هذا البوست لك يا صديقة الغربة "حنان":
تعالي بجواري..هاك قهوة دافئة في هذا الشتاء القارس وقطعة شوكولاتة حاولت أن أضعها في المايكرويف قليلا حتى أقضي على تجمدها البارد:
الغربة..ذلك مصطلح غدا يغزو جيلنا بشراسة،،لوهلة تذكرت شعراء المهجر وأدب المهجر..!
أتظنين أنه مع موجة الإبتعاث سيظهر جيل جديد يطلق على نفسه جيل الابتعاث وأدب يسمى أدب الغربة..
أظن أن ذلك وارد..!
هذا جيل عجنته الغربة..وغدا قلبه يدرك معان لا يدركها غيره : كقيمة تجمع عائلي كان يهرب منه..أو صوت أذان كان يسمعه خمس مرات في اليوم.. أو كتاب بحروف عربية يتدلل بجوار سريره.. بل أبسط من ذلك: طعم الجبنة الكاسات مع العيش التميس..
هذا جيل أدرك قيمة العمل والإنسان والاعتماد على النفس..قيمة اتخاذ قرارات وخيارات مختلفة تحدد منحى حياته..جيل صهرته الوحدة وصار يدرك أن الصمت جلال،، وأن الدمع بسيط جداً أمام لهيب القلب وغربته..
بالطبع ليس الكل يتعامل مع تداعيات هذه التجربة بنفس العمق..ولكن لا تظني أبدا أن من يمر بهذا النفق يخرج كما دخل..
لابد أن هناك نواح إيجابية ومشرقة وأخرى مظلمة ومرهقة..
ونحن في هذا النفق نتوكأ على ما نحمله من أمل..من حلم..من دعوات الأمهات،،ومشاركات الأصدقاء التي تضيء كمشاعل صغيرة..
.
.
تعلمين يا حنان..
حتى ابني الصغير حين أسررت له أننا قد نذهب إلى جدة في إجازة الكريسمس..فرح وتحمس وابتهج..
ثم أطرق مفكرا ووجهه محتار ثم قال: كيف يمكنني أن أحمل ليدز إلى جدة؟ أنا أحب "الباك يارد" وأحب الثلج..أحب مدرستي وصديقي وجاري آدم..
.
.
أرأيت أي حيرة وقع فيها هذا الصبي الصغير ذو الست سنوات..؟
أرأيت كيف يشعر بالانتماء إلى هنا وإلى هناك؟
وكيف يمكن أن يتقسم الإنسان وذكرياته وطفولته على مشرق الأرض ومغربها ومطاراتها وطقسها؟
.
.
لا بأس عليك يا حنان..
نحن هنا..في بريطانيا..في كندا..في أمريكا..وفي السعودية..
ثمة شيء يجمعنا ويوحد بيننا ..
ألسنا نرى ذات القمر؟ وذات الشمس؟
وأن كنا نراهما في أوقات متفرقة..إلا أن هذه الفكرة تجعلني أبتسم..وأدرك أن الكون كله لله أينما كنت..
.
.
.
دفئي قلبك..ويديك في هذا الشتاء القاسي الكئيب ..
انتظري الربيع .. وكوني بخير دوما يا صديقة..:)