أحكي لكم حكايةً عن طفلةٍ
ليست كسائر الأطفالْ ..
عن طفلةٍ من عالم الأحلام والخيالْ ..
من عالم المحالْ!
عن طفلةٍ
جميلةٍ كالورْدْ
طيبةٍ كالوردْ
نديّةٍ كالوردْ
رقيقةٍ كالورْدْ
يدعونها: (ما ورْدْ) ..
تسكن في كوخ صغيرٍ، حوله
حديقةٌ من وردْ ..
وترتدي ثيابها زهريّةَ اللون لتبدو وردةً
تلبس ثوب ورْد!
سريرها الصغير فوقه غلالة بيضاء زانتها رسومُ الورْدْ ..
في حضنها تنام ـ كل ليلةٍ ـ
دميتُها الشقراءْ ..
تحكي لها الحكايا ..
من فمها الثرثارْ!
تبثها أسرارها وآخرَ الأخبار ..
تضحك حينًا معها ..
حينًا تفيض بالبكاءْ ..
إذا أتى الصباح حيّتْها:
صباح الورْد ..
أو أقبل المساء حيّتْها:
مساء الورْد!
وفي فناء بيتها أرجوحةٌ
تخالها مركبةً
تسبح في الفضاءْ ..
وحين تجري في البساتين تخال نفسها
فراشةً تطير في السماءْ ..
تفرِد ـ في بِشْرٍ ـ ذراعيها ...
تعانق الأشجار والأطيار والهواء ..
حتى إذا ما أقبل الليل عليها؛ خبّأت حذاءها ..
ثم تمدّدت على سريرها الصغيرْ ..
ترقب شطر الليل مثلَ سندِريلّا ..
تنتظر الأميرْ ..
تقول: لن أنام حتى يُقبل الأمير!
يُلبِسُني الحذاءْ ..
يأخذني لقصره الكبيرْ ..
يقيم من أجلي أنا حفلَ غناءْ ..
نرقص عصفورين .. حولنا ...
يصفّق الحضورْ ..
لكنها ـ قبل مجيئه ـ تنامْ!
في كل ليلةٍ تحلم بـ "سْنو وايتْ"
"والسبعة الأقزامْ" ..
"والبنت ذات المعطف الأحمر والذئب"
ترى ..
"أحدب نوتردامْ" ..
ذات صباحٍ ..
قررت (ما وردُ) أن تقضيَ يومها جوارَ النهرْ ..
طاب لها على ضفافه القعودْ ..
تنظر وجهها البريءَ ثابتَ الصورة في مياهه تجري
ـ كما سنين العمر ـ ثم لا تعودْ!
وارتسمت على ملامح الفتاةْ ..
ملامحُ السؤال؟!
هل يكبَر الأطفال؟!
من الذي يحملهم ليركبوا القطارْ؟
من الذي يأخذهم في رحلة مملّةٍ لعالمِ الكبارْ ..؟!
إذا أتى يأخذني ..
سأختبي وراء تلك الشجرةْ ..
ألتحف الغطاءْ ..
أو أرتدي طاقية الإخفاءْ!
حتى إذا ما أقبل الليل عليها رجعت للكوخْ ..
وخبّأتْ ـ ككل مرة ـ حذاءها ..
ثم تمدّدت على سريرها الصغيرْ ..
ترقب شطر الليل مثل سندريلا ..
تنتظر الأمير ..
تقول: لن أنام حتى يُقبِل الأمير!
يُلبِسني الحذاءْ ..
يأخذني موكبٍ لقصره الكبير ..
يقيم من أجلي أنا حفل غناءْ ..
نرقص عصفورين ..
حولنا يصفّق الحضور ..
لكنها ـ ككل ليلةٍ ـ قبل مجيئه تنامْ!
وهي ـ ككل ليلة ـ تحلم بـ "سْنو وايتْ"
و"السبعة الأقزامْ" ..
و"البنت ذات المعطف الأحمر والذئب"
ترى ـ ككل ليلةٍ ـ "أحدب نوتردامْ" ...
ويشرق الصباح ..
وفتحت (ما وردُ) عينيها ..
تأملت بدهشةٍ يديها!
أصبحتا كبيرتين ..
هل هما يداي؟!
ولِمَ لا أحس كالعادة بانتشاءْ؟
ولِمَ يا ترى ..
قد صغُرَتْ من حوليَ الأشياءْ؟!
وأدركت (ما ورد) أن من يأتي ليحمل الأطفال في القطار ..
يأخذهم لِعالم الكبار ..؛
أخذها غافيةً لكي يجيبها على السؤال:
هل يكبر الأطفال؟
نعم نعم ..
قد كبر الأطفال يا (ما وردْ) ..
قد كبِر الأطفال!
ألقت على لعبتها التحية الأثيرة!
قالت: صباح الورد!
طارت ـ كما اعتادت ـ بأرجوحتها كأنها مركبةٌ تسبح في الفضاءْ ..
جرت ـ كما اعتادت ـ فراشةً تطيرُ في السماءْ ..
تفرد ـ في بِشْرٍ ـ ذراعيها
تعانق الأشجار والأطيار والهواءْ ..
حتى إذا ما أقبل الليل عليها خبّأتْ حذاءها ..
ثم تمدَّدت على سريرها الصغيرْ ..
ترقب شطر الليل مثل سِندِريلّا ..
تنتظر الأميرْ ..
طال بها المقام ..
وطال الانتظارْ ...
لم يُقبِل الأمير!
لم تلبس الحذاءْ ..
وما استطاعتْ هذه الليلةَ أن تنامْ!
رائد السمهوري ..
24 إبريل 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق