الجمعة، 28 يناير 2011

جدة..

توقفت حياتي منذ يومين..ولم تتوقف دموعي..رغم أنني أعلم أنه ليس هناك حتى تصريف للدموع..
لا أكتب..ولا أعمل ..ولا أذهب للجامعة..ولا أفعل أي شيء- هنا في بريطانيا- إلا التحديق في المناظر المرعبة على الإنترنت..ومحادثة الأهل..والبكاااااء..




أحقاً يحدث هذا ؟
أحقاً هذه صور مدينتي أم أنها مدينة أخرى لا أعرفها؟
أحقاً سبح أبي في الطين والماء ليصل إلى أختى الباكية العالقة؟
أحقاً كدنا نفقد أخي الذي سبح أيضاً في الماء وتجاوز السيل بحبل مربوط بين الجهتين؟
أحقاً بات كل أولئك الذين لا رابط بينهم في بيت عمي الذي فتح بيته عن طيب خاطر لاستقبالهم؟
أحقاً احترقت مبان في الجامعة وامتلئت أفنيتها بالماء ولم تعد صالحة لأي استخدام وتواجد آدمي؟
أحقاً جاءت هليكوبتور لإنقاذ سمو الأميرة والباقي لا يستاهلون لأنهم  "طرش بحر" ؟
أحقاً في كل عائلة عشرات القصص والمآسي التي تبدو وكأنها أحداث لفلم آكشن هوليوودي؟
..أكل اولائك ماتوا؟ تقطعت بهم السبل؟ غرقت بيوتهم؟ فقدوا سياراتهم؟ وباتت مدينتهم الحلم تحت خط البحر ومستوى البلاليع؟
هل بقي شيء لم أقله؟
هل بقي شيء لم يقله الناس؟
هل بقيت صورة لم تشهد على المأساة؟ أو كلام لم يكتب ؟أو دموع لم تذرف؟
أشعر أنه ليس لكلامي قيمة وأنا أكتب من بعيد..لكن والله قلبي يحترق وأشعر بالعجز وامتلئ حنقاً..ولا أعرف ماذا أفعل؟ أنا جداوية حتى النخاع ويؤلم كل ذرة من قلبي ما يحدث فيها حتى لو كنت في أقصى الأرض..
لم نعد قادرين على سماع مزيداً من الوعود المضحكة..والإعتذارات السخيفة..والمشاريع التي يبدو جيداً أنهم بلّوها وأن أهل جدة من شرب مويتها..بل تجرّعها..وشرقوا..وغرقوا كمان!
قبل عدة أسابيع علقت مع أبنائي في مطار هيثرو بسبب كارثة أجواء من نوع آخر..
رغم جزعنا..وارتباكنا ..ورغم حجم الكارثة إلا أنه كان السهل الحصول على المعلومة ومن ثم التوجه بناء على ذلك..
الراديو..التلفزيون..مواقع الأخبار.. شرطة الشوارع ..مواقع المطارات والقطارات الرسمية ومواقهم على تويتر والفيس بوك..وزارة التعليم..وأي خدمة أخرى نطلبها وأهمها خدمة مراقبة الأحوال الجوية وتحذيراتها - كل ذلك ساهم في التخفيف قليلاً من حدة المشكلة - وأن لم يحلها أبداً- كان الناس مستائين ..محبطين ومتعبين لكن كان لدينا شعور أن ثمة من نسأله ولديه إجابة..ثمة من يعرف أكثر منا.. وإن لم تعجبنا إجابته..
هذا عدا تداعيات أزمة هيثرو الحكومية وأخذ المسئولين الموضوع بجدية كما نسمع..!


لماذا إذن كان أهل جدة وحدهم في كل ذلك بدون أي دعم ومساعدة حكومية منظمة مسبقاً؟


هل نتحدث عن الفساد؟ أم سوء التخطيط ؟ أم الفشل في إدارة الأزمات؟ أم انهيار حتى الحلول المؤقتة؟ أم أزمة المشاريع الورق؟
من أين نبدأ حتى تنتهي؟




والله ليس لدي حتى القدرة أن أقول شيئاً آخر !!!!


اللهم كن معنا في هذه المحنة ولا تكن علينا..!




الثلاثاء، 25 يناير 2011

ح..ل..م..(١)


  • حين انتهت ألواح الشوكولا العشرين قلت أن في جعبتي حلم سأتجاذب أطرافه عشرين أمسية مقبلة...



تأخرت في الكتابة لأن ذاك الحلم مراوغ.. يظهر لدقائق فتلمع ابتسامته ثم يعود ليختفي خلف الغيوم من جديد..
أحياناً يفاجئني بقوس مطر لامع منهمر وأنا أمشي في شارع بيتنا..أحيانا يدس رسالة في بريدي..ماسجاً في جوالي..حلماً في نومي..ودقة قلب في قلبي أعرف وقعها جيداً..توقفت عن رشوة الحلم لأنني أعلم أنه هناك.. هو هناك.. بعيداً في مكان ما لكنه هناك..هو سيمنحني ذات يوم كلمته كاملة بدلا من حروفه التي تظهر مقطعة في سمائي..





  • البارحة..كنت عند صديقة الرحيل ..وكمشاغبة ليلية فتحت إيميلاتنا القديمة..قرأنا معاً إيميل كانت قد أرسلته لي عقب قرائتنا لكتاب "٣ أسابيع مع أخي"..كان ذلك قبل ٣ أو ٤ سنوات ربما..

كانت تقول في الإيميل:
 
نفسي أسافر مع وحده مهووسة زيي..و ما في في الدنيا صحبة حلوة ومهووسة زيك 

نفسي أروح مكان يكون فيه بحر وجبل وثلج 
قمة الإثارة ، نسبح ونتزلج على الثلج بس بلاش نتسلق لأني ما أضمن النتائج وممكن تكون مدمرة
 وتنتهي الرحلة بشماتة اثنين فينا محمد وفهد 
أنا فكرت بإيطاليا وسويسرا نزور عدة أماكن ومتاحف ونروح نحضر مسرحية في لندن وكم فيلم ما أدري فين 
بس نروح مكان يليق بجنوننا سوياً 
يتوفر فيه الإثارة والدهشة  
أهم شي المغامرة وطبعا رح اتشجع منك ولا أنا أجبن بنت على وجه الأرض أخاف من الملاهي 
وطبعا نجري ونأكل أيس كريم في الشارع ونجري زي المجانين ونضحك بصوت عالي 
نتزلج على الثلج 
ونسبح خلي بالك.. أنا أبغى أسبح 
نزور مكتبة طبعاً ونشتري كتب 
وممكن نروح السوق مره أو اثنين 
نقعد على الرصيف 
نجلس في مكان ساحر ورومنسي وأخاذ ساعة الغروب وتنتابنا حمى البوح 
ونستفيض نحكي عن مغامرات عشناها 
ومغامرات نتمنى لو كنا أبطالها 
 



ومن ردي عليها:



لا أجد السفر تضييع فلوس كما يظن البعض..
ولكنك تشترين ذكريات كثيرة تضعينها في صندوقك الخاص، تشترين مناظرا وأجواء مختلفة، تشرد على الأرصفة، وركض في المطارات...
تحتاج الحياة إلى هذا النوع من "الشراء" على سبيل التغيير
الآن، وبعد الثلاثين..دعينا نحلم، فالأحلام كما أؤمن أول طريق لتحقيق الأشياء... 
أجل أحلم أن نسافر معاً ، أن نحقق ما كتبته هناك...أن نجرب شيئا جديدا ومختلفا... 
من يدري؟ عندي ثقة بأن ذلك يمكن أن يحدث في يوم ما...
(أقصد رحلتنا الثنائية)





كانت هذه الكلمات قبل أن تخطر على بالنا فكرة السفر أصلاً..
كنت تحلمين بالسفر معي أنا بالذات وكنت أحلم بمغامرة ثنائية..وهاهو الحلم قد تحقق بحذافيره:
سافرنا لمكان فيه بحر وثلج وجبل..مشينا كثيراً في الثلج ولم نتسلق جبالاً..زرنا كثيراً من المتاحف..وحضرنا مسرحية في لندن..وحضرنا أفلاماً كثيراً فإن لم تكوني وقتها تعرفين أين سنشاهد الأفلام سأخبرك أننا حضرناها في سينما ذا لايت  أو مركز النور كما نسميه أحياناً..
تذكرين حين شجعتك لركوب الملاهي معاً..تذكرين كم كنت تبدين جبانة وكم ضحكت على ذلك مع احترامي الشديد لخوفك؟
تذكرين العام الماضي في عز الثلج حين كنا نأكل آيسكريم في الشارع متلذذين وكيف قابلنا أحدهم ووصفنا بأننا مجانين إذ لا يعقل أن يأكل شخص ما آيسكريم في وسط الثلوج ..وكيف انفجرنا ضحكاً من تعليقه كالمجانين؟
تذكرين كيف سبحنا في الحمام التركي في هاروجيت؟ وكيف ذهبنا إلى مكتبة دار الساقي في لندن وخرجنا محملين بالكتب؟
وكم مرة ذهبنا للسوق؟ حتماً إنها ليست مرة أو اثنتين..وكم مرة جلسنا في أماكن ساحرة نحكي عن مغامرات وقصص عشناها وأخرى نتمنى لو كنا أبطالها؟
جاء دوري...
ألم نشتري كثيراً من الذكريات والمناظر والأجواء المختلفة؟ بل اشتريتها بالمعنى الحرفي حين قمت بعمل ألبوم الصور الذي أسميته ليدز وكتبت فيه مع الصور قصة سفرنا ثم اشتريته من ماك بعد طباعته..
ألم نتشرد على الأرصفة ونركض في المطارات (على الأقل قبل شهر من الآن مع مشكلة مطار هيثرو والثلج)؟






ويلي..أصبت بالدوار...


أبهذه البساطة كنا نخط أقدارنا؟
أبهذه التفاصيل كنا نكتب مستقبلنا؟
أبكل هذا الإيمان كان لدينا ثقة في تحقيق أحلامنا؟
...
كنت دوماً أؤمن أن بداية الطريق حلم..حتى لو كان عبثياً ساذجاً وردياً جداً..
وكنت لا أبكي عدم تحقيق أحلامي فهذا أمر مفروغ منه..بل أبكي عدم قدرتي على حصول على حلم واحد..
من الآن سأكتب أحلامي..ببساطة ..بعفوية..وبدون أن أتكبد عناء التفكير في طريقة تحقيقه..
ألم أقل أنه هناك..هناك خلف غيمة ما...






  • كعادة صباحية ..بمجرد أن أستيقظ أمسك بالجوال وأدخله تحت اللحاف المظلم..أغلق المنبه..وألقي نظرة على الماسجات والإيميلات..


وأنا تحت اللحاف قرأت اليوم إيميلاً من روح جميلة اسمها رحاب..
رحاب لا أعرفها جيداً .. هي فقط تعرفني من خلال أسراري المبعثرة ومدونتي..وقد بعثت لي تقول أنها ستكتب لي رسالة طويلة ذات يوم..
وكتبت رحاب الرسالة..
كانت غامرة..تضيئ في ظلمة الغرفة..تطلق كثيراً من الورد والياسمين في كل اتجاه..وترسم ابتسامات كأهلّة العيد الكثيرة التي بزغت فجأة وامتلئت بها سمائي ..
كنت ما بين النوم واليقظة..،وتلك الرسالة  كانت كحلم أبى أن يزورني وأنا نائمة بل فضل أن يوقظني ويطبع على قلبي قبلة...
شكراً رحاب..


 حلم اليوم:
أحلم بكتابة جزء ثاني لكتاب الأرجوحة..!!!
أحلم أن أدخل حالة كتابة منشية وأن تقف حواسي إجلالاً لدخول تجربة كتابة كتاب جديد..

السبت، 22 يناير 2011

قراءة في كتاب - رأيت رام الله



قبل عدة أيام كتبت في استاتس البلاك بيري: نفسي في رواية تشهّي..وكعادة أمنياتنا الصغيرة أتت هذه الأمنية تخطر في خفر على شكل رواية إلكترونية قبضت عليها صدفة في صفحات الإنترنت..
( شكراً هيفاء الزهراني فقد قرأت ما كتبته عن الرواية وحملتها مباشرة رغم عدم حبي للقراءة الإلكترونية) 



مرحى..هذه رواية يا أماني كنا نبحث عنها لم تكتب في غرف النوم الخلفية..هذه رواية تحمل أطناناً من الشجن العذب..من الألم النبيل..من إنسانية مجروحة وشتات لا تعرف له أولاً ولا ينتهي بنقطة آخر السطر..



هذه رواية اسمها" رأيت رام الله" للكاتب الفلسطيني مريد البرغوثي..

هي تحكي فصلاً من حياة مريد حين عاد بعد ثلاثين سنة من الشتات ليزور بلده دير غسانة في رام الله ..ما بين عبوره للجسر الخشبي الصغير و ليلته الأخيرة تشكّلت فلسفة وسيرة حياة وأسئلة تفوق المأساة حجماً وتزيد عن عمر الكاتب طولاً ..
لغة الكاتب عذبة متقنة مغموسة في كثير من شجن متفرد..تصف لك بيئته في فلسطين فتكاد ترى الحقول وأبنيتها الحجرية و تشم رائحة زيت الزيتون وتسمع أهل البلد وهم يدبكون على أنغام راقصة..
بكيت حين حكى عن مقتل أخيه منيف وغسان كنفاني وناجي العلي..حين وصف الغربة بأقسى مايمكن وبأبلغ ما يصل إليه شعور إنسان..أدهشني حين تحدث عن اختلاف الطفل الفلسطيني عن غيره من الأطفال..وعن حيلة البدء "بثانياً" لتبرير وحشية إسرائيل و كثير من الظلم والإعتداء في العالم..عشت معه تجربة قراءته الشعرية لأبناء قريته اللذين لم يقتنوا كتاب شعر قبلاً..اتفقت معه كثيراً حين قال بأن أماكننا المشتهاة ليست إلا أوقاتاً..وحين تحدث عن علاقة الفلسطينيين اللذين يتوزعون في أقطار الأرض مع رنين الهاتف الليلي.

كثير من الفلسفة والرؤى الإنسانية في ثنايا كلمات الكاتب وتعاطيه مع الحياة تجعلك تجزم أن بعض الناس يملكون أعماراً كثيرة..لأن عمراً واحداً لا يكفيه زخم بهذا الحجم..
.
.

تذكرت زيارتي لمتحف الحرب في مانشستر وكيف أنني قلت في العرض الذي قدمته حول المتحف أننا قوم لا نعرض أجراحنا التي لا تزال دامية ثم نتفرج عليها وندعو العالم لتقليبها بين يديه..مبدعينا يوثقون مآسي الحروب عبر أدب رفيع شعراً ورواية..وهاهو الدليل على ما قلت أمسكه بين يدي..

هذه عائلة أتمنى من قلبي أن أقابلها..مريد البرغوثي الشاعر والكاتب الفلسطيني..زوجته رضوى عاشور الروائية المصرية ..وتميم البرغوثي ابنه الشاعر المصري الفلسطيني..
.
.

اممم..هل أستمر في كتابة قائمة أمنياتي؟

ست نجمات من خمس لهذا الكتاب..




مختارات من الكتاب:


- هل الوطن هو الدواء حقا لكل الأحزان؟ و هل المقيمون فيه أقل حزنا؟


- زيت الزيتون بالنسبة للفلسطيني هو هدية المسافر، اطمئنان العروس، مكافأة الخريف، ثروة العائلة عبر القرون، زهو الفلاحات في مساء السنة، و غرور الجرار.


- أمر محير وغريب كل العودات تتم ليلا وكذلك الأعراس والهموم واللذة والإعتقالات والوفيات وأروع المباهج . الليل أطروحة النقائض !


- قد تبعثر موتانا في كل أرض، و في أحيان لم نكن ندري أين نذهب بجثثهم.. و العواصم ترفض استقبالنا جثثا كما ترفض استقبالنا أحياء.


- الغربة كالموت, المرء يشعر دائما أن الموت هو الشيء الذي يحدث للآخرين , منذ ذلك الصيف أصبحت ذلك الغريب الذي كنت أظنه دائما سواي.


- والقهوة يجب أن يقدّمها لك شخصٌ ما. القهوةُ كالوَرْد، فالورد يقدّمه لك سِواك، ولا أحدَ يقدّم ورداً لنفسه. وإن أعددتها لنفسك فأنت لحظتها في عزلة حرة بلا عاشق أو عزيز، غريبٌ في مكانك. وإن كان هذا اختياراً فأنت تدفع ثمن حريتك، وإن كان اضطراراً فأنت في حاجةٍ إلى جرس الباب.


- منيف يتصل من قطر وأنا فى أمريكا ليخبرني عن استشهاد فهيم فى بيروت و دفنه فى الكويت و ضرورة تبليغ ستى أم عطا فى دير غسانة ،و جدته لأمه فى نابلس ، و أمى فى الأردن . رضوى و انا نؤكد حجزنا للعودة عبر روما الى القاهرة.


- كانت كل عودة مؤقتة تكمل النصف الثانى من الجملة
،فالغربة كلها شبه جملة
!! الغربة شبه كل شئ

الاثنين، 17 يناير 2011

قراءة في كتاب - أن ترحل

انتهيت للتو من رواية الطاهر بنجلون "أن ترحل" ...



تدور الأحداث في المغرب وإسبانيا حيث يحلم شاب مغربي وأخته بالهجرة بعد أن ضاقا ذرعاً ببلادهما وبالفرص الضئيلة التي توفرها لهم خاصة أن الشاب" عز العرب" متعلم وحاصل على شهادة..
ليسا وحدهما من يملكان هذا الحلم بل إن جيلاً من الحالمين الفقراءالعاطلين في المغرب ينظرون إلى الشاطئ المقابل كأرض الأحلام الموعودة..وحين ينتقلون إلي هناك بواسطة الهجرة الغير شرعية يتفاجئون بأن الحياة أيضاً صعبة..والغربة قاسية ..ولأنهم من المورسكيين فكرامتهم مهدورة..
أصبت بإحباط من لغة الرواية..لا تحافظ على رتم واحد..تارة أشعر أن بها نبرة خطابية مزعجة..وأخرى كأنها كتابات مراهقين..وقليل جدا من الصفحات التي تحوي لغة جميلة بعض الشيء..
كثير من الأحداث والشخصيات ليس لها أي داع..مجرد حشو لا يخدم النص ولا يتناسب مع السرد..
أزعجني أن كثيرا من الأحداث تدور في غرف نوم الرجال وسهراتهم الجنسية الصاخبة مع رجال..قلت في نفسي:لماذا يتفنن الكتّاب في جعل هذه الوقائع دوما جزء من السرد؟ ألهذه الدرجة يتسم عالمنا بالقذارة؟ أم أنني من أعيش وحدي في غلالة وردية؟ أم أنها لزوم الرواية العصرية؟
أعجبني أن الكاتب تعاطى مع مفهوم الرحيل أيا كان. وبأي طريقة كحل وحيد وكلزمة للشباب -خاصة المغربي- تناول من خلال السرد بعض المشاكل الشائكة كالهوية والانتماء والاغتراب والدين والتنازل عن القيم في سبيل تحقيق هذا الحلم..والشلل الذي يسببه هذا الإستغراق الحالم الذي يضيع أي فرصة لحل مشاكل الشباب في أوطانهم.

نجمتين من خمس لهذا الكتاب.

الأحد، 16 يناير 2011

شوكولا (٢٠)


  • بيت ما ورد:  
مع قضمتي العشرين الأخيرة من لوح الشوكولا الغامقة بنكهة البرتقال سأخبرك بشيء يا بيت ماورد:

    أحبك جداً..
    أحبك لأنك تحتويني..لأن نوافذك دوماً مشرعة..وستائرك مسدلة ..وأبوابك مواربة..
    أحبك لأنك دائما تخبئ كثيراً من الأصدقاء وكوم من الدفئ في أركانك وتحت وسائدك..وباقة من قبلات السكّر تذوبها في أكواب قهوتك ..
    أحبك لأن لا أحد قادر على احتواء هذياني..حماقاتي..ثرثرتي..قفزاتي مثلك..لأنك تعرفني بكل أشكالي وقوالبي..
    أحبك لأنك غدوت دفتراً قريباً من القلب شاهداً عليه ..كما كنت أحب لدفاتري أن تكون: غير مسطّر..وبغلاف أنيق.. ألصق ما شئت به من الصور ..أخبئه في درجي بجوار سريري..وما يكتب فيه ليس للنشر أبداً!!


    • تجربة: 
    أجل كانت تجربة كما كان يردد الكثيرون....لا يمكن أن نكتب قائمة ما يستفاد من تلك التجارب لكنها تبقى عميقاً في القلب..تستقر هناك ..تشكل الروح وتمنحها بعداً آخر..سأظل أذكر تلك التجربة بكل مفرداتها: الثلج..هيثرو..الأطفال..البرد..الأندرجراوند..لندن..القطار..السفر ..الحقائب..والرجل النبيل..!!

      ذلك الرجل النبيل بمعطفه الطويل وابتسامته الهادئة وجزعي ودموعي..بكل ذلك أحبه خيالي..ورسم احساساً بقدر ما أعلم أنه كاذب بقدر ماهو لذيذ..!!



      • جدة:  
      بمطرها وغرقها .. بلثغتها وأنوثتها ..بصباحها وسهرها..جدة ما زالت أنا..حتى بعد أن غبت عنها..كلانا غرق..أنا في غربتي وهي في مطرها..
        شعرت هذه المرة أننا نملك نفس السائل الأحمر: في عروقي وبحرها..
        أننا نملك نفس الأحلام المعطوبة.. نفس الأنفاس المتشظية..ونفس الالتفاتة المترفة..
        كلانا يحب الشعر والروايات وقصص الليل وفيروز الصباح.. كلانا يقدس البحر :هي عروسه العارية وأنا غجريته الحافية..

        كلانا يكبر..ويدفن في عمق السنوات جزءا من عمره وأحلامه ..وكثيراً من خيباته..
         جدة ..أخبريني يا صديقتي: هل سأعود؟
        أشعر بذلك..هل تشعرين أنت؟


        • عائلة:
         هل علي أن أقول كم أتعبت هذه العائلة دون أن أقصد..؟
          زوجي الصديق الذي أعيش معه الحب والفقد بكل أحلامهما ودموعهما..

          أبي الذي قال لنا يوماً في تجمع عائلي: أريد أن أشكو لكم شوقي لماورد وأبنائها..لا أعرف كيف أتعامل مع هذا الشوق..فهل تخبروني؟ أمي ..إخوتي..أخي ..ولائحة لا تنتهي من المشاعر التي لا أعرف كيف أصفها أو أكتبها..
          • صديقات:
            ألم أقل يوماً أن خارطة علاقاتي تغيرت؟! أجل..هي كذلك ،رغم ذلك لا تزال الحمامة بكل بياضها محلقة في سماواتي تلتقط رسائل القلب وتعيدها ثانية موقعة باسم لا تمحوه أية أمواج..الجاردينيا لا تزال تزهر فوّاحة..مختالة..جميلة على كل ركن من أركان العمر..مبقية أريجها كقدر حتمي عبقاً مترفاً..
            صاحبة كوب الحظ الأبيض تخاتلني..تظهر لتختفي،،ثم تختفي لتظهر من خلف صباحات قديمة لتعدني بكوب قهوة أخير لا يجيء.. صديقة الرحيل التي صارت جزءاً من أمسياتي..وصوت أفكاري وحياتي اليومية..
            سحابة التي أمطرت على بيتي ذات صباح..وتلك الجميلة شبيهة أحلام مستغانمي والتي يتجدد الإحساس كلما قابلتها: أنني بطلة في رواية..
            أخريات كثيرات..يقاسمنني الحلم والصباح والعشوات الفاخرة..ووفاء رأيته هذه المرة لامعاً في الأحداق..


            هل يكفيك يا بيت ماورد؟
            لا زال في جعبتي حلم...سيكون بداية "لعشرون" أمسية قادمة..!!

            شوكولا (١٩)

            منذ أن وصلت ليدز قبل عدة أيام وأنا أدخر كلاماً كثيراً لبيت ماورد..
            كلام عن تلك الأسبوعين التي قضيتها في جدة..
            عن عودتي متحمسة..عن خططي التي بدأت أكتبها وأفرد لها مساحة في جدولي..
            عن رؤيتي للفرصة الحقيقية في هذه السفرة ورغبتي في الاستفادة منها لآخر قطرة..
            عن احساسي الداخلي بقدرتي على العودة والبحث من جديد عن مكاني ..
            عن حلم بدأت أرى وهجه في عيني..
            عن جدوى رمي تلك القارورة بكل ما فيها في نهر التايمز..
            .
            .
            لكني
            لكني كمن فقدت لسانها فجأة..!
            كمن بدأت تفقد من جديد ذلك الوهج..
            وكأن القارورة قد عادت إلي مع التيار.. وكأن الوحدة قد أحكمت قبضتها علي من جديد..
            .
            .
            أليس الحلم (بضم الحاء) بالتحلّم..؟
            والجمال بالتجمّل..؟
            والأمل بالتأمّل..؟
            والفرح بالتبسّم؟


            إذن سأرسل هذا البوست..وسأبدأ بالكتابة مرة أخرى بعد خمس دقائق ..




            أعدك يا بيت ماورد أن تكون كتابة حالمة..جميلة..متأمّلة..مبتسمة..!!





            الأربعاء، 5 يناير 2011

            شوكولا (١٨)


            • ارسلت ماسجاً هذا الصباح لصديقتي الحمامة قلت لها: حياتي كانت "مركز البساتين" ولكني بدلاً من أن أصير "ستارز أفينيو" صرت "سوق الحجاز"...

            لم يعجبني هذا الهبوط في ستاندرد الحياة...!



            • اليوم كانت أمسية "على الأرجوحة" سأكون إيجابية وسأسكت ذلك الجني الناقد الصغير الذي يقبع داخل عقلي..وأطلق فراشات صغيرة لتحوم بكل سعادة:



            - قابلت رقية..رقية التي أحبها جداً..رقية الشقية الصغيرة الجميلة...لم يسعفني الوقت لأجلس معها كما يجب لكني حملتها في قلبي وردة فل معطرة..
            - أخجلني كلام الدكتورة لمياء..صعب أن يؤمن بك شخص بهذه الشدة الهادئة ..فيدفع مركبك برفق ثم تخشى أن تسقط أنت فيتبلل هو..!!!
            - أبي وعمي يجلسان ..أرقب نظرات إعجاب في وجهيهما..أبي تأخر على عشاء عمل مهم كي يسمع باقي ثرثرات ابنته..أمي في المقدمة كما يليق بها دوماً..وأختاي حاضرتان بقوة دون الثالثة التي أشتاقها..
            - صديقات كثيرات أتوا..رغم غياب شريحة كبيرة أخرى من المدعويين الرسميين بسبب محاضرة أخرى مهمة في ذات الوقت..صديقاتي أحضرن لي ورداً..ودعونني على العشاء..!! أرى نفسي في لمعة أحداقهن فأشعر بالرضى..
            - صاحبة كوب الحظ الأبيض كانت حاضرة..كانت مبتسمة جداً كما رأيتها في الحلم..وكنت ثرثارة جداً كما رأيتني في الحلم.. لماذا أتت؟ هل جاء دوري لأن أخطو خطوة من طرفي أيضا؟ 




            هل سكت الجني الصغير داخل رأسي..ليس تماماً...
            أليس ثمة طريقة لإخراسه للأبد؟



            •  عدة أيام وأعود إلى بريطانيا حيث الهدوء واللون الأبيض والصوت المنخفض والمساء الطويل وأطنان الكتابة التي لا تنتهي..

            الاثنين، 3 يناير 2011

            شوكولا (١٧)



            • أمارس نفس الصباح المفضل..


            بالإنجليزي أو بالعربي..
            شرب القهوة على السرير..قراءة الأخبار..وزيارة بيت ماورد...
            الفرق أن هنا ستائري الخضراء السميكة مسدلة للتخفيف من وهج الشمس ..وهناك شباكي المتسع يقدم لي نشرة أخبار جوية عن الطقس في الخارج..
            هنا أتناول مع القهوة ساندوتش بالجبنة البيضاء وهناك أتناول مع القهوة سكونز بالمربى..!!
            أما ما يدور في ذهني في لحظات الصباح تلك فهو مختلف جداً..في اتجاهه ،لغته وأنواعه..!


            • البارحة حلمت بصاحبة كوب الحظ الأبيض..


            إنها المرة الثانية التي أراها في أحلامي
            كان الحلم واضحاً جديداً..حميماً..ومريحاً..
            كنا في السيارة نتحدث ..لم نكن نعرف من أين نبدأ لذا فقد قررنا أن تقوم كل واحدة بسرد حكاية حصلت في العامين الماضيين..
            وكانت الحكايا كثيرة..
            في الحلم كنت لا أريد أن أظهر كمشتاقة جداً أو ثرثارة جداً..
            لكن حواراً طويلاً بلا حواجز دار بيننا..
            استيقظت وصورة وجهها المبتسم آخر ما استقر في ذهني..
            ماذا تظنون؟
            أيريد الحلم أن يخبرني شيئاً؟
            أم أنه فقط يعوضني بدون خسائر عن عيش لحظة واقعية كهذه؟


            الصور أدناه من مجموعة صور استلمتها قبل السفر لجدة بيوم..
            هو استديو فريد جداً في أفكاره وطريقة تصويره..
            يدعوك لسرد قصتك الخاصة عبر الصور..كانت تجربة جميلة لا تنسى للعائلة ككل..











            • أحب الصباح...   صديقتي الجاردينيا لم أرها بعد..





            مسلسل كويتي

             هل قلت لك يا ماورد أنني أحتاجك جداَ؟ نعم سآتيك كثيرا فطيبي خاطري كلما أتيت وقبليني على جبيني ولا مانع أن تحضنيني فلن أمانع.. البارحة ذهبت إ...