الثلاثاء، 10 أبريل 2012

مقطع ما في الرواية...

.... ثم أعطاني الكتاب وسط ذهولي واستغرابي..ترى متى قرأه؟
البارحة فقط ،في فطور رمضان الأخير طلبه مني، فهل قضى ليلة العيد في قراءة كتاب؟
لم أعرف أنه يحب القراءة، ولكنه رآني في بيت جدي في رمضان أقرأ رواية لأمل شطا (آدم...يا سيدي) ..فطلبها مني..
كنت أحياناً أحضر معي كتاباً كي أقتل ساعات الملل في بيت جدي الكبير الذي يخلو وقت صلاة التراويح إلا من البعض، ويبدو أنه كان أحد هؤلاء البعض ذلك اليوم..
نظر إلي بوجهه الذي لا أحبه وقال: ممكن تسلفيني الكتاب بعد ما تخلصي..؟
تعجبت من هذا الفتى الذي يريد مشاركتي هواية وعالماً خاصاً لم أكن أجد من يشاركني فيه من الفتيات فكيف بالشباب..!  قلت له: إنت تحب تقرأ؟ تقرأ روايات؟
حدق في بوجهه الرخو الذي يذكرني بالكعك الاسفنجي ثم غرق في خجله وقال: يعني..
لم تكن كلمة "يعني" تعني لي أية إجابة ،ولكني وعدته أن أحضر له الكتاب بعد أن أنتهي.
حين أعاده لي ذلك اليوم سلمه لي بصمت و بفرحة طاغية كانت تطفر من وجهه الإسفنجي ، ولم أكن أعلم أفرحته كانت لأنه قرأ الكتاب؟أم لأنه أعجبه؟ أم لأنه أعاده...لم أكن أدري حقيقة..
شاهدتْ أمي المشهد كاملاً، وحين عدنا للبيت ذلك اليوم قالت لي: لا تتبادلي أنت وابن عمتك الكتب، من يدري ربما يضع لك في داخل الكتاب رسالة..!
ضحكت من خيال أمي الواسع وقدرتها على نسج قصص سخيفة وقلت لها: لا تقلقي ، أنت لا تحبينه ولا أنا..! ولم أشأ أن أسألها : وماذا لو وضع رسالة بين صفحات الكتاب؟
حين أتذكر تلك الأيام أعلم أن أمي كانت منزعجة من مراهقتي ومن كل من حولي من المراهقين، وجودنا- أنا وصبيان عائلتي- في مكان واحد وتبادلنا بعض الأحاديث كان يسبب لها توتراً كبيراً، لدرجة أنها تخيلت سيناريو كامل قائم على رسالة مدسوسة في كتاب..
تركتُ الكتاب في الحقيبة التي لم أستخدمها لعدة أيام، لكن لفت نظري وجهه الإسفنجي- ثاني يوم العيد في العشاء العائلي- وهو يطفح بالبشر، في كل لحظة يقع نظري عليه أجده ينظر إلي بكل افتراس خجول..
هل قلت افتراس خجول؟ أجل لا أعلم كيف أصف تلك النظرات..كانت  تتسرب بهدوء من تحت رموشه الطوال لكنها كانت لزجة وملتصقة كذبابة مزعجة..
لم أكن أحب ابتسامته البريئة، ابتسامات الشباب البريئة تغيظني على أية حال..!
حين عدت في المساء أخرجت الكتاب من حقيبتي كي أعيده لرف مكتبتي الصغيرة في غرفتي، وفي اللحظة التي أمسكت الكتاب فيها بشكل أفقي سقطت ورقة بيضاء منزوعة من دفتر مخطط..
يا إلهي،،!
للحظة. تذكرت توجسات أمي وحنقت عليها، هل كان هناك تواطئ خفي بين خيالاتها وأمنياته..؟
ما أدراك يا أمي ..ما أدراك أن شيئاً كهذا سيحدث؟..
فتحت الرسالة وقرأت..

إلى بنت خالي الغالية..
شكراً على الكتاب..كل يوم وأنا أفكر فيك، وأرجو أن تكوني إنت كمان بتفكري في..
ابن عمتك


يععععع..يا للغثيان..
صاحب الوجه اللامع الذي يشبه سطح الكعك الاسفنجي يسألني إن كنت أفكر فيه كل يوم...بل ويتمنى ذلك..
إذن، هذا هو سر الابتسامات التي بدت بريئة ذلك اليوم وسر النظرات اللزجة التي تأتي إلي ثم تعود إليه خائبة كما أتت..وسر ادعاء القراءة في أقل من يوم وليلة..
تخيلت شكله وهو يضع سيناريو تفصيلي لاكتشافي للرسالة، ثم شعوري بالدهشة، ثم قرائتها، ثم ارتسام ابتسامة خجلة على وجهي، ثم ذوباني في وجد محموم من الصبابة والهوى..
هل تخيل هذا حقاً؟ مجرد تخيلي أنه تخيله يصيبني بالغضب..هل بوسعنا أن نتدخل في خيالات الناس وأن نشترط عليهم عدم استخدام صورنا وأسمائنا وشخصياتنا في أي جزء من قصة تخيّلة مهما كانت؟ 
خطر على بالي خاطر شرير...
سألعب بك يا صاحب وجه الكعك..سألهب قلبك..ثم أتسلى بك حتى أعلّمك أن زجي في خيالاتك وأحلامك وأمنياتك ورسائلك ليس من حقك..
كتبت له بمنتهى الجرأة:

ابن عمتي الحبيب..

أخيراً ابتسمت الحياة لي مع وقع كلماتك الساحر
                                                       هل تعلم أنني كثيراً ما ......




نكمل بعدين..
ابغى أنام شوية..





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رسالة من ماورد شديدة اللهجة..

 اسمعي يا عزيزتي الثرثارة جدا.. والصامتة جدا بما أنك في الفترة الأخيرة منطفئة، حزينة، لا أحد يسأل عنك أو يكتب لك رسائل، ولا أحد يأبه بك  سأك...