتني أنها ستكون مشغولة جداً حتى بدايات جولاي..لذا عندما ذهبت اليوم كنت أطمح أن أنجز الكثير وأن أضع كثيراً من النقاط وعلامات الترقيم فوق السطور وبينها كي أكمل المشروع في السعودية عندما أعود...


        انتظرت أمام غرفتها ، لا أحد،،طرقت بابها ،،لا أحد،،نظرت في الغرف التي بجوارها لا أحد..بعثت لها بإيميل عبر البلاك بيري..أيضاً لا أحد..
        تأكدت من موعدنا عبر ما كان بيننا من رسائل ، إنه اليوم..!!
        لكن لا أحد...
        إنهما أحد أمرين: إما أنها تقصد يوم اثنين آخر خلال العام لأننا لم نحدد التاريخ، فقط قلنا : الإثنين المقبل..وإما أن تكون.....ماتت!!!! بعيد الشر...!! 

        • أصبت بحالة حنق شديدة..فأنا لم أنجز شيئاً منذ أكثر من شهر..وقد تبقى لي حوالي شهر فقط وأعود، وسأكون مشغولة خلال هذا الشهر بلم أغراضي وإرسالها للشحن وإنهاء كل تفاصيل الحياة هنا، مشيت كالمنكسرين وأنا أحمل كمبيوتري وأغراضي وخرجت من حرم الجامعة، سلكت الطريق الأطول لموقف الباص فالمشي كان عزائي اليوم..وأنا أمشي مررت بالمنطقة التي ضعت فيها حين ذهبت للجامعة أول مرة..!! لم تكن أسماء الشوارع وأشكال المباني والمقاهي الصغيرة تعني لي شيئاً وقتها..كنت غريبة وكنت وحيدة..كنت مترقبة وكنت متحمسة..وها أنا الآن أحفظ السنتر والطريق إلى الجامعة شبراً شبراً..


        • رغم معرفتي بالسنتر إلا أنني دوماً كنت أبحث عن مطعم إيطالي صغير..هذا المطعم أكلنا فيه أول يوم لنا في ليدز..كنا نمشي على غير هدى وكنا جائعين حتى وصلنا إلى مطعم أنيق ذا درج في مدخله، استقبلنا رجل إيطالي عجوز وأكلنا كثيراً لأننا الأكل كان لذيذاً أو ربما لأننا كنا جائعين.. بعدها حاولنا أن نعود ثانية لهذا المطعم لكننا لم نعرف أين هو، بحثنا عنه كثيراً حتى شككنا في وجوده أصلاً وأنه ربما كان من صنع أحد خيالاتنا..

        اليوم وأنا أمشي آثرت أن أدخل من زقاق صغير لمجرد الإكتشاف والفضول..وهناك كان المطعم وحيداً..اشتغل في رأسي الفلاش باك..أجل هاهو الدرج وهاهو صاحبه الإيطالي وهاهو الورد الأحمر الذي ينتشر على شرفات المطعم...
        يا للمفاجأة الحنونة...كما استقبلتنا ليدز آثرت أن تودعنا..
        سأحرص أن أصطحب عائلتي التي شاركتني البحث عن هذا المطعم لعامين-للعشاء فيه في آخر يوم قبل أن نرحل..!!




        مسلسل كويتي

         هل قلت لك يا ماورد أنني أحتاجك جداَ؟ نعم سآتيك كثيرا فطيبي خاطري كلما أتيت وقبليني على جبيني ولا مانع أن تحضنيني فلن أمانع.. البارحة ذهبت إ...