منذ الصباح وأنا بطيئة، حلزونة جداً، كنت قد طلبت من الصباح ألا يبدأ هذا اليوم، لكنه -ما شاء الله عليه-يأتي بشمسه وطيوره ،مهامه وإزعاجه، ناسه ومشاويره كل يوم في نفس الموعد ولا يتأخر..
مضى اليوم بسلام وتفاجئت بأني كنت أجري منذ يوم السبت حتى ظهر اليوم، لم ينته الأسبوع بعد لكني قررت أن أرتاح تحت ظل الشجرة بجوار الأرنب النائم في حين أن السلحفاة تكاد تسبقنا وتصل لخط النهاية..
علاقتي بالزمن بدأت تسوء..أكره مروره السريع، كما أكرهه حين يحبسني في إطار انتظار، وحين لا يعدني بشيء ولا يمنحني تسكعاً على حوافه يليق بامرأة ثلاثينية..حين يهمس في أذني كم أنا تافهة..وحين يحكم على الأرنب بالفشل فقط لأن السلحفاة سبقته على خط الزمن..!
..هل هناك أصلاً ما يسمى بالتسكع على الحواف أو لعلها الحواف المتسكعة؟
الزمن لا يضعني في وقته المناسب..الزمن يتحدى إيقاعي..حين أكون سريعة كسهم منطلق يتحرك كل من حولي في مشهد بالسرعة البطيئة..
هل هناك أصلاً ما يسمى بالسرعة البطيئة أو لعله البطء السريع ؟
..حين يكون مزاجي بطيئاً ومواتياً لفعل أي شيء غير مهم لا أجد أحداً يقتطع من زمنه ليشاركني..الجاردينيا مشغولة، والحمامة في مكة، وصديقة الرحيل في دبي..وأنا اشتهي عشاء وأمسية وسيجارة وموسيقى وثرثرة ..! هل هناك أصلاً ما يسمى بالمزاج البطيء أو لعله البطء المزاجي؟
نعود لك أيها الزمن..من قال لك أن السلحفاة استحقت الفوز؟ ومن قال لك أن الأرنب المسكين الذي تعوّد أن يطويك بسرعته فاشل؟ الأنه تعب وأراد أن يرتاح من الجري طوال عمره لم يستحق الجائزة؟
ما أشبهني بهذا الأرنب؟ هل تعبت؟ هل جريت طوال عمري؟ مالذي فعلتيه يا ماورد غير أنك كنت في دوامة محمومة حتى اكتشفت عمرك في عيد ميلادك السبت الفائت..
هل هناك ما يسمى بالدوامة المحمومة أو لعلها الحمى الدائمة؟
أرأيت أيها الزمن ؟ حين لا تمنحني شيئاً أفعله ألعب باللغة، أعيد تفكيكها كقطع البازل ثم تركيبها على ناصيتك ..أعيد مزجها كعلبة ألوان ثم تلطيخ جدرانك..تتواطئ علي أنت وصديقك المكان فأخلق عالمي الإفتراضي..
هل هناك ما يسمى أصلاً بالعالم الإفتراضي أو ربما هو الإفتراض العالمي؟
بالطبع لدي ما أفعله..لكنها مشكلتك أيها الزمن مع مزاجي..أنتما لا تتفقان كثيراً رغم هدنتكما السلمية، مزاجي يعرف أن الليلة لا شيء مهم، وأن جدولي الزمني به بعض المهام الموضوعة في بند صباح الأربعاء وهو لن يمنحك إياها مساء الثلاثاء مهما حاولت إقناعه..وأنت أيها الزمن تعمل كعميل سري، فحين لا يمنحك مزاجي ما يريد تفسده وتجعله معطوباً ولا تتوقف عن تذكيره بقصة الأرنب السريع الذي قرر أن يرتاح فصار فاشلاً..!!!
أيها الأرنب..هل علي كتابة قائمة ما يستفاد من قصتك؟ كان الأرنب يجري طوال عمره،،كان مهتماً ،منجزاً،واثقاً،يحب تجربة كل طرق الغابة الجديدة ..وكانت السلحفاة بطيئة طوال عمرها..كانت بليدة..مملة..غير آبهة..لم تمش في حياتها إلا في طريق واحد..رغم ذلك فازت السلحفاة..ورغم ذلك لا زلت أيها الأرنب صديقي..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق