الأحد، 20 يناير 2008

أنا يوماً بعد يوم 4

منذ عدة أيام لم آتي..
أشعر أن وقتي ليس ملكي وليس من حقي ترتيبه كما أريد..
الآن، اختلس بضع دقائق قبل أن تلقيني الحياة في خضمها ثانية..

ذهبت إلى مكة مساء البارحة..
كانت عمرة لطيفة، حيث الجو بارد ورخام الحرم يصيب الأجسام بالقشعريرة..
لأول مرة أطوف بهذه السرعة، وألمس الركن اليماني في كل شوط فتتخضب كفي برائحة العود ويتبتل قلبي تحت مآذن الحرم وقرب أستار الكعبة..
سرعة الطواف جعلت الوقت ينفد مني قبل أن أدعو كل دعواتي التي أريد..
ولكن شيئاً كالمطر، كنت أتنفسه وأغرق به في طمأنينة فيأتي صوتي من داخلي ليهمس: اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه وما لم نعلم..!
ثم أترك روحي وقلبي مشرعتين نحو السماء ، متلعلقتين بجلال المكان ورحماته..
أثناء الطواف قالت لي صديقتي: هل تعرفين ماذا أدعو لك دائماً؟
قلت : لا..
قالت: بعد أن أدعو لك ولأولادك ولكل أمورك الخاصة..دائماً ما أدعو لك بأن يريك الله الحق حقاً ويرزقك اتباعه وأن يريك الباطل باطلاً ويرزقك اجتنابه..
وجمت للحظة وقلت لها: أنا أدعو لنفسي بهذا الدعاء، فلماذا تدعينه أنت؟
قالت: لا أدري ولكنه أول ما يخطر على بالي حين أرغب بالدعاء لك..!
قلت لها: إذن في كلامك هذا رسالة مبطنة..
قالت: لعلها رسالة من الله أجراها على لساني..!
نظرت إلى المآذن العالية، ثم لمست أنفي فوجدته بارداً جداً..

باقي العمرة كنت واجمة ، حيث دوامة لا تنتهي تعصف برأسي..
لماذا شعرتْ صديقتي أنني فقط من قد يطرد من هداية الله ؟
ألأنني مختلفة بعض الشيء مثلا؟ ألأن لي آراء أخرى بشأن كشف الوجه؟
أم لأنني من الغاويين اللذين يقرأون الشعر.. ويكتبهم؟
ألأنه بوسعي أن أذهب كل أسبوع لدرس إحدى الداعيات، ثم أستمتع أيضاً بالتواصل مع أشخاص مهتمين بالشأن الأدبي في ذات الأسبوع ؟
الأنني أحب التجوال في أرض الله الواسعة والتعرف على الأشخاص والثقافات والأفكارالمختلفة؟
أم لأنني أرفض التصنيف ولا أحب أن أحسب على أي تيار..

أوووووجعني قلبي من قلبه...والله أوجعني.
وقلت في نفسي : هل علي أن أكون نسخة مقلدة ومكررة من نموذج معين حتى أحظى بالقبول؟
هل يجب علي أن أختار وأن أصنف نفسي ضمن جماعة معينة حتى تثبت لي الهداية؟
هل لابد من إلغاء كل توق يشدني نحو أي شيء جميل في الدنيا حتى يصيبني العمى فلا أرى إلا أخطاء الناس وذنوبهم؟

أعرف أن صديقتي لم تقصد أن تشحنني بكل هذا ..
هي أرق وأنقى من أن تفعل بي ذلك..
ربما فقط..أنا مشحونة منذ زمن..
..

لكن رسالتها تلك تحت هيبة الكعبة فتحت باباً .....ولم تغلقه..




هناك تعليقان (2):

  1. يحقُّ لأنفسنا أن تسرد استفهامات هنا وهناك ..
    والأروع من هذا أن نفتح لها الأبواب مشرعةً أبداً ما حيينا .. لأن (الله على كل شيء قدير ) فلربما ألهمنا شيئاً خفي عنا عدداً من السنين !

    ردحذف
  2. يا الله تذكرت ذلك اليوم...

    كانت الأجواء باردة وشهية شبيهة بأجواء جدة الان..

    تذكرت أنفي البارد، وقلبي الذي كان دافئاً في رحاب الحرم..!

    تلك الدعوة كنت أحتاجها..فمن منا لا يريد لقلبه أن يرى الصواب..؟

    شكراً صديقتي على دعوة آتت أكلها بعد حين!

    ردحذف

أنت وصديقك

 ليس للحياة معنى..إنها ماضية  فقط...ماضية وغير آبهة بأي أحد.. تمر فوقي وتتعداني دون أن أشعر بها..صامتة دون صوت..رمادية دون لون.. متى ستنتهي ...