الثلاثاء، 29 سبتمبر 2009

فاصلة..(4)


آه يا بيت ماورد..
تتغير عناويني، وما زلت أنت أنت..
لا تتغير..
بشرفتك التي على البحر والتي منها رميت كثيراً من الرسائل والقوارير..
بوسائدك الملقاة في كل مكان، بأكوابك التي أحضرتها رفاه ذات يوم، بشموعك التي أوقدوها الأصدقاء، بنافذتك التي تطل على بيوت الجيران الحميمة في هذا الفضاء..
أنا كذلك يا بيت ماورد لم أتغير، ولكني أحمل في جعبتي الكثير من التفاصيل والتعابير والكلمات والهمسات..
.
.
حقاً لست أعلم من أين أبدأ.ولكني سأوجز ما تم في العشرة أيام الأخيرة..



  • في ليلة السفر كان بيتي يعج بعائلتي الحبيبة: أمي وأبي وأخواتي واخي..

ساعدوني في التجهز وإعداد الفتيات للسفر، بدأت ابنتي الكبرى بالبكاء..لتلحق بها أختي وأمي..


ودعنا الجميع في جو مشحون ورحلنا للمطار برفقة أخي وأختي الصغيرتين، ما زالت ابنتي الكبرى دامعة العينين..


تأخرت الرحلة ساعتين قضيناها في استراحة الدرجة الأولى حتى صعدنا للطائرة..


كانت الرحلة سهلة، وصلنا للمطار، بسرعة استلمنا حقائبنا، بسرعة ركبنا مع ساجد سائق الباص الصغير.. ورحلنا من مطار مانشستر إلى ليدز..



  • الطريق كان عبارة عن صدمة من الإخضرار الذي لا يعكر صفوه لون آخر ..
أحيانا نجد بقرات ترعى، أو نهر يشق الأخضر..
الجو بارد وجميل..
وصلنا إلى بيتنا..
.
.
كنت أترقب هذه اللحظة، وأنا التي كنت أتفرج كثيراً عليه في جوجل إيرث..
إنه هو..!
هو..!
بممره الحجري، حديقته الأمامية الصغيرة..بابه الزجاجي ولونه الأبيض..
الشارع يبدو جميلاً جداً ، الحي أنيق..وبيوت الجيران مزينة بكثير من الورود..
دخلت للبيت ، فأصبت بصدمة البيوت الإنجليزية الصغيرة..!
لوهلة بدا بيتي في جدة- والذي كنت أشتكي من صغره- متسع جداااااااا مقارنة بهذا البيت..!
الحمام صغير..المطبخ صغير..الثلاجة..الغسالة..الدرَج..
كأنه بيت الأقزام السبعة..! وثمة أميرة تختبئ وراء الممر الحجري..
أفقت سريعا من صدمة صغر البيت على اتساع الشبابيك وروعة المنظر من كل غرفة..!
بدأ يحوطني بحميميته كما وعدني حين كنت أتفرج عليه في الجوجل..
ياااااااه..
ما أقرب الشبه بين بيت ما ورد وبيتي البريطاني الجديد..
أحتاج فقط لبعض سلال الورد كي أوزعها على الشرفات المتسعة.. ثم أتأملها وأكتب ..مع كوب قهوة ساخن..!



  • ذهبت للجامعة..لم أدخل في المود بعد..
لن تبدأ الدراسة الحقيقية قبل 5 أكتوبر، والخبر السيئ أنني - طبعا- لم أحصل على التوقيع الأخير من سعادة الوزير حتى الآن..
حتى هنا أعيش في قلق..أنتظر أن تتم أموري عبر البحار وكلما أردت أن أشعر بالإستقرار..أتذكر ورقي التائه في مكان ما، ولست أعلم كم بإمكاني أن أتأخر عن الكورس حتى أنهي جميع أوراقي المطلوبة كمواطنة سعووووودية..!



  • هل جاء العيد؟
هل رحل؟
هل كان هناك عيد أصلا؟
صوت أمي المخنوق بالبكاء ليلة العيد وهي تحادثني..هدايا العيد التي رافقتني من جدة ..أغنية "يا حلاوة العيد يا حلاوة"..
كل ذلك صنع شرخ الغربة الأولى في قلبي، وتساءلت : لماذا فعلت ذلك؟ لماذا لم أنتظر حتى أتأكد من زيارة العيد السنوية؟
لماذا حرمت أمي وأخوتي..زوجي وأطفالي من بهجة قررت أنا أن أخاصمها؟
هل حقاً أمتلك رداً؟
لست أدري..!!


فاصلة،،
وهل بعد كل ما كتب هناك فاصلة؟
لقد كانت محاولة لوضع نقطة آخر السطر..!

الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

فاصلة..(3)

بعد الفجر نمت وأنا أفكر في ملابس العيد..

من أين سأشتري شيئاً للصلاة..وماذا يوجد في دولابي ..?

ملابس فتياتي الجديدة وكيف سيرتدونها حتى لو كانت مجرد جينزات وقمصان ..

نمت وأنا أفكر في أن أشتري على الأقل صحن حلاوة واحد أدسه في الصالون لأي زائر مفاجئ في صباحات العيد..

نمت بعد "حفلة بيات" أقامتها أخواتي الثلاثة التي نامت كل منهن في ركن من البيت..

نمت وأنا أتكور تحت لحافي وأتلو الأدعية كي أشعر أنها تحفني من كل مكان وتحملني إلى عالم أغفو فيه في حضن غيمة..

استيقظت على مكالمة زوجي الساعة الحادية عشرة: ما ورد لقد صدرت الفيزا..

!!

!!

!!

!!

صمت للحظة، تلخبطت، ثم قمت مسرعة من سريري لبست وذهبت معه لإحضار الجوازات..



إذن انتهت مرحلة الإنتظار الساحق؟

انتهت هكذا بماسج صباح اليوم لأبدأ مرحلة جديدة غداً بعد منتصف الليل..؟

وما بين اليوم وغد مشاعر ملخبطة ، حقائب في كل مكان، طلبات وتفاصيل أخاف أن أنساها..

ووجوه كثيرة لا أعرف كيف سأودعها وأخرى لست أعلم إن كنت سأجد الوقت لألقي عليها نظرة أخيرة..



فاصلة،،


رأسي يكاد ينفجر من الصداع..

الأطفال ما زالوا مستيقظين في الخارج..

وأنا أستلقي على سريري يفكر عقلي بسرعة الضوء فيما علي فعله غدا...لأكتشف فجأة..أنها ليلتي الأخيرة على سريري الوثير..:(

الأربعاء، 9 سبتمبر 2009

فاصلة..(2)

  • يبدو أن مرحلة الإنتظار الساحق ستسحقني حتى آخر قطرة..
اليوم ذهبت للتقديم على الفيزا البريطانية، ولا أدري متى سأستلم الفيزا..
لكن ليس هذا هو المهم، بل خبر آخر صعقني فجأة وأفقدني ما بقي لدي من تماسك..
علمت اليوم أن أوراقي لابد أن توقع من وزير التعليم..!!
أجل سترسل إليه إلى الرياض ليوقع بجلالة قدره..
لم يبق إلا توقيع الملك وأضرب الرقم القياسي في عدد التواقيع و.."مستواها الرفيع"..
كل ذلك من أجل 8000 باوند في السنة ..
المضحك المبكي أنني قبل عدة أيام كنت مدعوة لزيارة جامعة الملك عبدالله من صديقتي الجاردينيا التي تعمل هناك..
هالني ما رأيت..صدمتني "الفلوس" المكبوبة كباً في ذلك المكان..
حين عدت لواقعي وأوراقي التي ما تزال تائهة شعرت أنني أعيش في الصومال..!

  • لا أعلم هل سأسافر بعد تسعة أيام كما هو مخطط أم أنني سأؤجل سفري إلى حين..
وإذا تأجل فإلى متى هذا "الحين"؟
تعبت جداً..جداً ..والمفترض أنني أدخر بعضاً من جهدي وقوتي لمواجهة حياة جديدة تماماً علي..
أعود وأتسائل: هل يتستحق الأمر؟
هل يستحق ما يفعله زوجي من أجلي ويجعلني عاجزة عن النظر في عينيه امتنانا..
هل يستحق ذلك الهم الذي يحمله أبواي دون أن أستطيع محوه من عينيهما..
هل يستحق بقائي متأرجحة أمام صديقاتي..أبنائي دون أن أمنحهم فرصة للشعور بالأمر كما ينبغي..ودون أن أمنحهم فرصة حتى لممارسة أي طقوس للوداع ؟

  • لا أستطيع بعد أن أضب أغراضي..ما زالت تتناثر في كل ركن من البيت..
بالرغم من أن الأيام القديمة تسلمني ببطء شديد بدون أن "تصفطني" إلى الأيام الجديدة إلا أنني البارحة سلمت "تواقة" إلى أيد أمينة..
تواقة ذلك الإنجاز الجميل الذي لا أريد له أن يموت برحيلي..
عساه يظل صدقة جارية لي أينما رحلت وكنت..!

  • فاصلة،،،:
أيها العيد..لو كان لي أن أعيشك هنا فهل ستستقبلني؟
لم أشتر أية ملابس جديدة تليق بك لي أو للأولاد..
لم أغلف هدية لأي أحد أو أكتب بطاقة معايدة..
فهل ستسقبلني رغم أنني فتاة عاقة؟
حسناً..تعلم جيداً أنني قد أهديتك في يوم ما صندوقاً مليئاً بالألوان والبالونات..
لكنك فاجئتني بطعنة جرح في ظهري؟
هل تذكر؟
تعادلنا إذن..
.
.
نحتاج وقتاً كي نغفر لبعضنا..!!!

الخميس، 3 سبتمبر 2009

فاصلة..(1)



  • وما أكثر الفواصل في حياتنا..!

انتهت العشرون قارورة المحملة بالرسائل، ولم يعد لدي المزيد في خزانتي..
كنت أتمنى أن تنتهي القوارير بانتهاء مرحلة الإنتظار الساحق..
لكني لم أعد أحتمل ألا أتبعثر في قارورة ..فقررت أن أتعثر في فاصلة لحين انتهاء هذه المرحلة من حياتي.



  • بقي لي من مرحلة الإنتظار الساحق..توقيعين..وورقتين..وأسبوعين فقط على موعد الرحيل..


حتى الآن لست أدري أين سيكون عيدي في هذا العام..
لو انتهيت من كافة الإجراءات المتبقية وعملت على استخراج الفيزا في الأيام المقبلة فسيكون سفري كما خططت-قبل العيد، وإلا سيتأجل إلى حين..
هذا معناه ررررركض ..ومزيد من الإنسحاق في الأيام الآتية..




  • تجربة الإنتظار الساحق علمتني أمور كثيرة:


- تعلمت أن للرأي العام قوة، ومهما كانت النظم بيروقراطية فبإمكان الصوت لو كان مستمراً أن ينحت في الصخر الأصم..لولا إصرارنا أنا وصديقة الرحيل على تحقيق حلم ما لما استصدر هذا القرار الذي كان يبدو مستحيلاُ في البداية (إتصال علمي لمدة سنتين بدلاً من سنة) وأرجو أن يستفيد من بعدنا الكثيرون رغم أننا دفعنا ضريبة الأوائل اللذين بحت أصواتهم واستهلكت أعصابهم.
- تعلمت أن للحلم سطوة وأنا التي كتبت أحلامي قصة أطفال ملونة ومبهجة ورغم أنني عاتبتها كثيراً واتهمتها بالكذب والتخريف إلا أنها همست لي في آخر السطر: أرأيت ..لا تنتهي الأحلام وإن ظننا أن كل أحلامنا ماتت فإنها تنبت من حيث لا نحتسب..دموعنا يا ماورد تسقي أحلامنا..



- تعلمت أن هناك أناس يرفعون من قدر حرف الدال- وهم بالمناسبة قليلون جداً- وأن هناك أناس يود حرف الدال لو يتبرأ من اسمهم..مثال على الدال الأولى الدكتور (ع) الذي أدين له بعد الله بتحقيق هذا الحلم وبكونه نموذجاً للتواضع والسعي على مصالح الناس، ومثال على الدال الثانية الدكتور (س) -وهو دكتور في الفقه- والذي كتب رداً على مقال للدكتورة فاطمة نصيف كان عن الذهاب للعمرة وانفلونزا الخنازير يتقاطر ازدراء وسخرية بأسلوب لا يليق بأتفه الناس وأحمقهم فكيف بدكتور مثله..!!!


- تعلمت أن أسأل نفسي دوماً حين أصاب بالحنق من أحدهم- في ظل البيروقراطية المدمرة التي تعاني منها بلدنا-: لو كنت مكانه ماذا سأفعل؟ وآليت على نفسي عند كل إجابة أن أقدم دعماً ومساندة وتسهيلاً لكل من يقصدني ولا أفعل كما يفعل البعض أصحاب المناصب من استهتار وركن المعاملات في الدرج لمدة شهرين وتصعيب الأمور إلى أقصى حد ولو كانت سهلة .


- تعلمت أن يكون لي سر مع الله ومساحة خاصة، علامات ودلائل، حوار ودموع..بكاء وامتنان..


فاصلة:
تقول أحلام مستغانمي في فوضى الحواس:
"أصبحت امرأة حرة..فقط لأنني قررت أن أتخلى عن الحلم، الحرية ألا تنتظر شيئاً، والترقب حالة عبودية"
أربكتني هذه المقولة..!
أجل ..الترقب قيد..
فهل من طريقة لأن نزرع أحلامنا ونسقيها دون أن ننتظر الثمار؟

مسلسل كويتي

 هل قلت لك يا ماورد أنني أحتاجك جداَ؟ نعم سآتيك كثيرا فطيبي خاطري كلما أتيت وقبليني على جبيني ولا مانع أن تحضنيني فلن أمانع.. البارحة ذهبت إ...