الثلاثاء، 15 يونيو 2010

ما بيني و..بيني (19)







يا الله...

ما أقرب اليوم بالبارحة ..أو ما أبعده..

لم يعد للمسافات أي معنى..ولا للزمن..ولا للأماكن..

وإلا ..فما معنى أن تتحولين إلى آنسة صغيرة هنا، حيث ليس إلا أنا وأنت وإخوتك الصغار..!

ما معنى أن يتم ذلك في نفس اليوم الذي يجتمع فيه جدك وجدتك..والدك وخالتك وخالك للإحتفال بتخرج سارة..!

ما أقسى الغربة...ما أقساها..!!!

فرقت بيني وبين حضور زفاف الجاردينيا..بيني وبين حضور زفاف عمتك..بيني وبين تخرج خالتك..بيني وبين أن يكون معي أحد يشهد توقيع الأنوثة بخط أحمر على حياتك..

أسمع صوتاً يقول: أوليس هذا اختيارك يا مارود..!

فما بالك الآن تصنعين قضية من اللاشيء..!!!

أجل ..أجل

حياتنا صنع أفكارنا..نجاحاتنا صنع اختياراتنا..وخيباتنا صنع حماقاتنا..!


غصة في حلقي ودموع تتجمع في عيني ، بينما كان الطبيعي أن تبكي أنت..

المفارقة المضحكة أنك كنت مستعدة لأقصى حد..بينما لم أكن أنا..!

إذن أين كان كل كلامي لك حول هذا الأمر..أين كل ثقتي..ويقيني بأنني الأقوى دائماً..

بكل بساطة وابتسامة تعلو وجهك قلت لي: معك حق..كان الموضوع أبسط مما توقعته..لم أتألم..ولم أسبح في بحر من الدماء..اممم...أظن أنني فرحانة..

بنفسك اتصلت على جدك وجدتك..خالاتك ووالدك وسط ذهولي..وأخبرتيهم بالأمر وثمة احمرار خفيف يعلو وجنتيك.!

بعد أن علمت أختي التي في كندا كتبت لي على البلاك بيري: هل أغمي عليها؟ أخبريني ..ماذا حدث لها وهي التي كانت تفكر في هذا اليوم كأنه نهاية العالم..

أجبتها: أبداً إنها أكثر ثقة مني ومنك...لقد صارت طولي يا عزيزتي..وتتحدث في أمور الفتيات كثيراً..

أكثر ما أضحكني أنك تحدثت معي عن حقوق الفتيات في بريطانيا والتي من ضمنها أنه يمكن للفتاة الزواج حالما تصبح في الثامنة عشر..



ضحكت وقلت لك: بلدنا تمنحك هذا الحق منذ الآن يا عزيزتي..بإمكانك الزواج غدا لو أردت..!

صمتّ ذاهلة ..أنت حتما لم تسمعي عن حكايات زواج القاصرات في بلدنا..!

حسناً..ما علينا..



لن ينتهي هذا اليوم..الساعة التاسعة مساء وما زال المساء بعيداً عنا، بقي له ساعة كاملة حتى يبدأ بحط رحاله ولملمة أضوائه..!

جلست بجواري، تأملتك ،احتضنتني وتصورنا معاً صورة "للبالغات" كما أسميتها..

سألتني إن كنت سأحضر لك هدية فقلت لك ليس أكثر من غرض نسائي تحتاجينه ملفوف بشريطة وردية:)

أخبرتك عن أكبر تحول في حياتك الآن وهو أنك أصبحت مكلفة ومسئولة عن كل عمل تقومين به ..

ذكرتك بصلاتك، بوجوب حفاظك عليها تحت مراقبة ذاتية منك..


لملمت ذاتي الوحيدة..وصعدت إلى غرفتي..وحيدة

سمعت قليلاً من الموسيقى، شعرت برغبة في الرقص وسط دموعي..وحيدة

ألم أكبر بما يكفي؟ لدي فتاة عاقلة بالغة في المنزل وما زالت الموسيقى والحزن والفرح يهزون في أعماقي وعلى إيقاع جسدي أوتاراً وأوتاراً؟


ترى من منا عليها أن تتغير الآن؟

أنا أم أنت؟

أهو تغير في حياتي أنا أم حياتك أنت؟

أم أنها حياة الأم تصيبها الموجة أولاً ثم تتطاول الموجة لتبلل شاطئ فتاتها بعد ذلك ؟


.


.


بقي في شاطئي قليل من رمال جافة..وكم تناثرت خطواتك الصغيرة كأثر لا يمحى على كل ركن تبلل منها..

أما رمالك أنت..

فما زالت ممتدة أمامك ملئ البصر والقلب..

جافة ..ذهبية..ناصعة..!

هناك 4 تعليقات:

  1. رقية الحربي19 يونيو 2010 في 6:23 ص

    كَبُرَت طفلتنا إذن ؟!
    من الجيّد أنّكِ كنتِ معها على الطريقِ الخجول حتى جرى ماءُه :)
    ،،
    أذكر أنّ والدتي الطيّبة جداً نادتني مرّة وأنا في الـ12 من عمري وقالت لي بصوتٍ شفيف: رقيّة، اذهبي إلى دورة المياه، ملابسكِ من الخلف متسخة قليلاً .. وصمتَتْ!
    هناك -في دورة المياه- اكتشفتُ المسألة ولم تكن شيئاً غريباً لأنّ والدي أخبرني عنها قبلاً ولأنّني قرأت –بتلصصٍ- كتاباً عن أمور النساء -وزيادةً أساءت لذائقتي- إلّا أنّ وجهَ الحياءِ رغم ذلك ملأني حينها حتى شعرت تماماً أنّ حكايةَ النظرِ إلى وجهِ أمّي ستصبح صعبةً منذ تلك اللحظة!
    ،،
    بعدها بخمسِ دقائق نادتني أمّي وأخبرتني أنّني يجب ألّا أصلّي ابتداءً من الآن وحتى انقطاع ذلك الشيء القاني، أخبرتني عن مسلتزمات النظافة وأشياء مثل هذه.. ثمّ سمعتُها على قهوةِ المساء تُخبرُ والدي أنّ ابنته أصبحَ القلمُ يكتبُ عليها منذ ساعة! ..
    وانتهت المسألة بابتسامة مُفَكّرةٍ من أبي، وأحلامِ يقظةٍ ليليةٍ مضحكةٍ؛ أنا بطلتها على الدوام!..
    ،،
    أروى (أحبّك وربي لو تعلمين) ..
    اشتقت واسعاً .. قلبَكِ الطيّب، يااااااه !
    وقبلةٌ عميقة :)

    ردحذف
  2. لا أدري لمً شعرتُ ببكاااااءْ ؟
    أريدُ أمي أريدُ دفئاً و لا شيءَ إلاهْ ؟

    قرّت عينُك و عينِي و عينُ عروسك
    =!
    ورد

    ردحذف
  3. رقية...
    يووووه..
    كم من الحكايات الحمراء تملكنها الفتيات؟!
    :)
    إنه موضوع شهي للثرثرة ولإطلاق أسراب طيور من الأسرار..:)
    وأنا أبادلك حباً أعمق لو تعلمين..

    كوني بجواري دوماً..:)

    ردحذف
  4. ومنحك الله دفئاً لا برد بعده يا ورد..

    شكراً لكل هذا العبق..:)

    ردحذف

أنت وصديقك

 ليس للحياة معنى..إنها ماضية  فقط...ماضية وغير آبهة بأي أحد.. تمر فوقي وتتعداني دون أن أشعر بها..صامتة دون صوت..رمادية دون لون.. متى ستنتهي ...