هل سبق وأن كتبت مرتين في اليوم؟
إيوة سبق...!!! عادي.. في فمي ماء..أو على رأس قلمي كلمات..أو ربما في ذهني...
.
.
رحيل و موت..!
خلال الأسبوعين الماضيين حضرت ٥ عزيات (جمع عزاء) ..الأول كان لفتاة من العائلة في التاسعة عشرة فقط أصيبت بالسرطان، والثاني لامرأة عجوز، والثالث والرابع لرجلين عجوزين، والخامس للدكتورة آمال نصير صديقة أمي وأستاذتي والتي توفاها الله بعد صراع مع المرض..
كنت كلما وضعت رأسي على الوسادة يهجم علي كم من الأسئلة:
أيهما أفضل لأهل الميت: الموت الفجأة؟ الذي يكسر قلب أحباء الميت ويجعلهم في حالة ذهول وارتباك قد تمتد طوال العمر؟
أم الموت البطيء ؟ الذي يجعل الإنسان يذوي ويمص منه رحيق الحياة أمام أعين محبيه اللذين قد يتمنون له الرحيل كي يرتاح بعد أن أصبح عبئا زائدا عليهم..
أيهما أفضل للميت: أن يرحل فجأة دون أن يتعذب أمام الناس؟
أم أن يموت ببطء ويذوي أمام الكل لكن قد يطهره الله بمرضه من ذنوبه ومعاصيه؟
يا الله ..أليس كلاهما مؤلم؟
أليس الفقد هو الفقد سواء أتى دفعة واحدة أم بالتقسيط؟
أليس الموت هو خاتمة الأعمال في الدنيا التي يقررها الله إن كانت على كفر أو إيمان؟
لماذا أطرح كل هذه الأسئلة ونحن لا نملك أن نختار كيف نموت ومتى نموت..
البارحة ،حين كنت في عزاء الدكتورة آمال..نظرت حولي فرأيت صديقاتها ممن هم في مقام أستاذاتنا..فزعت واتصلت على صديقتي وقلت لها: سنكون هكذا ذات يوم، وسنحضر عزاءات بعضنا...أليس هذا مخيفاً؟ وسيلحق بأسمائنا : الله يرحمها، وسنصبح مجرد اسم في دعوات الأصدقاء والطيبين ومن يذكروننا..وستستمر الحياة ولا تتوقف ويولد كل يوم طفل ويقام كل يوم عرس وعزاء..
يا للموت القريب..إنه قريب جداً، مربك هذا القرب، ومخيف ، ومحزن..!!
يجعلني أتسائل كلما وضعت رأسي على الوسادة: هل أنت راض عني يا الله لو مت الآن؟
أحياناً أشعر أنني بحاجة إلى آية كي أتأكد من هذا الرضى، ثم أقول: بل أحتاج إلى يقين ورحمة..
ثم أتسائل: من كان الموت بين عينيه واعظاً كيف له أن يستمتع بمباهج الحياة أو يشعر أن أي شيء في الدنيا يستحق وهي لا تسوى عند الله جناح بعوضة؟ وهو لا يعلم أية حياة جديدة سيبدأها بعد الموت رغم ذلك فإن هذه الحياة متوقفة على عمله في حياته الأولى ورحمة الله به..
في حلقة الفلسفة أمس طرح موضوع التوازن..ولأول مرة أشعر أن التوازن لوح خشبي نقف عليه وبمهارة علينا أن نتأرجح عليه في هذه الدنيا دون أن نتعثر أو نسقط أشيائنا أو تتشابك حبالنا..
لأول مرة أشعر ب" حبل من الله" !!!
أيجب علينا أن نخاف من الموت؟ أم ننظر إليه بشكل أخف وطأة كمعبر ينقلنا إلى حياة أخرى فتصبح نظرتنا واقعية أكثر وإحساسنا بفقد أحبائنا أصبر..؟
.
.
.
يا الله ارزقنا الحكمة والصبر في التعامل مع الموت لو زار بيوتنا..وارزقنا الرحمة والمغفرة لو زار أرواحنا..وارزقنا الحبل المتين الذي يحفظنا من السقوط والتعثر وهو يمر كل يوم بجوارنا..!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق