الخميس، 28 يوليو 2011

Leeds..14


عدت اليوم من أدنبرة..المدينة الأسكتلندية التي ما زالت تفتخر بلهجتها الإنجليزية المختلفة وتاريخها الموغل في العراقة ولباسها الشعبي ذو التنانير القصيرة وموسيقاها المميزة وكتاب حروبها الذي لا تنتهي صفحاته...
المدينة قديمة تشم رائحة قصصها من جدران قلاعها المنقوشة..وتكاد ترى دماء محاربيها التي سالت على جوانب المدينة في أحقاب مختلفة.. وتسمع أصوات مدافعها وهي تدك الحصون الحجرية..كل ذلك التاريخ غدا اليوم مزاراً مسلياً للزوار الذين يلتقطون الصور مع العازفين في الشوارع ويشترون الكثير من التذكارات الحمراء الصغيرة ويحيون مع سكان المدينة سلسلة من المهرجانات والكرنفالات الصيفية الجميلة التي تستقطب السياح من أرجاء العالم.. 


وأنا كامرأة شرقية بحرية..كان يهمني أن أتلصص على واجهة المدينة البحرية من جهة الشرق كمحاولة لاكتشاف تعويذة البحر، وما إذا كان يتبادل الطلاسم الغارقة مع شواطئ  هذه المدينة..
إنه بحر الشمال.. بارد إنجليزي جامد..لا يغازل امرأة ولا مدينة، لا يسهر في الليل ولا يفتح قلبه لتبادل الأسرار...
ولأنه انجليزي ولأنني بت أعرف طبع الإنجليز...كان ذلك البحر متحفظاً عند اللقاء الأول فقط..بعد ذلك أصبح موجه يغني لي كل ليلة تهويدة حالمة أنام عليها حتى الصباح..بل ما إن أشرقت عليه شمس اليوم التالي وألهبت مزاجه حتى منحني لونه الأزرق بلا تحفظ مع رائحة خجولة لم تكن نفّاذة بما يكفي لتملأ أفق السماء وأفقي...


يا للمدن التي تسكن البحار..!!! كيف أخبرك يا أدنبرة أنه لا مكان للخجل طالما أنت تلتحفين البحر..حتى لو كان بحرك مغرقاً في إنجليزيته..؟
ألا تعلمين- وأنت العجوز صاحبة التاريخ- أن البحار ..كالرجال..لا يختلفون عن بعضهم البعض في كل أرجاء العالم؟
هل جربت أن تسهري وتتدللي وترقصي في حضن بحرك، أم أن البرد الذي يهب عليك في كل فصول السنة يجعلك تلتحفين سماءك مرتجفة وتنامين مبكراً كفتاة عذراء؟




رغم الألوان البديعة التي تخلط السهول الخضراء والصخور الذهبية والمياه الزرقاء والسحب البيضاء في أدنبرة..إلا أن شيئاً في مدينتي - ذات اللون الواحد والغافية هناك على ضفاف الأحمر- راودها عن نفسها ذات ليلة فغدت...أشهى...!!!! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رسالة من ماورد شديدة اللهجة..

 اسمعي يا عزيزتي الثرثارة جدا.. والصامتة جدا بما أنك في الفترة الأخيرة منطفئة، حزينة، لا أحد يسأل عنك أو يكتب لك رسائل، ولا أحد يأبه بك  سأك...