الخميس، 23 يونيو 2011

Leeds..5


  • أنا الآن في القطار عائدة من لندن إلى ليدز بعد أن حضرت كورس لمدة يومين عن انتاج الكتب...


كم مرة أخذت هذا الطريق ذهابا وإيابا خلال عامين؟
كم مرة جريت اللحاق بالقطار حتى تقطعت أنفاسي وانحشرت في الأندر جراوند وتسكعت على ضفاف التايمز والأكسفورد وحقيبتي على ظهري كمتسلقي الجبال ؟
سأفتقد كل ذلك...صح؟




  • اليوم كانت لندن مزعجة وهي تمتلئ بالسياح العرب..لماذا انزعج من أبناء بلدي؟


مثلا، ثمة امرأة عجوز ..عباءتها الطويلة المغبرة الأطراف على رأسها..تلبس شبشبا تقطعت سيوره وتتجول في البيكاديللي في منظر لا يبدو متناسقا أبدا مع ما حولها..أتسائل أين أبنائها وكيف تركوها تتجول هكذا وأنا أراهن أنها لا تعرف كلمة إنجليزية واحدة...
مثلا ثمة فتاة شابة ترتدي ساعة وحذاء بوت وتحمل حقيبة ما يمثل مجموعه ثروة ،خلفها امرأتان فلبينيتان ترتديان العباءة في مفارقة مضحكة مع سيدتهما الصغيرة..تتجول الفتاة في سيلفريدج و تشتري بنهم مقاضيها من أغلى الأحذية والحقائب والفساتين..
طبعا من المستحيل أن تجد من هؤلاء السياح من يفكر في أبعد من هارودز وأكسفورد والهايد بارك ....




  • ما زلت في القطار أتأمل المروج الخضراء وانعكاس شعاع الشمس الذهبي على قمم الأشجار كمباركة من السماء تهبط مع آخر فلول النهار..ما زلت في القطار يمر بي نهر وبحيرة ومجموعة من الأغنام بجوار بيت ريفي حجري ذا قرميد أحمر جميل...



ما زلت في القطار أطالع تشكل السحاب الناصع في سماء صافية مزرقة وأتعجب من تسارع هربه ولحاقه ببعضه..
ما زلت في القطار أفكر فيما مضى..في الآن..فيما سيكون..وأعلم أنني حين أرحل سأترك قطعة مني على هضاب يوركشاير المخضرة الباردة.. تجري هذه المنّي ، تغني وتكتب..
ما زلت في القطار أنتظر أن يكون قدرنا محطة مشتركة في الرحلة ..تركب ويكون القطار مزدحما بالوجوه الإنجليزية الشقراء إلا من مقعد بجواري ..تجلس ولا نفعل شيئا إلا تأمل الخراف والبحيرة والبيت الحجري معا..
ما زلت في القطار ينزل كل الناس ويصلون إلى محطاتهم أما أنا فأعلم أنني طوال حياتي سأظل راكبة القطار التي لا تصل ولا تترجل أبدا ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رسالة من ماورد شديدة اللهجة..

 اسمعي يا عزيزتي الثرثارة جدا.. والصامتة جدا بما أنك في الفترة الأخيرة منطفئة، حزينة، لا أحد يسأل عنك أو يكتب لك رسائل، ولا أحد يأبه بك  سأك...