السبت، 22 مارس 2008

أنا يوماً بعد يوم 16

حينما قالت لي عمتي :عمك يريد منك أن تحادثيه غداً على جواله،لم أتحمل أن يأتي الغد، فاتصلت مباشرة على رقم جوالك -الذي احتفظ به لأرسل لك ماسجات تهنئة في الأعياد- لترد علي بصوتك المغرق في السكون، قلت لك: انتظرتُ أكثر من 10 سنوات لأتلقى دعوة مباغتة كهذه ، والآن أنا غير قادرة على انتظار يوم آخر..
تبادلنا السلام والسؤال، سألتني عن أعمار أبنائي، عملي، أوضاعي، ثم بدأتَ الحديث في الموضوع الذي كنت تريدني من أجله..
كنت ببساطة تحكي لي قصة حياتك ، انفصالك عن زوجتك، وأوضاع ابنتك،كنت تنسكب، وتنثال بهدوء، تتألم بوداعة، وتتأوه بصمت..
لست أدري لم كانت دمعة تترقرق في عيني وأنت تتحدث، وعندما كنت أرد عليك، كان صوتي يبدو مرتعشاً مرتبكاً..
لعلك نفذتَ إلى أعماقي تلك التي مارستَ عليها سطوة ما في فترة من فترات حياتي، ورغم بعدك وبعدي كل المدة الماضية، رغم أن لقاءتنا لا تتعدى خمسة دقائق على مدار العام إلا أن صوتك ذلك اليوم فتح باباً ونافذة ومنزلاً كاملاً كنتُ أشاركك فيه..
عندما عدتَ من سنوات دراستك في الخارج، كنتُ أنا ما زلت في الثانوية، عدتَ و أنت الشاب المتفتح الذي تحمل مزيجاً من ثقافات ورؤى مختلفة، وأنا الفتاة المتعطشة للحياة والمجهول والمستقبل .
تقابلنا ، ليس كفتاة وعمّها ..بل ربما أكثر من ذلك...
لطالما أسررت إلي بأحلامك، بنظرتك للمجتمع من حولك..بقصص عن مغامراتك وعلاقاتك ،أما أنا فأسرب إليك ثرثرة من عالم الفتيات تحمل إليك أسراري مع صديقاتي، حكاياتي السخيفة، وتجاربي الساذجة..
وفي فترة كنت أتوق فيها لمعرفة أي شيء عن الجنس الآخر، كنت أنت البوابة المفتوحة على مصراعيها لتجيب على أي سؤال، مزاجك المتطرف في كل شيء والذي ورثته عنك، ذوقك الأنيق.. والحميمية الخاصة التي ما كنت تجود بها إلا على الأثيرين لديك..تلك النظرة الغير آبهة والتي كنت تغلف بها كل شيء كطريقة لممارسة حياتك كما تشتهي..
كل ذلك رسم في أعماقي خطوطاً لرجل لن يأتي أبداً..
معك جربت أول سيجارة وبعد أن سعلتُ طويلاً قلت لي: ألم أقل لك.. طعمها مقرف!، معك جربت معنى أن تركب المرأة سيارة رجل بكل غرور وتتوجه معه للغداء أو العشاء ونظرات الفضوليين تلاحقهم، معك كانت صدمتي في أفلام نقلتني من دنيا الصغار وألعابهم إلى عالم الكبار البالغين..!
لماذا أتذكر كل ذلك الآن؟ وأنا التي قد كبرت كثيراً في غفلة منك ولم أعد تلك الفتاة الصغيرة المتطلعة..؟!
ربما لأنني يا عمي من أولئك اللذين تسكنهم أشيائهم ، ولا تغادرهم أبداً..
أخزّن كل ما مضى ، ثم يكفي صوتك ليدلق كل شيء دفعة واحدة من مكان مجهول في الذاكرة..
ذلك اليوم أصبت بارتباك منعني من النوم...
صوتك كان "أحزن" من أن أتحمله..
كان موجعاً للدرجة التي ارجعتني لتلك الأيام القديمة، مراهقة بتنورة سوداء قصيرة وبلوزة حمراء، ترنو إلى عمّها لترى الإعجاب في عينيه قبل أن تدخل لغرفة الضيوف متباهية..!
كصديق تقابله بعد زمن فتكتشف أنك ما زلت تأبه له كثيراً، ورغم أنه ضاع منك في خضم الحياة..والعمر..والمشاغل إلا أن مكانه في القلب ما زال نابضاً..
هذه مشاعري أنا، وحقا لست أعلم إن كنت تذكر شيئاً من كل ذاك أم أنها بالنسبة لك مجرد أيام مضت ولم تترك إلا آثاراًَ على الرمال محاها مرور السنوات..!
.
.
حين قابلتك البارحة في مناسبة عائلية ، نظرت إليك بطرف خفي..
فوجدت أنني امرأة نضجت كثيراً ، وأنك رجل متألق كما أنت..
كنا نجلس على أريكة واحدة أنت تتابع مباراة في التلفزيون وأنا أعبث بجوالي إلا أنني شعرت بذلك البعد القريب، أو القرب البعيد .
.
.
رغم كل شيء..أحبك عمي الصغير، وأشتاق لك!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رسالة من ماورد شديدة اللهجة..

 اسمعي يا عزيزتي الثرثارة جدا.. والصامتة جدا بما أنك في الفترة الأخيرة منطفئة، حزينة، لا أحد يسأل عنك أو يكتب لك رسائل، ولا أحد يأبه بك  سأك...