أدوية هذا المرض اسمها- السم الهاري- مع اعتذاري لكل الأطباء..
بدءا من أول دواء تناولته Avonex والذي كان يلعب في جسدي ويوصله لحده الأقصى من الحمى والرجفة والتواجد في أبعاد أخرى.
طبعا قرأت كثيرا عن الدواء حتى اتأكد أن ما يحدث لي طبيعي، في بعض الدراسات الأجنبية كتب أن الأفونيكس قد يسبب الهلوسة، وقد جربتها تماماً، ويا للعجب كانت من أكثر تجارب حياتي تطرفا وفرادة، كنت أعرف أنني موجودة في غرفة نومي وبمنتهى وعيي وفي نفس الوقت كنت أعيش بعداً آخر، الآن أستطيع أن أتمثل كل الأماكن التي تواجدت فيها، ولو كنت رسامة حتماً كنت رسمت.. التفاصيل غير معقولة، القطار المعطل على طريق بين البحر والجبل وأجلس أنا وشخص آخر أعرفه على حقائبنا بجوار القطار، ليز صديقتي البريطانية والسماء الغائمة التي كانت تقلنا وحوار العتب الذي دار بيننا، الغيوم التي كنت أجلس فوقها وأنظر للأرض وأرى كل الرجال الذين عبروا بي وكل منهم يحمل في عينيه شعوره وكلامه المخبأ، صديقتي داليا ووجودنا في وسط عدد من الأطفال نمسك أيادي بعضنا نلهو ونضحك..
ألا تبدو لوحات مفتعلة؟ ذلك والله كان حقيقيا كوجودي ، لم يكن حلما ولا وهماً.. بل كنت متواجدة أنا داخل الصورة.
أتسائل.. كيف تعمل أدمغتنا، كيف يمكن أن يحفز دواء ما الخيال واللغة إلى هذا الحد؟ هل سبق وأن شعرتم أن عقلكم يعمل أسرع مما يجب؟ لم يكن هناك أي تناسق بين كمية المعلومات التي ترد على ذهني وبين سرعة معالجة المعلومات والمشاهد المختلفة التي أراها وأعيشها ..
أذكر أنني سألت زوجي بمنتهى الجدية في إحدى نوباتي: لماذا خمسة عشر رجلا ماتوا من أجل صندوق؟ لماذا لم يكونوا خمسة عشر رجلاً وامرأة مثلاً؟ في تلك السنة صدر كتابي: كوب قهوة في جزيرة الكنز.
كنت آخذ الإبرة مساء الخميس وأظل الجمعة متعبة ونائمة وفي كل سبت أعود لكامل طاقتي وأمتلئ كتابة..
من جرب جرعات الكورتيزون يعرف أيضا أنه نوع آخر من السم الهاري، كنت أشعر به كماء النار في عروقي وساقي، امتلئ ظهري بعد انتهاء الجرعات بطفح أحمر، هذا غير كمية المكملات والفيتامينات التي يجب علي تناولها وأنا أعرف جيداً أن معدتي لا تتحمل، ذلك جعلني أتقيأ كل شيء في كثير من الأحيان مما نزل وزني كثيراً.
عدة مرات "أفصل" وأقرر أن أعيش أسبوعاً أو أكثر بدون أي دواء، غالباً يكون ذلك وقت سفر، لكنني أخاف مما لا يمكن التنبؤ به وأعود للأدوية ثانية..مرغمة..
كان لابد أن أجد طريقة للتعامل مع كل هذه الأدوية.. ومواعيدها،،وآثارها..
وأظنني حتى هذه اللحظة لا زلت المتحكمة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق