الأيام الماضية كنت غارقة في لم كتب مكتبتي وجمعها في الصناديق استعداداً للانتقال للبيت الجديد..
كانت العملية ممتعة بقدر ماهي مرهقة..ولا أذكر متى آخر مرة قمت بترتيب المكتبة!
هذه المكتبة التي تنامت مذ كانت ٤ أرفف صغيرة حين كنت في المتوسط إلى مكتبة شكلت غرفة كاملة..
هالني ما وجدت فيها وشعرت أنها كنز حقيقي..هنا بعض ما وجدت:
١- كتب توثق لمرحلة فكرية معينة في المجتمع وفي حياتي ربما، مثلاً، كتاب بعنوان: "احذروا الأساليب الحديثة في مواجهة الإسلام" وهو كتاب قد درسناه في مادة ثقافة اسلامية في الكلية وبه مثلاً جزء كبير عن مساوئ الابتعاث ومخاطره الجسيمة،لا أدري إن كان مثل هذا الكتاب لا يزال يدرّس مع كل هذه الأعداد المهولة من المبتعثين بمباركة الدولة..
عدد كبيرمن هذه الكتب التي تؤيد نظرية المؤامرة والتي لا تمثل توجه الدولة الآن ولا سياستها ولا تواكب ما يستجد في المجتمع، كثير من كتب سيد قطب والمودودي، تخلصت من بعض هذه الكتب، وبعضها الآخر أبقيته كتوثيق لمرحلة معينة..
٢- كتب وكتيبات كثيرة عن المرأة: المرأة في الإسلام، المرأة في سوق النخاسة العالمي، المرأة بعد الولادة، وقت المرأة، بطن المرأة، عمر المرأة،..الخ أحد هذه الكتب وقع في يد ابنتي فتحته وأول ما رأته رسم توضيحي لأعضاء المرأة والرجل ، أغلقته بسرعة وصرخت وسط ضحكي: ماما ، تخلصي من مثل هذه الكتب بسرعة، مقرفة!!!
أما الكتيبات الدينية حول المرأة فيقول الكاتب في أحد الكتب التي وجدتها:(إنك في بيت زوجك ملكة بغير تاج فهل تفهمين ..!
ياخي أنا حرة..ما أبغى أفهم..! معقول أسلوبك الغير حضاري في الخطاب أصلاً؟

كتيبات كثيرة وكتب من الحجم المتوسط يصل عدد صفحاتها إلى ٣٠ صفحة بالكثير، يعني أن كل كاتب استفرغ مافي فكره في يوم واحد على الورق وقرر طباعة كتاب وتوسم أن له الأجر..هل مازالت وزارة الثقافة تعطي فسحاً لنشر هذه الكتب؟ أتمنى لو أعرف من الوزير بنفسي، أغرقتنا هذه الكتيبات في فترة ما وكانت تمثل مصدر ثقافة الشعب السعودي..
٣- كتب تربية لا آخر لها تمثل جميع المدارس التربوية بدءاً من دكتور سبوك ومروراً بكتب الصحويين الإسلاميين..غذاء طفلك، طفلك والنوم، طفلك بعد عامه الثاني،،والثالث والرابع..الطفل العنيد..التربية الإسلامية، التربية في الإسلام.....الخ..تخلصت من أغلبها، هذه الكتب كانت مرجعي في فترة زمنية أما وقد كبر أولادي فلست بحاجة لها، كما أنني متأكدة أن النظريات التربوية تغيرت..!
٤- كتب الأدب الكلاسيك العربي: الرافعي، المنفلوطي. المعلقات، جبران خليل جبران، العقد الفريد،الأغاني-مجموعات شعرية كاملة، وكتب أخرى كثيرة لرواد الأدب السعودي.
٥- الروايات-وهو القسم الأكبر- بكل أنواعها: مترجمة، انجليزية،روائيين عرب وسعوديين، روايات حاصلة على جوائز عالمية، روايات لا تستحق أن تقرأ، روايات جريئة صادمة، روايات كلاسيكية من الأدب العالمي...روايات المراهقة:نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس وروايات عبير.
٦- كتب تطوير الذات: كل الكتب التي تبدأ ب:كيف! أو عليها ضمان أنها الأكثر مبيعاً أو على قائمة النيويورك تايمز،أو ٥٥ طريقة..٧٦ طريقة..١٣١ طريقة وغيرها من الأرقام التي توهمك بالمصداقية..
تخلصت من بعضها وأبقيت بعضها وأنا على ثقة بأنني لن أعود لقراءتها ثانية.
٧- كتب فكرية فلسفية كثير منها مترجم مثل كتب أوشو، كتب في التأويل، كتب عبدالله الغذامي،كتب مصطفى محمود ، عبدالوهاب المسيري..وغيرها..
٨- كتب زوجي والتي تتناسب مع اهتماماته والتي لا أقرأها أبداً: كتب التاريخ، نهاية العالم ، الفرق والمذاهب، الشيعة والصوفية..الخ
٩- أمهات الكتب والتفاسير والمجلدات الضخمة..
١٠- كتب - وهذا جزئي المفضل-يصل عددها أكثر من ١٠٠ كتاب عليها اهداءات من أصحابها باسمي، بعضها لكتاب أسماؤهم معروفة: أحلام مستغانمي، عبده خال، تركي الدخيل، محمد حسن علوان، لمياء باعشن-ثامر شاكر-وليد طاهر- ياسر حارب وآخرون وبعضهم لا أذكرهم ولا أعلم متى اهدوني الكتب
.
١١- الكتب التي تنتمي إلى مكتبات الغير والباقية في مكتبتي منذ زمن بعيد والتي لا أذكر طبعا كيف وصلت إلي: كتاب من أبو زوجي لميخائيل نعيمة تاريخ شراؤه قبل ولادتي وسعره المدون عليه: ريالين، كتاب مُهدى لعمي-الذي يعيش في المدينة قبل أن أتزوج بزمن طويل- ولا أدري لم هو عندي، كتاب من مكتبة أخو زوج خالتي..!!! كتاب من مكتبة أبو صديقتي في الثانوي..!
١٢- كتب الأطفال التي تخصني وليست لأولادي، ما يعجبني من الكتب العربية والإنجليزية، مايلفت نظري في معارض الكتب وأثناء سفري، ماهو حاصل على جوائز..وكل ما يتعلق بالكتابة للأطفال وأغلبها كتب إنجليزية..
هذه الأجزاء التي قمت بترتيبها حتى الآن،
أثناء ذلك كانت ابنتي مستلقية على الكنبة وتقول لي: ماما أساعدك؟ وأنا أقول لها: لا شكراً يا حبيبتي لأنني أقوم بتصنيف الكتب ،استبعاد مالا أريده..
فجأة نظرت إليها وسألتها: أسيل، بعد أن أموت ماذا ستفعلون بهذه المكتبة؟
قالت: لا أدري ، لكنها تبدو ثروة حقاً..َ
وعادت تقرأ في كتابها الإنجليزي..
لا أدري حقاً إن كانت ستمثل لهم ثروة وهما مذ عدنا من بريطانيا لم تعودا تقرآن بالعربية..
كيف بالله ستستمتعان بكل هذه الكتب ولمن أتركها؟
هل سيكون لهذه الكتب أي قيمة فيما بعد؟ هل الأشياء تكتسب قيمتها من داخلها أم أن الناس من تكسبها هذه القيمة؟ بهذا المفهوم هل قيمة الكتب تعلو وتهبط كسوق البورصة؟
ما علينا...
كنت مستمتعة وأنا أتجول بين الكتب، كنت أشعر أن لها صوت وذكريات ، كنت أشعر أنها تعيش في عالم خاص بها وتطلعنا عليه -مشكورة- من آن لآخر..
كنت أمسك بعض الكتب في يدي وأقول: أذكر حين قرأت كتاب أنيس منصور حول العالم في ٢٠٠ يوم، كنت في رحلة بالسيارة في أمريكا ، حين قرأت جين إير كنت أول مرة أزور بريطانيا، قرأت الشيخ والبحر لآرنست همنجواي في فرنسا، حين قرأت المعلقات والشعر العربي القديم وحفظت أندلسيات فيروز وأنا في المتوسط..حين كنت أقرأ سيد قطب مأخوذة وأشارك صديقاتي ذلك الشعور، حين غصت في الأسئلة الوجودية مع مصطفى محمود أنا وصديقتي والتي أقدمت على محاولة الانتحار أيام الثانوية كي ترى بنفسها ماذا بعد الموت..حين تعلمت تذوق الشعر مع غازي القصيبي وعبدالمحسن حليت..
لكل كتاب قصة ومكانة وذكرى..! فإن كانت مكتبتي تعني لي كثيراً فماذا سيكون مصيرها بعد أن أموت؟
أي اقتراحات؟