الخميس، 21 يوليو 2011

Leeds..13

  • دان يعيش في بيت صغير عُلّقت اللوحات الملونة والمشغولات اليدوية في كل ركن من جدران منزله ، أحضر هذه التذكارات معه من البلدان التي عاش فيها خلال عشر سنوات كاملة من حياته: تايلند ،سيرلنكا، القاهرة ، أسبانيا، بورما.. في معرض حديثه قد يأتي على سيرة الأسود والفيلة، أو الصعود للهملايا أو زيارة سيناء كأنها أشياء تحدث كل يوم لكل أحد..يقول دان: من الأفضل أن لا تعيش في البلد ذاتها أكثر من عامين..وقتها ستغادرها وأنت تحبها ودائماً ستحتفظ بذكريات جميلة لن تفسدها طول العشرة والاعتياد...
  • دان يعيش في بيت وحده لكنه قريب من والدته..يملك قطتين تتجولان في منزله..صديقته تعيش في تونس منذ سنوات عدة ويراها فقط حين تأتي إلى إجازة في إنجلترا ، وحين سألتُه لماذا لم تتزوج حتى الآن؟..لم يجد إجابة وأخذت أمه- التي تشبه كل أمهات العالم-  تظهر ضيقها من ولدها الذي تجاوز الأربعين ولم يتزوج ويمتعها بأحفاد صغار...يقول دان: أنا من الجيل الذي أفسدته الحركة التي قاومت الحياة والأفكار التقليدية وانقلبت عليها إلى حد التطرف..جيلنا الذي يسبقنا كان مكبلاً بالعادات الإجتماعية و يتخذ قرارات خاطئة ومبكرة في الزواج تنتهي غالباً بالطلاق والفشل والوحدة..قرر جيلي أن يقاوم  هذا التوجه التقليدي بعدم الزواج فانتهت حياتنا الخاصة إلى درجة من الفشل والوحدة أيضاً..أعتقد أن الجيل الجديد سيجد نقطة التوازن الناجحة .
  • بيت دان يقع في منطقة من أقدم مناطق ليدز رغم ذلك فهي منطقة نظيفة ومرتبة والطريق إلى بيته يمر بأحراش مزهرة ، درج ضيق..وأشجار كمثرى وتفاح تظلل الطريق..بجوار بيته نهر عريض وفوق النهر جسر خشبي كانت الخيول تعبر عليه فيما مضى.. من شباك منزله ترى تلة خضراء جميلة تظهر على سفوحها أسقف المنازل القرميدية الحمراء التي تتخللها الأشجار وتسمع خرير النهر الجاري..بجوار النهر سكة حديد قديمة لقطار لم يعد يمر من هناك..يقول دان الذي يستمتع بتغيير الفصول في إنجلترا كل عام وكأنه يراها لأول مرة: أرجو أن لا تلتفت البلدية إلى هذه المنطقة وتطورها..بقائها ذو لثغة بكر يعني لي وللساكنين هنا الكثير..
  • في حي دان حانة صغيرة كان يذهب إليها مذ كان في الثامنة عشر..يتجمع في الحانة كل ثلاثاء سكان الحي رجالاً ونساء من أعمار مختلفة..يجلسون في حلقة يفتتحها جاك العجوز الذي يبلغ ٩١ عاماً بعزف من أوكورديونه ثم يبدأ كل واحد في الحلقة بالغناء أو العزف على جيتاره..الكل يسمع وينطرب ويغني ويشجع البقية..تبتسم أم دان وتقول: هذا وجه من الحياة الإجتماعية في المجتمع الإنجليزي التقليدي : أغاني البحارة والبيرة وتقدير عزف الألحان القديمة رغم ذلك يقول دان أنه يشك أن هناك كتاباً لم تقرأه أمه..دان يعزف على الجيتار ويغني ويرسم لوحات زيتية ويكتب رواية ويدرّس في الجامعة  ثم يقول بلهجة ساخرة: لماذا تفعل الشيء اليوم..إن كان بوسعك أن تؤجله للغد..؟


قضاء عدة ساعات مع دان يشبه تقليب صفحات كتاب انجليزي قديم لكنه مغرق في حداثته....!!!!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رسالة من ماورد شديدة اللهجة..

 اسمعي يا عزيزتي الثرثارة جدا.. والصامتة جدا بما أنك في الفترة الأخيرة منطفئة، حزينة، لا أحد يسأل عنك أو يكتب لك رسائل، ولا أحد يأبه بك  سأك...