الخميس، 3 مارس 2011

ح..ل..م..(٨)

يقول مراد البرغوثي: أماكننا المشتهاة ليست إلا أوقاتاً..
والأمكان يمكن زيارتها مرة ثانية وثالثة وعاشرة..أما الأوقات فهي أزماننا التي لا تعود ولا تتكرر حتى لو تواجدنا في نفس الأماكن..
أزماننا تلك هي مزيج من استعداد نفسي..من توقع حالم..من أفكار وثّابة..من ذكريات عذبة..من رائحة عطر باذخة.. من لمسة مكهربة..من وقت غزانا بكل تفاصيله..
أزماننا تلك قد تكون أيضاً وخزة جرح.. اسم لشخص..أجواء مكان..طعم مر..ألم شك أعماق القلب..
كل ذلك تجمع وكوّن حالة فريدة عشناها، لا يمكن أن تكون إلا بذلك المزيج..
في المستقبل قد نقابل ذات الشخص الذي قاسمنا الوقت والمكان لكن.. الوقت مضى ، والمكان ماعاد المكان ، والشعور يقف جامداً وكأن الأمر لا يعنيه ، بالمقابل بوسع أغنية شجية أن تستدعي جزءا من شعورنا الراحل ذاك لتنهمر علينا أطيافاً من الحالة على هيئة شلال من شعور يربكنا ويضعنا في مأزق من ذكريات..كما بوسع اسم شخص ما أن ينكأ علينا جرحاً قديماً نظنه اندمل..
في علم الNLPيسمى ذلك بالمرسى..حين نفقد الأماكن والأوقات ثم بإمكان شيء ما أن يستعيد مشاعر قديمة رافقتنا...
كم يبدو الأمر معقداً وكم تبدو الخلطة صعبة التكرار...


لأكتب بعض المراسي في حياتي:

١- أغنية "الطير" للجسمي -----شعور بالانطلاق..رائحة المراعي الخضراء الممتدة ولسعة الأجواء الباردة..
٢- رائحة العود----نضج هجم علي فجأة أشعرني بأنوثتي
٣- حروف كلمة الفلفل-----شعور عاصف ، غير مترقب، شرس،عذب
٤- تكبيرات العيد-----جرح مؤلم قاس ، يأبى أن يندمل
٥- سورة البقرة بصوت العجمي----- بدايات صداقات ، حماس، انطلاق نحو المجهول 
٦- عنوان إيميل يحمل اسم جهة معينة-----نكد،مضايقة،تعالي غير مبرر يشعرني بالتصاغر
٧- صوت أبلة نجاة ولهجتها-----شعور بالبراءة ، بالصغر، بالدفئ والامتنان وأجواء غرفتي القديمة في الشرقية
٨- رائحة التراب المبلل بالمطر-----آخر أيام الامتحانات في الثانوية الثالثة عشر بجدة
٩- وجه خالة ابتسام-----فيروز وأغنية طير الوروار رغم أنها لا تشبهها أبداً وأيام قديمة قضيناها في بيتها.
١٠- صوت المكرفونات في محطة القطار-----نضج،انطلاق، شعور بالحرية وبأن لا شيء مستحيل.




حلم اليوم:
أن أصنع عن قصد مزيداً من المراسي الإيجابية..وأن أقطع حبال كل مرساة تستدعي جروحاً قديمة.. 

هناك 6 تعليقات:

  1. جميلة هذه المراسي ..
    ولكل منا مرساه الخاص على ما اعتقد .. يجعله يندفع لمشاعر ملئها ايجابية وحيوية تارة ، واخرى ملئها اشمئزاز وسلبية !!
    ولكن ، قد تكون بعض المراسي لها اعمق صدى بحياتنا ، ولكن فجاة تتبدل او تختفي .. !! لا اعلم لما .. ولكنني اشعر بذلك حاليا !!
    كانت صباحات القهوة مثلا تنعشني وتجعلني اكثر حيوية ، اما الان ، ولحنيني للوطن ، اشعر ان رائحة الشاهي بالحبك (النعناع المديني) اكثر انتعاشا ، تفاءلا واخرى كثيرة أملا بوطن ساعود له بالقريب العاجل ..

    شكرا لتلك المراسي ، فهي تجعل مشاعرنا اكثر توازنا ونضجا ، او اكثر اثارة في بعض الاحيان ..

    وشكرا لك ، فقد اعتدي لي تلك الاحاسيس الجميلة ..
    =)

    ردحذف
  2. اعدتي (بدلا من اعتدي)

    ردحذف
  3. حنان..صناعة المراسي فن..
    إن ذلك يشبه حبس الذكريات في قوارير ملونة ليفوح عبقها وقت الحاجة..

    ....كم أنا بحاجة إلى عطر قواريري القديمة يا صديقة....

    ردحذف
  4. اصنعيها اذا .. وشاركينا جمال رائحتها ..
    وانا مؤمنة .. ان جمالها تكمن فقط في روعة وصفك المبدع لها ..
    =)

    لا تحرمينا من دفء احاسيسها يا عزيزة :)

    ردحذف
  5. هل صنعت لكِ مرسى أم ليس بعد؟

    ردحذف
    الردود
    1. نعم..صنعت مراس جديدة ..كثيرة..كثيرة :-(

      حذف

رسالة من ماورد شديدة اللهجة..

 اسمعي يا عزيزتي الثرثارة جدا.. والصامتة جدا بما أنك في الفترة الأخيرة منطفئة، حزينة، لا أحد يسأل عنك أو يكتب لك رسائل، ولا أحد يأبه بك  سأك...