الأربعاء، 20 سبتمبر 2023

حفلة بكاء

 الأسبوعين الماضية كانتا من أسوء أيام حياتي، لا بل من أقساها..

كنت أذوب في السخونة حرفياً وأستفرغ كل مافي جوفي، ثم أنتفض من البرد نفاضة أشعر فيها أن عظامي تكسرت، ثم أنام وأقوم وملابسي تقطر عرقاً، يتكرر هذا السيناريو أربع أو خمس مرات في الليلة ..وطوال النهار السخونة والإرهاق الشديد والنوم المتواصل وعدم القدرة على المشي  …

الحكاية أنه كان إلتهابا وصل للكلى، وقد ذهبت إلى فقيه عيادات وكنت آخذ إنتبيوتك إبر لكن مافي نتيجة، فذهبت إلى طوارئ فقيه وبعد بقاء عدة أيام في الطوارئ كانت من الأصعب والأسوء في حياتي،   تحولت على غرفة وكان المضاد الحيوي رقم ٤، بقيت عدة أيام ثم خرجت من المستشفى وبدلا من تكرار سيناريو السخونة أربع أو خمس مرات في الليلة ، صار مرتين ثم مرة…واليوم يااااي نمت ليلة بلا سخونة..

حين أسرد الحكاية هكذا يبدو الأمر سخيفا، سخونة واستفراغ، طيب إيش؟  الأطفال يصابون بذلك، لكنني أعلم أنني كنت متعبة ليس جسديا فقط بل ربما نفسياً أيضاً.

كنت أبكي كثيراً، وكنت أشعر أنني سأموت خلال يوم أو يومين، ويفكر عقلي في كل الاحتمالات من حولي..طبعا كلما خطر فهد على بالي يزيد بكائي، وأقول ألا يكفي أنه فقد أخوه قبل سنتين ولا زال جرح ذلك الفقد في قلبه نازفاً، فأقول صدقني..لن أفعل ذلك  بك مجددا، صدقني سأقاوم للنهاية من أجلك..

أفكر في أبنائي، وأحمد الله أنهم لا يقرأون هذا الكلام ولا علم لهم بماورد أصلا، سديل وسارية سيتجاوزون الموضوع، خاصة سديل وهي ستبدأ حياتها المفتوحة على كل الاحتمالات والتي تعيشها بطريقة لا تعجبني لكنني دائما أقول أنني لن أتدخل، سارية سيصاب بالوجوم وأعرف أنه سيلومني كثيرا، لكنه سيتجاوزني..

من سيكون له الموضوع غير عادي؟ أجل أسيل والتي لم تتغير رغم سفرها البعيد والطويل، لكنها لازالت تملك ذلك القلب المختلف الذي يقول بدون أن يقول ويوصّل كل ما يقول..

في يوم خروجي من المستشفى كانت خطوبة سارة، وهذا أمر آخر يدعو للبكاء، عادة لا أبكي في المناسبات السعيدة مهما كنت فرحة ومتأثرة لكن تعاضدت فكرة الموت وشجونه مع تاريخ سارة في حياتي فبكيت، ثم حضور ديانا دونا من كل الأهل والأصدقاء أبكاني شوية أكثر، متى كانت هناك أيام لا يوجد فيها ديانا؟ هل أذكر فعلاً؟ أليست ديانا أخت سارة أكثر مني؟ وهذا ما تعترف به سارة لكنه لا يزعجني أبداً، بل يدعوني لاحتضان ديانا وتقبيل رأسها..

كلمت عبدالمجيد وقلت له عن خطوبة سارة وطلبت أن يغني لها شيئا، أرسل لي أنه مريض جدا ومتعب وطبعا كان باين من صوته، فأرسل لها ماسجا يهنئها بصوته ويعدها بتذكرة في أول حفلة مقبلة له وينتظر أن تصبح دكتورة سارة..

أرسلت له يومها صورة تضم سارة وخطيبها وأنا، كان رده بعدها أن بارك لسارة ورغم أن يعرف شكلي من قبل قال: إيش الحلاوة دي يا بنت؟!! إنت فين كنت من زمان؟

ليست المرة الأولى التي يقول لي فيها عبدالمجيد ذلك، لكنها الآن وفي فوضى البكاء التي أعيشها طبعا زاد بكائي..

ما زاد بكائي، المكالمات التي لم أتوقعها مما أكدت لدي إحساس الموت، وأنا لم أكن أبكي لذلك الإحساس بل لأن المكالمات الفجائية مربكة وتستدعي ذكرياتك التي كانت قريبة لكنها لم تعد كذلك....

غدا  سيأتوني جوجو وريم..ماسج جوجو الطويل أجهز علي وفجر قلبي ودموعي وكل ذكرياتي..

فبكيت..


المهم..

الخبر..

.

،

أنا لم أمت


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

رسالة من ماورد شديدة اللهجة..

 اسمعي يا عزيزتي الثرثارة جدا.. والصامتة جدا بما أنك في الفترة الأخيرة منطفئة، حزينة، لا أحد يسأل عنك أو يكتب لك رسائل، ولا أحد يأبه بك  سأك...