الأحد، 27 فبراير 2011

ح..ل..م..(٦)


  • أكتب من باريس...

هذه المدينة التي زرتها عدة مرات وأنا صغيرة ومراهقة ولكنها الآن تبدو وكأنها الزيارة الأولى..
أجل..باريس مدينة للناضجين فقط..للناضجين جداً..
قبل عدة أيام وصلنا وقضينا ثلاثة أيام في أحد الفنادق المحيطة بالديزني..
قبل السفر بفترة فقدت حماسي لعدة أسباب ، وحين جمعت الأولاد وسألتهم إن كانوا يريدون حقاً القيام بهذه الرحلة أجابوني بصوت واحد "طبعا نود الذهاب..إنها الديزني يا ماما"
أولادي لم يذهبوا للديزني قبلاً لذا كانت هذه الرحلة تمثل إحدى أحلامهم التي طالما تحدثنا عنها..تذكرت إحساسي عندما ذهبت إلى ديزني أمريكا لأول مرة..كان شعوراً عذباً مدهشاً ساحراً...
رافقني هذا الشعور في كل مرة أذهب فيها إلى مدينة أحلام الصغار تلك حتى بعد أن كبرت..لدرجة أنني قضيت شهر عسلي في فلوريدا، وعدت للذهاب مرة أخرى حين كانت سديل تبلغ ١٠ شهور من عمرها..
إحدى أحلامي حتى قبل أن أتزوج أن أرافق صغاري إلى هذا المكان الساحر وأسجل لمعة أحداقهم..ابتساماتهم..وتقوسات دهشاتهم..


رغم سعادة الأولاد واستمتاعهم لكن التجربة لي كما يبدو كانت خافتة جداً..
لأول مرة أذهب إلى الديزني ولا أشعر بدفق الحماسة والمتعة في دمائى..
ربما لأنني كنت مريضة وأعاني من الحمى وأمشي بتثاقل وأقف في الطوابير تحت المطر مع الأولاد وأنا أرتجف ؟
ربما لأن خادمتي التي تركتها في ليدز انقطعت أخبارها عنا مما أصابني بالقلق قبل أن أكتشف أنها هربت مما سبب لي قلقاً أكثر؟
ربما لأنني ...كبرت فقط..ولم تعد قصة بيتر بان والصبي الواقف على النوافذ -والذي لا يكبر أبداً- إلا خرافة!! 



  • بعد قضاء ٣ أيام في الديزني ذهبنا إلى باريس..فندقنا الذي يحمل اسم نابليون كان يقع على رأس الشانزليزيه قريباً من قوس النصر..بني هذا الفندق عام ١٩٢٠ كعربون حب من رجل روسي ثري لحبيبته الفرنسية الجميلة، لذا كان يجمع ما بين الطراز الروسي والفرنسي ..اللوحات ذات الإطارات المذهبة في كل مكان، الستائر المخملية، والأسرة العالية الوثيرة..
عن طريق التور باص زرنا معالم باريس . باريس تبدو صفحة من كتاب تاريخي قديم وفخم خاصة أننا في نهايات فبراير وورق الشجر لم ينبت بعد مما أعطى مسحة تعتيق مذهبة للصورة ككل..
ذهبنا إلى البرج الذي يبدو أجمل في الليل مع الإضاءات المختلفة..مررنا على الكثير من المباني ذات القيمة التاريخية والفنية والعسكرية.. شاهدنا أكاديميات الباليه العريقة، أقدم وأغلى فندق في باريس، المكان الذي قضت فيه ماري انطوانيت أيامها الأخيرة ، كما مررنا بمكان شنقها قبل الثورة الفرنسية..شاهدنا مبنى الأوبرا المذهب العظيم والذي كان يمثل هرم الأرستقراطية والفن ..أعجبتني المكتبات الصغيرة التي تصطف على جانبي نهر السين لتبيع كتباً ثمينة ونادرة ..كما مشينا في أفينيو  الكاتب المشهور فكتور هيجو..
في اليوم الثاني ذهبنا للمتحف الأشهر والأكبر في العالم "اللوفر" ، كنت مذهولة وأنا أمشي في أروقته وأتسائل كيف استطاعت أمة أن تجمع كل هذه الكنوز من كل أمم الأرض، ولماذا؟
رأينا لوحة "الموناليزا" الشهيرة ، حولها سياج وعازل زجاجي وناس كثيرون يتأملونها ويصورونها، حقيقة - وأعذر جهلي يا دافينشي- لم أستطع أن أستشعر سر هذه اللوحة الأشهر والأثمن على الإطلاق رغم أن المتحف يعج بلوحات أخرى كثيرة غاية في الإبهار..
لم نكمل المتحف لأن ابني كاد أن ينهار من الملل.. فما ذنبه وهو ابن الست سنوات في التحديق في لوحات عصر النهضة ومآثر الحضارة الفرعونية؟ 
ما تبقى قضيناه بين مطاعم الشانزليزيه والأسواق التي تفتح النفس للشراء..

  • كنت أتمثل في كل خطوة كلام الدكتور مارك حين قال أن باريس تمثل قمة الذوق في العالم كله..اللغة المغناجة المدللة..محلات العطور والشوكولاتة التي تبدو كأنها محلات مجوهرات .. ماركات الملابس والأحذية والمجوهرات المترفة التي تخطف الأنفاس..الطراز العمراني الباريسي والذي لا يشبهه شيء..
حلم اليوم:
باريس مدينة للناضجين.أحلم أن أزورها ثانية لكن هذه المرة تحت شروطي:

  • أن أذهب بدون أطفال.
  • أن أراها ملونة في فصل الربيع.
  • أن يكون رفقائي في الرحلة : زوجي الذي يعشق التاريخ، وأبي الذي يحب حضور المسرحيات والعروض وأمي التي تقدر كل شيء جميل وباذخ..
  • أن أحضر حفلة باليه، وأعرف منذ الآن أن ثمة شجار سيقع بيني وبين زوجي ، لذا لن أغضب إن ذهبت مع والداي وبقي هو في الفندق يتابع ماتش كورة.
  • أن أزور كل المتاحف، بما فيها زيارة ثانية ومطولة للوفر.
  • أن أذهب إلى قصر فرساي..وأعرج على الريف الفرنسي.
  • أن يكون معي مال كثييييير للتسوق...ورواية أقرأها على ضفاف نهر السين، وكتاب عن تاريخ الثورة الفرنسية وأثر الثورات في نشوء الحضارات.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مسلسل كويتي

 هل قلت لك يا ماورد أنني أحتاجك جداَ؟ نعم سآتيك كثيرا فطيبي خاطري كلما أتيت وقبليني على جبيني ولا مانع أن تحضنيني فلن أمانع.. البارحة ذهبت إ...