السبت، 29 يوليو 2023

أندلثيّا


 - أجلس في جلستي المفضلة مع كوب من القهوة، كان دوري الأولى في المساج اليوم، الآن الكل مشغول، يسبح أو يستحم أو في غرفة المساج..لم أذهب إلى أي مكان اليوم، بقيت للمساج الغريب من نوعه، التي تقوم بعمل المساج فتاة أسبانية ذات شعر طويل أشقر، هي من هذه المدينة و لا تتكلم الانجليزية، طريقتها مختلفة في المساج تعتمد على الزيوت العطرية بشكل كبير مما يستدعي حماما عاجلا بعد المساج..

في البداية تقوم بجولة استكشافية في الجسم لتقرر أي الأجزاء تحتاج إلى عناية خاصة، البارحة كان استقصائها الأول في جسدي وقد قلت لها أن لدي مشكلة وضعف في ساقي وقدمي اليسار دون مزيد من التفاصيل، عملت بصمت، كانت تستخدم الزيوت العطرية والمروحة الأسبانية، ركزت على ساقي ورأسي، ملئت رأسي بالزيوت حتى أبدو وكأنني قمت بحمام زيت، بعد أن انتهت قالت لي بإنجليزية مكسرة: ليس لديك مشكلة في قدمك إنها بخير جدا..لديك مشكلة في الرأس والدماغ..

طبعا صمت وكنت متعجبة..كيف عرفت أن مشكلتي الأساسية في الإشارات التي تصدر من الدماغ..؟؟

انتهت ورأسي وشعري غارقان في زيت ذا رائحة عطرية محببة  بعدها ذهبنا إلى ممارسة أخرى غريبة ومختلفة، سأفرد لها حديثا خاصا فيما بعد.

بعد أن أنتهيت البارحة  قالت لي: أريد أن أراك غدا مرة أخرى..

قلت لها طيب وكان قد اتفق معنا روخليو أننا :سنتمسّج" يومين..

اليوم  قالت لي بعد أن انتهت من الجلسة وهي مبتسمة: اليوم أفضل بكثير من أمس، شعرت أنا بفرق كبير

قلت لها: وأنا أيضا شعرت بهذا الفرق، وهذا حقيقي حقيقي جدا، فماذا بالله كان يحدث في رأسي بين أيادي هذه الفتاة الجميلة…؟

- أعتذر يا صديقي، كنت حادة وسخيفة وردودي مستفزة، أنت السبب..لماذا كنت متشككا أنني كنت سأختار أي مكان والسلام حتى لو على حساب النظافة ؟! أعرف أنك تستاء من عملي في الجامعة ولا تحب "دكاترة الجامعة السعوديين" بشكل خاص ولا تجدهم يفهمون شيئا…أعرف أنك لا تحب أي عمل سعودي أو عربي وتنتقده وتظن أن أفضل مطابع الكتب في إيطاليا وتتحدث كمن لا يهمه السعر ولا يعنيه رغم أنه لم يسبق لك أي تجربة…اكتشفت أنك تحب الفتيات أو الشابات الصغيرات ذوات الجسد النحيف وتعيب على أجساد النساء الجميلة الريانة (وليست ذات الوزن الزائد)..أتفهم كل ذلك..لكن أن تتشكك في اختياري الأماكن حسب نظافتها وكونها قابلة لسكن الناس "اللذين يشبهوننا"فهذا أمر قد استفزني جدا..

ظننت أنك تعرفني أكثر من أي أحد، ظننت أنني أشبهك أو أنك تشبهني وهناك الكثير ليجمعنا،  ظننت أنك تعرف أن "أسماء الأشياء وماركاتها" لا تهمني..وأنني أحب الأشياء التي تعجبني وليس تلك التي اتفق عليها الناس وتباهوا بها.. ظننت أنك تعرف أن مزاجي لا يشبه مزاج امرأة ذهبت إلى مطاعم بوسطن وأسواق لندن وفنادق أمريكا ثم عادت وأخذت تتحدث كم هي تحب السفرمع أن هذا ليس سفرا..مزاجي يا سيدي مزاج امرأة قضت يوما كاملا في التنقل بين ٣ وجهات كي تسكن  وحدها أخيرا في نقطة بعيدة لا يعرفها السياح في أطراف أسبانيا ..لا يوجد فيها سوق إلا السوق المحلي ولا مطاعم إلا الأكل المطبوخ في البيت  والذي لا يمكن أت تجده في أي مكان..والشيء المختلف هو ذلك الحس الإنساني الذي يربط لمدة ستة أيام بين أشخاص من مناطق مختلفة حول العالم وأديان ولغات مختلفة..لم يسبق لهم اللقاء ولن يتقابلوا بعدها .





صورت لك الكثير من أجزاء المكان كي أريك أنه فعلا مكان لطيف..ثم شعرت بالقهر أكثر، فلماذا يهمني رأيك في اختياراتي لهذه الدرجة؟ عادي لو ظننتي لا أعرف أو لا أفهم ..عادي لو كانت أحكامي في الأشياء ورأيي فيها لا يرقى لحكمك واختياراتك الراقية جدا..رغم كل ذلك أقدم لك اعتذاراتي الحارة والله على ردودي اليوم وردة فعلي السخيفة.


- مرت علي "آنتي" وقالت أنت تكتبين" آنتي سيئة وتطلب مني الكثير من العمل المرهق في اليوجا"، ضحكت وقلت لها: لا، ليس هذا ما أكتبه..روخوليو ومارك يشاهداني أكتب يوميا ويودان أن أرسل لهما ما أكتب، قلت لهما إنه بالعربية..قالا :لا بأس سنعرف كيف نترجمه..!

- غدا يومي الأخير..صباحا سأترك المكان وأتجه إلى زيورخ..كيف كانت الرحلة؟ أفضل مما تخيلت ولا أظنني سأتوقف عن هذا النوع من الرحلات..وسأجد وقتا لأكتب عن مزيد من التفاصيل لاحقا..

- أصدقاء الرحلة والكولاج الغريب، رحلة البحر والاتكاء على شابين "مثليين" في المشي الطويل وتساؤلي :هل يجوز لأنهم "چايز"؟ العلاج الصوتي وتشابهه مع الملاوية الصوفية، المكان ولطافته والستايل البوهيمي، الطعام وتجربة حقيقية للتوب شيف، الصباحات ذات الضباب مع مايكل ، خوضي للتجربة بجسم سكنه الإم إس فهل كانت تجربة مرضية؟ 

- أصدقائي الأسبان يشعرونني بالحميمية وإعادة وصل هذا الخيط الذي انقطع من مدة طويلة بين الأسبان والعرب، أراه في فهم كثير من الكلمات في حواراتهم لأن أصولها عربية وفي استماعي ل"جادك الغيث" لأنها قادمة من "أندلثيا" كما ينطقونها..

المهم يا ماورد كتبت هذه النقاط حتى لا أنسى وأعود للكتابة عنها لاحقا..


هناك تعليقان (2):

  1. من هو ذلك السخيف الذي يشكك في اختياراتك، لا اظنه الا رجل مغرور ينظر لغيره من برج مصنوع من الخيش. اعذري حماقته.. فنحن معشر الذكور توارثنا جينات ليست جيدة تدفعنا للاعتقاد باننا افضل من غيرنا. على كل حال، لو اتصل بك معتذرا فاقبلي عذره لعل روحه متألمه فنطق بما لم يقصد. وإذا لم يتصل معتذرا.. فاقبلي اعتذاري عنه، ليس دفاعا عن حماقته، بل لاستحقاقك ذلك.

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا لتحملك ذلك نيابة عنه🌷

      حذف

أنت وصديقك

 ليس للحياة معنى..إنها ماضية  فقط...ماضية وغير آبهة بأي أحد.. تمر فوقي وتتعداني دون أن أشعر بها..صامتة دون صوت..رمادية دون لون.. متى ستنتهي ...