هدووووووء..هدوء عظيم جارف صاخب، بل و قاتل..يجتاحني ويجتاح الحياة من حولي..!
هدوء يجعل كل من حولي صامت، مبتسم أحياناً، متجمد كأننا صورة ببرواز أنيق معلقة على الجدار..
هدوء يمنعني من التركيز في بحث أردت العمل عليه في الإجازة..
هدوء أخذ مني عائلتي فبعثرهم في أرجاء الدنيا ثم لم يوقظني لصلاة العيد وحين استيقظت نسيت أنه يوم العيد..!
هدوء يغلق كل المحلات والأسواق في وجهي فلا أستطيع شراء عباءة جديدة أو التجول في محلات المفروشات للتخطيط للبيت الجديد..
هدوء يجعلني أفعل أي شيء لدرجة أن أقرأ عن الميتافيزقا وما وراء الطبيعة والنظريات الفلسفية المختلفة التي تجعل رأسي يدور..
هدوء يجعلني أسمع أغنية حسين الجسمي بأعلى صوت "حبيبي برشلوني" وأنا أضحك على ظرافته هو وحبيبه الأهبل، ثم أهديها لابني ذا هوى الكرة الأسباني في مشهد تمثيلي كأنه من الإف إم..
هدوء يجعلني أذهب لبيت جدتي في أي وقت، وأجتمع بخالاتي كلما أرادوا ذلك، وأخرج مع صديقاتي إلى أي مكان وأغير عاداتي الإجتماعية وأصبح "more loose"
هدوء يجعلني أبحث عن معنى كلمة "نشوز" في التفاسير بالنسبة للمرأة وبالنسبة للرجل ولِمَ ذَكَر القرآن خطوات واضحة للمرأة الناشز لكن لم يكن الأمر بذات الوضوح بالنسبة للرجل..
هدوء يجعلني أردد مع الأولاد" قميص نفيسة نشف" لنرى من يرددها أسرع وأكثر بدون أن يقول" قميش نفيشة نفس".
هدوء يجعلني أستمع لحكايات أخواتي في الحج مع القطار ثم أقرأ تصريحات الجرائد فأشعر أن غضباً شعبياً يتصاعد فيحاول المسؤولين كبته كقدر الضغط حتى ننعم بمزيد من الهدوء المزيف..
هدوء يجعلني أستمع لحكايات أخواتي في الحج مع القطار ثم أقرأ تصريحات الجرائد فأشعر أن غضباً شعبياً يتصاعد فيحاول المسؤولين كبته كقدر الضغط حتى ننعم بمزيد من الهدوء المزيف..
هدوء يجعلني أسأل زوجي كل صباح "ماذا سنفعل اليوم؟ أين يمكن أن نذهب؟" ليرد علي اليوم: لم تشعرينني أنني أعمل كونسيرج في فندق؟
هدوء يجعلني أفتعل معركة صغيرة في المطبخ مع لحمة الخروف لأطبخها مقلقل كما تفعل أمي التي تقضي العيد في كندا ومشوي كما تجيد حماتي التي تقضي العيد في المدينة لأعلن وبكل فخر أنني قد حملت أمانتهما وأديت مهمتهما في عيد الحج على أكمل وجه..
هدوء يجعلني أسمع أغنية "أواخر الشتا قبل اللي فات" وأتذكر شتائي وخريفي وربيعي وصيفي قبل اللي فات فيدمع قلبي وأذوب حنيناً ووجداً وشوقاً إلى حياة تزورها الفصول الأربعة..
هدوء يجعلني أتذكر أنني كنت أبحث عن فسحة من هدوء في الحياة لأكمل كتابة كتابي الجديد فأتلكك وأقول لنفسي لإقناعها: لست أريد هدوءاً فقط ولكني أريد مكاناً مختلفاً ومزاجاً مواتياً..
..
هل كل ذلك سببه الهدوء الذي يصيب الحياة فتغدو كبحيرة راكدة؟ هل كنت ألقي أحجارا حتى أفزع العصافير فتهرب وتطير وترفرف بأجنحتها فأشعر بالحياة؟
هل الحياة بحيرة فعلاً؟ أم مستنقع؟ ربما نهر؟ أم أنها بحر؟