الاثنين، 14 أكتوبر 2024

شوق إلى الثاني..وذكر الأول

 - كمحاولة غبية، أو مفيدة..أو ربما جادة للهروب، سجلت في دورة النقد الأدبي، ما يرجع لي شيئا من الثقة أنني لازلت الطالبة التي تلفت النظر إليها، تسكت تسكت ولكن عندما تتحدث تثير الاهتمام والأنظار.

كيف كنت أعيش هذه الحالة أيام دراستي وطفولتي كلها؟ كيف لم أصبح مغرورة؟ بل كيف كنت أظن أن هذا هو العادي؟

على الجانب الآخر، وكما يقول عبدالله: أنا سباكة..

ربما، ولكني يا عبدالله لا خيار لدي، أنا أتابع كل شيء..البيت بخدمه ومقاضيه وسواقه وقططه وسياراته ومواسير الحمام التي اكتشفت أنها مكسورة وأنها تسرب مياها بهدلتلي الجدران ورطبتها..بفواتير الهواتف السبعة والكهرباء والمياه والرواتب، بفواتير الانترنت في الطابق العلوي والسفلي والمكتب ، بكل ما يحتاجه البيت والضيوف وطلباتهما التي لا تنتهي..

بالأولاد وعمل من كان يعمل، ودراسة من يدرس، وكل الاحتياجات والطلبات والسفرات والمصروف..

أنا أتابع أروى العربية، بمعارضها وتنظيم كل معرض ، بالكتب ومخازنها الثلاثة في الرياض وجدة، بطلبات الزباين ونقاط توزيع الكتب، بجرير والعملاء وفواتيرهم وطلباتهم، بالكتب الجديدة وكل أعمال الانتاج والطباعة والتعامل مع الكتّاب والرسامين، ولا أريد أن أضيف نفسي هنا ككاتبة ، لأنني منذ سنة توقفت عن الكتابة..برواتب كل العاملين في أروى العربية ، بطلبات التحول إلى شركة والتي انتهيت منها إلا البنك وطلباته.

بالكلية والمحاضرات ، والامتحانات والتصحيح، بطالباتي في الماجستير، بأعمال الجودة والاعتماد الأكاديمي اللذان أكرههما من قلبي، بأبحاثي التي توقفت منذ العام عن الكتابة فيها وأنا التي كنت مقررة أن أنتهي من أبحاثي المتبقية كي أقدم على الأستاذية ..

بحالتي المرضية غير السهلة، والمضي من طبيب لآخر، والتعرف على كل العلاجات الممكنة، والسباحة والعلاج الطبيعي كل هذا في ظل عدم توفر تأمين طبي، والتعب المستمر وعدم القدرة على الانخراط في الحياة ببساطة، بالحالة النفسية الزفت وتوقفي عن تناول كل أدوية الاكتئاب لأنها تزيد الوزن، وأسناني التي أعلم أن فيها مشكلة وتحتاج إلى علاج طويل بدأته قبل كل الحكاية ثم توقفت الآن عندما توقف تأميني وكثيرا ما أشعر أن أسناني تضرب علي ولكنني لا أفعل شيئا غير تناول المسكنات..بعدم رغبتي في رؤية أي أحد أو ممارسة الحياة الاجتماعية التي كنت معتادة عليها..أو حتى رؤية الصديقات..

نعم فوق كل ذلك سجلت في دورة طويلة تستهلك كل وقتي وطاقتي وتساعدني على الهرب من كل شيء بجدارة.

- كنت أرى نفسي في هذا الشطر: " شوق إلى الثاني وذكر الأول" الآن أنا أقول: " حزن من الثاني وغضب الأول" كلاكما تتعباني ، ولا أي منكما يملك قليلا من التعاطف، أنا حتى لا أبحث عن حب..فهذه كلمة مطاطة إسفنجية غبية..

كلاكما أخذ مني ما أراد..والآن الثاني يعمل نفسه ميت ومو شايف والأول يحملني فوق ما أحتمل ثم أنه لا يعجبه..كلاكما تركاني في منتصف الطريق ولم يمد أي منكما يده..

أصلا أنا لا أريد أي منهما..أنا لا أراكما إن لم تكونا ترياني.


وسأكتفي بنفسي..وستندمان..

لست متأكدة، فلا يندم إلا من كان يأبه..

وأنتما..لا تأبهان





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أنت وصديقك

 ليس للحياة معنى..إنها ماضية  فقط...ماضية وغير آبهة بأي أحد.. تمر فوقي وتتعداني دون أن أشعر بها..صامتة دون صوت..رمادية دون لون.. متى ستنتهي ...