الثلاثاء، 27 ديسمبر 2011

رجعت الشتوية ..(١١)

استيقظت اليوم في السابعة والنصف بدون منبه..
قررت أن أصنع لنفسي فطوراً مميزاً..ذهبت للمطبخ وأنا أغني للصباح، جهزت ساندوتشاتي المفضلة وقهوتي ..ثم حملتهم معي نحو السرير ، وها أنا ذا أقرأ وأكتب وأسمع موسيقى وأشرب قهوة..!
قد تبدو أشياء بسيطة ، ولكني قررت ممارستها اليوم بتركيز بعد لقاء تواقة البارحة والذي كان يناقش كتاب بيكاسو وستار بكس لياسر حارب..
رغم أن اللقاء كان صاخباً إلا أن أغلب النقاش انصب على مفاهيم كالسعادة والرضى وحب النفس والتوازن والبساطة، كنت أراقب وأنصت باستمتاع إلى جدليات وفلسفة هذه المفاهيم وكيف يفهمها كل شخص بطريقة مختلفة..ويعبر عنها بشكل مغاير..

لن أتحدث أكثر عما دار في اللقاء لأنني سأعود لكتابة تقرير عنه في مدونة تواقة خلال الأيام المقبلة..
لكنني سأتحدث عما لم يدر في اللقاء..بل دار في نفسي، وفتح نوافذ الأسئلة:

- كيف يا ياسر وصلت لباولو كويلو؟ كيف دار بينكما هذا الحوار الشهي؟ كيف عقدت هذه الصداقة المختلفة لدرجة أنه أعطاك قوسه؟ هل أنا متعجبة وأطلق الأسئلة لأنه الشخصية المشهورة باولو كويلو؟ ألا يوجد حولنا أشخاص غير مشهورين ولكنهم نار على علم في قلوبنا ويمنحوننا الكثير من الحكمة والصداقة؟ ألا يستحق هؤلاء أن نبحث عنهم؟

- لماذا تقول "أن الحقيقة خيار واحد"؟ أهي كذلك فعلاً؟ إذن كيف لنا أن نكون متأكدين ؟ وبالمقابل هل الخيارات تنصب في حقيقة واحدة؟ أهناك دوماً خيار واحد هو الصواب لأنه الحقيقة وما سواه باطل؟ كيف نتعايش مع هذا المفهوم ونتقبل اختلاف خياراتنا في الحياة؟

- تقول إن الحب يختفي عندما نحاول تأطيره ويظهر عندما نعجز عن إيجاده..أتعني أننا يجب أن لا نطارد الحب؟ وأنه كما يقول كثير من الروائيين بلغة رومانسية-  يأتي من حيث لا نحتسب؟ يأتي في الوقت الغير مناسب؟ وإذا حاولت القبض عليه وحبسه فر صاعداً نحو السماء؟ هل ينطبق ذلك على كل أنواع الحب أم أنه تفسير جميل فقط لخيبات الحب والعلاقات الغرامية؟ ما دون ذلك من حب هو قابل للإيجاد والتأطير والاكتساب والعطاء وإغراق من حولنا به؟

- "يفضل الإنسان أن يخسر رقم تسعة أو ثمانية على أن يخسر صفراً واحداً" ألا يشبه ذلك ما كتبته في قصة فاطمة الحالمة عن الصفر وأنه رغم ضآلته أساس كل الأرقام العظيمة في الدنيا؟ يا للرسالة في هذه الفكرة..كم عدد الناس والأشياء التي لا نلقي لها بالاً ولا نعطيها قيمة ولكننا غير مستعدين لخسارتها: عبد الغفار سائقي البسيط..مناديل الكلينكس..مسحوق النسكافيه..

- " يعتقد ابن خلدون بأن الوعظ، في أحيان كثيرة يؤدي إلى سفك الدماء"، هي ليست مقولتك يا ياسر،لماذا إذن  علمائنا وشيوخنا اللذين يحترفون الوعظ منذ بدايات جيل الصحوة لم يقرأوا هذه العبارة وهي لابن خلدون، بل وظنوا أن الوعظ هي الطريقة الوحيدة التي تقوم عليها المجتمعات المسلمة؟

- حين كتبت عن عازف الساكسفون الذي ينشر الحب بين الناس في الشارع الخامس، تذكرت امرأة عجوزاً كانت تجلس كل يوم في نفس المكان في أحد شوارع سنتر مدينة ليدز، وتعزف بمنتهى الانهماك والاحساس، كنت دائماً أقول: هذه امرأة تغازل الأثير، فهل أجمل من أن تمشي في سنتر المدينة الجميلة وثمة خلفية موسيقية خلفك وأفكارك تتدفق في عقلك ومشاعرك تنهمر في قلبك وكأن المنظر كله مشهد من فلم يعرض على شاشة حياتك؟

- "الذكرى مهما كانت جميلة فإنها تطوح بنا في نهايتها وترمي في قلوبنا ببعض الأسى" بجوار هذه العبارة رسمت وجها بحاجبين معقودين غاضبين..لا، لا أتفق معك يا ياسر، بل إننا نحتاج للذكريات الجميلة كحبوب مضادة للحزن ، كشهادة صدق موقعة على قوبنا، كنوافذ تمنحنا بعض النسمات إذا اشتد بنا الحر...
أليست كتاباتك كلها تداعيات من ذاكرتك؟ ألست توظف هذه الذكريات كمشاعر وخبرات وأحاسيس لتكون وقود قلمك وحبره؟ أليس هذا ما يفعله الكتّاب؟
.
.
سأكتفي الآن بهذا القدر من الأسئلة التي لم أكن أبحث عن إجابات لها أو بلغة أخرى سأكف الآن عن التحليق على أجنحة الكتاب..
أليست هذه وظيفة الكتب يا "تواقة"؟
    

هناك 6 تعليقات:

  1. حمستيني اقرا الكتاب!

    ردحذف
  2. اذن اقرأيه وشاركينا انطباعاتك عنه في مدونة تواقة :-)

    ردحذف
  3. Amani

    ماورد ...
    على الرغم من وجودنا معا في تواقة لمناقشة الكتاب إلا أنني تمنيت لو ناقشناه وحدنا كما كنا نفعل قبل تواقة .. أثارني تشبيه الحب بالموسيقى لدرجة أنني صورت الجزء ووضعته خلفية في البلاك بيري وأنهالت الأسئلة من أي رواية هذه الجزئية .. أسلوب ياسر يشبه أسلوب باولو كويلو الحوار البسيط العميق المفرط في الفلسفة ...


    حرية .. تمنيت كثيرا أن أعرفك واليوم عرفت أننا ألتقينا بالأمس ولم نعرف بعضنا ،، نلتقي بعد شهر بإذن الله في تواقة ...

    ردحذف
  4. دائماً بوسعنا أن نناقش كتبنا الحبيبة على قلبنا في غرفنا الخلفية يا أماني حتى لو كنا نعرضها على المسرح..
    حرية..بعد أن عدت أمس وحادثت أماني قلت لها: حرية كانت موجودة..:-)
    الدور عليكما إذن المرة المقبلة وسأقوم بتصوير لحظة اللقاء الدرامية:-)

    ردحذف
  5. من جمال هذا الكتاب قرأته بسرعه وانا مستمتعه ولكن ظلمته لاني لم اتمعن فيه كثيرا .. اعتقد يجب عليا ان اقراه مرة اخرى ..

    ردحذف
  6. بانتظار قراءتك الثانية، ومشاطرتنا انطباعاتك..:-)

    ردحذف

رسالة من ماورد شديدة اللهجة..

 اسمعي يا عزيزتي الثرثارة جدا.. والصامتة جدا بما أنك في الفترة الأخيرة منطفئة، حزينة، لا أحد يسأل عنك أو يكتب لك رسائل، ولا أحد يأبه بك  سأك...