السبت، 20 ديسمبر 2014

من جديد-3-

انتهيت اليوم المراجعة الما قبل الأخير لكتاب "حفلة شاي في قصر سندريلا" أظنني أحببت هذا الكتاب، أحببت أجواءه وأفكاره والكتابة فيه ومصادقة أبطاله۔۔
بدأت الآن مرحلة الشك الممزوجة بالترقب، ومرحلة تدفق الأدرينالين الذي يسبق المغامرة الغير محسوبة العواقب۔۔!
كل كتاب هو مغامرة۔۔كل كتاب هو شك دائم، كل كتاب هو عدم تأكد، ترقب، رغبة في التراجع، ورغبة أخرى في المضي قدماً والقفز في الماء البارد۔۔

مقطع من الكتاب:
 
بياض الثلج والأقزام السبعة

"يا مرآتي يا مرآتي۔۔من هي أجمل امرأة في الكون؟"
 
 


هل تدور قصتك كلها يا بياض الثلج حول "الجمال"؟ بدءا من اسمك حين جرحتْ والدتك يدها وهي تخيط في يوم شتوي، فتساقطت قطرات دمها الحمراء على ثوبها الأبيض، فتمنّت طفلة جميلة بشرتها بيضاء شفاهها حمراء وشعرها أسود۔۔

ومروراً بزوجة أبيك التي كانت تسأل مرآتها السحرية كل يوم من هي الأجمل، وانتهاء بالأمير الذي فتن بك من أول نظرة وأنت شبه ميتة!

الجمال! أليس شيئاً نسبياً؟ أليس من العنصرية افتراض ملامح جمال معينة قد لا تتوفر إلا في شعوب معينة؟ ومن هي هذه المرآة التي تعطي لنفسها الحق في أن تجيب امرأة ما بأنها الأجمل؟ هل انعكست على هذه المرآة صور كل نساء الأرض؟ أليست الفتاة العربية بأنفها المستقيم وشعرها الأسود وعيونها ذات الرموش الطوال كسيوف المعركة هي الأجمل عند حبيبها الشاعر؟ أليست الفتاة الأفريقية بشعرها المجدول وملابسها الملونة وبشرتها الأصفى كالعسل الحلو هي الأجمل عند محاربها الصياد؟ أليست الفتاة الإسكندنافية ذات الشعر الأحمر والعيون الخضراء والنمش الذي ينتشر في وجنتيها كقبلات الملائكة هي الأجمل عند بحارها الوسيم؟ أليست الفتاة الآسيوية ذات الشعر المنسدل اللامع والأنف الصغير والمشية الدقيقة الخطوات كقطرات المطر هي الأجمل عند فارسها الشجاع؟

هل كنت أيتها المرآة تضحكين على هذه المرأة التي تظن نفسها الأجمل وتقودينها للجنون بافتراض أن هناك من هي أجمل منها أو ربما أصغر؟ أكنت ترسلين لها رسالة خفية أنه لا يمكنها أن تبقى الأجمل لأنها تكبر وتتقدم في العمر؟ وكما هو الجمال شيء نسبيّ فهو زائل وغير دائم أيضاً، لعلها فكرة من أصعب الأفكار التي تتعارك معها النساء عبر عمليات التجميل المختلفة كمحاولات حثيثة لتزييف ما تستطيعين رؤيته أنت على حقيقته أيتها المرآة۔ 

اصدقيني القول إذن۔۔مالذي تفعلينه معنا  كل يوم حين ننظر إلى أنفسنا عبرك؟ هل تعكسين ما ترينه أنت أم ما نراه نحن أم ماهو حقيقي فعلاً؟ صحيح أنك لا تتكلمين معنا كما في قصة بياض الثلج ولكنك تنصتين لملامحنا وتقرئين الكثير في وجوهنا وتسبرين أغوارنا!

مرة أخرى، ماهو مفهوم الجمال؟ أليست مشاعر الحب والأمومة والأخوّة والصداقة جمالاً مفرطاً لا قبل لنا على احتواؤه؟ أليست اللغة بمعانيها الآسرة وصورها الحية وتكثفها المُعجز جمالاً؟ أليست الطفولة ببرائتها العذبة وأسئلتها الأولية وبداياتها الشجاعة جمالاً؟ أليس الفن بجنونه اللانهائي ومبرراته الغير مبررة وصوته المتفرّد جمالاً؟ أليست الطبيعة۔۔الأفكار۔۔الذكريات۔۔ الابتسامات۔۔القلوب الطيبة۔۔الروحانية۔۔جمالاً؟

كيف إذن أيتها المرآة حصرت مفهوماً بهذا التجرد في ملامح امرأة ؟ 

بسببك أيتها المرآة ترتبتْ جريمة في القصة تورّطتْ فيها التفاحة أيضاً، لماذا لم تكوني أيتها التفاحة برتقالة أو مشمشة أو موزة أو تفاحة خضراء أو صفراء؟ يمكن دس السم في أي من هذه الفواكه البريئة ولكن ألأنك تفاحة حمراء كتب عليك أن تكوني رمز الخطيئة والشر والرغبة والمرأة للأبد؟ إنه الأحمر الرمز مرة أخرى!

الجمال، الموت، الدم، التفاحة، السم، المرآة، الغيرة، الشر، البراءة، العمر، الغابة، الثلج، الفتنة وأخيراً المرأة ، تجمعت كل هذه الأفكار دفعة واحدة في قصتك يا بياض الثلج لتنسج معانٍ متشابكة ورموز معقدة صاغت التاريخ والقصص والأحداث والفجائع على مر الزمان!  

رغم كل هذه المعاني "الحمراء" في القصة إلا أن هناك معنى "أبيضاً" أيضاً، إنهم الأقزام السبعة الذي لا يعلم أحد من هم وكيف تجمعوا ولماذا سبعة وهل هم إخوة أم أصدقاء وماذا يفعلون في الغابة وماهي أسمائهم الحقيقية!

ألأنهم أقزام ومختلفين شعروا أنهم هوامش خارجين عن السياق والمتن فقرروا أن يعتزلوا العالم ويعيشوا وحدهم بين مخلوقات أخرى تقدّر جمالهم الغير ظاهر للعيان؟ بالطبع، فمجتمع إنساني يحتفي بالجمال الشكلي لهذه الدرجة سيجعل أناساً خلقهم الله أقزاماً يشعرون بعدم التقبل ويهربون ليعيشوا معاً بسعادة ورضى بل ويؤوون فتاة يقال أنها الأجمل في المدينة تقوم بتنظيف كوخهم وإعداد طعامهم۔۔

يا للمفارقة!!

أليست الهوامش أحياناً أهم من المتن؟

 

 

بقي سؤال واحد۔۔

ألم تقرأي يا بياض الثلج هوامش قصتك بدلاً من التركيز على المتن فقط؟ ألم يكن ضمن الأقزام السبعة من هو لائق بك كي تقعي في حبه و تتزوجيه وأنت التي عشت معم في بيتهم أياماً بدلاً من زواجك بالأمير الذي لا تعرفين عنه أي شيء؟

هناك تعليق واحد:

  1. يا حلوتي هل سيكون هذا الكتاب موجود بمعرض الرياض الكتاب ؟ أقصد هل ستكونين موجودة وأحظى بتوقيعك؟

    ردحذف

أنت وصديقك

 ليس للحياة معنى..إنها ماضية  فقط...ماضية وغير آبهة بأي أحد.. تمر فوقي وتتعداني دون أن أشعر بها..صامتة دون صوت..رمادية دون لون.. متى ستنتهي ...