السبت، 22 يناير 2011

قراءة في كتاب - رأيت رام الله



قبل عدة أيام كتبت في استاتس البلاك بيري: نفسي في رواية تشهّي..وكعادة أمنياتنا الصغيرة أتت هذه الأمنية تخطر في خفر على شكل رواية إلكترونية قبضت عليها صدفة في صفحات الإنترنت..
( شكراً هيفاء الزهراني فقد قرأت ما كتبته عن الرواية وحملتها مباشرة رغم عدم حبي للقراءة الإلكترونية) 



مرحى..هذه رواية يا أماني كنا نبحث عنها لم تكتب في غرف النوم الخلفية..هذه رواية تحمل أطناناً من الشجن العذب..من الألم النبيل..من إنسانية مجروحة وشتات لا تعرف له أولاً ولا ينتهي بنقطة آخر السطر..



هذه رواية اسمها" رأيت رام الله" للكاتب الفلسطيني مريد البرغوثي..

هي تحكي فصلاً من حياة مريد حين عاد بعد ثلاثين سنة من الشتات ليزور بلده دير غسانة في رام الله ..ما بين عبوره للجسر الخشبي الصغير و ليلته الأخيرة تشكّلت فلسفة وسيرة حياة وأسئلة تفوق المأساة حجماً وتزيد عن عمر الكاتب طولاً ..
لغة الكاتب عذبة متقنة مغموسة في كثير من شجن متفرد..تصف لك بيئته في فلسطين فتكاد ترى الحقول وأبنيتها الحجرية و تشم رائحة زيت الزيتون وتسمع أهل البلد وهم يدبكون على أنغام راقصة..
بكيت حين حكى عن مقتل أخيه منيف وغسان كنفاني وناجي العلي..حين وصف الغربة بأقسى مايمكن وبأبلغ ما يصل إليه شعور إنسان..أدهشني حين تحدث عن اختلاف الطفل الفلسطيني عن غيره من الأطفال..وعن حيلة البدء "بثانياً" لتبرير وحشية إسرائيل و كثير من الظلم والإعتداء في العالم..عشت معه تجربة قراءته الشعرية لأبناء قريته اللذين لم يقتنوا كتاب شعر قبلاً..اتفقت معه كثيراً حين قال بأن أماكننا المشتهاة ليست إلا أوقاتاً..وحين تحدث عن علاقة الفلسطينيين اللذين يتوزعون في أقطار الأرض مع رنين الهاتف الليلي.

كثير من الفلسفة والرؤى الإنسانية في ثنايا كلمات الكاتب وتعاطيه مع الحياة تجعلك تجزم أن بعض الناس يملكون أعماراً كثيرة..لأن عمراً واحداً لا يكفيه زخم بهذا الحجم..
.
.

تذكرت زيارتي لمتحف الحرب في مانشستر وكيف أنني قلت في العرض الذي قدمته حول المتحف أننا قوم لا نعرض أجراحنا التي لا تزال دامية ثم نتفرج عليها وندعو العالم لتقليبها بين يديه..مبدعينا يوثقون مآسي الحروب عبر أدب رفيع شعراً ورواية..وهاهو الدليل على ما قلت أمسكه بين يدي..

هذه عائلة أتمنى من قلبي أن أقابلها..مريد البرغوثي الشاعر والكاتب الفلسطيني..زوجته رضوى عاشور الروائية المصرية ..وتميم البرغوثي ابنه الشاعر المصري الفلسطيني..
.
.

اممم..هل أستمر في كتابة قائمة أمنياتي؟

ست نجمات من خمس لهذا الكتاب..




مختارات من الكتاب:


- هل الوطن هو الدواء حقا لكل الأحزان؟ و هل المقيمون فيه أقل حزنا؟


- زيت الزيتون بالنسبة للفلسطيني هو هدية المسافر، اطمئنان العروس، مكافأة الخريف، ثروة العائلة عبر القرون، زهو الفلاحات في مساء السنة، و غرور الجرار.


- أمر محير وغريب كل العودات تتم ليلا وكذلك الأعراس والهموم واللذة والإعتقالات والوفيات وأروع المباهج . الليل أطروحة النقائض !


- قد تبعثر موتانا في كل أرض، و في أحيان لم نكن ندري أين نذهب بجثثهم.. و العواصم ترفض استقبالنا جثثا كما ترفض استقبالنا أحياء.


- الغربة كالموت, المرء يشعر دائما أن الموت هو الشيء الذي يحدث للآخرين , منذ ذلك الصيف أصبحت ذلك الغريب الذي كنت أظنه دائما سواي.


- والقهوة يجب أن يقدّمها لك شخصٌ ما. القهوةُ كالوَرْد، فالورد يقدّمه لك سِواك، ولا أحدَ يقدّم ورداً لنفسه. وإن أعددتها لنفسك فأنت لحظتها في عزلة حرة بلا عاشق أو عزيز، غريبٌ في مكانك. وإن كان هذا اختياراً فأنت تدفع ثمن حريتك، وإن كان اضطراراً فأنت في حاجةٍ إلى جرس الباب.


- منيف يتصل من قطر وأنا فى أمريكا ليخبرني عن استشهاد فهيم فى بيروت و دفنه فى الكويت و ضرورة تبليغ ستى أم عطا فى دير غسانة ،و جدته لأمه فى نابلس ، و أمى فى الأردن . رضوى و انا نؤكد حجزنا للعودة عبر روما الى القاهرة.


- كانت كل عودة مؤقتة تكمل النصف الثانى من الجملة
،فالغربة كلها شبه جملة
!! الغربة شبه كل شئ

هناك تعليق واحد:

  1. لقد قرأت هذا الكتاب الصيف الماضي
    وقد أعجبني جدا.. مثلما قلتي عزيزتي يستحق 6 من 5 نجمات


    لن أزيد على ما ذكرته
    سوى تأكيدا بأنه حقا كتاب يستحق القرأة فعلا..
    ويحمل في طياته مشاعر.. لا يمكننا وصفها..

    ردحذف

رسالة من ماورد شديدة اللهجة..

 اسمعي يا عزيزتي الثرثارة جدا.. والصامتة جدا بما أنك في الفترة الأخيرة منطفئة، حزينة، لا أحد يسأل عنك أو يكتب لك رسائل، ولا أحد يأبه بك  سأك...