
تتغير عناويني، وما زلت أنت أنت..
لا تتغير..
بشرفتك التي على البحر والتي منها رميت كثيراً من الرسائل والقوارير..
بوسائدك الملقاة في كل مكان، بأكوابك التي أحضرتها رفاه ذات يوم، بشموعك التي أوقدوها الأصدقاء، بنافذتك التي تطل على بيوت الجيران الحميمة في هذا الفضاء..
أنا كذلك يا بيت ماورد لم أتغير، ولكني أحمل في جعبتي الكثير من التفاصيل والتعابير والكلمات والهمسات..
.
.
حقاً لست أعلم من أين أبدأ.ولكني سأوجز ما تم في العشرة أيام الأخيرة..
- في ليلة السفر كان بيتي يعج بعائلتي الحبيبة: أمي وأبي وأخواتي واخي..
ساعدوني في التجهز وإعداد الفتيات للسفر، بدأت ابنتي الكبرى بالبكاء..لتلحق بها أختي وأمي..
ودعنا الجميع في جو مشحون ورحلنا للمطار برفقة أخي وأختي الصغيرتين، ما زالت ابنتي الكبرى دامعة العينين..
تأخرت الرحلة ساعتين قضيناها في استراحة الدرجة الأولى حتى صعدنا للطائرة..
كانت الرحلة سهلة، وصلنا للمطار، بسرعة استلمنا حقائبنا، بسرعة ركبنا مع ساجد سائق الباص الصغير.. ورحلنا من مطار مانشستر إلى ليدز..
- الطريق كان عبارة عن صدمة من الإخضرار الذي لا يعكر صفوه لون آخر ..
الجو بارد وجميل..
وصلنا إلى بيتنا..
.
.
كنت أترقب هذه اللحظة، وأنا التي كنت أتفرج كثيراً عليه في جوجل إيرث..
إنه هو..!
هو..!
بممره الحجري، حديقته الأمامية الصغيرة..بابه الزجاجي ولونه الأبيض..
الشارع يبدو جميلاً جداً ، الحي أنيق..وبيوت الجيران مزينة بكثير من الورود..
دخلت للبيت ، فأصبت بصدمة البيوت الإنجليزية الصغيرة..!
لوهلة بدا بيتي في جدة- والذي كنت أشتكي من صغره- متسع جداااااااا مقارنة بهذا البيت..!
الحمام صغير..المطبخ صغير..الثلاجة..الغسالة..الدرَج..
كأنه بيت الأقزام السبعة..! وثمة أميرة تختبئ وراء الممر الحجري..
أفقت سريعا من صدمة صغر البيت على اتساع الشبابيك وروعة المنظر من كل غرفة..!
بدأ يحوطني بحميميته كما وعدني حين كنت أتفرج عليه في الجوجل..
ياااااااه..
ما أقرب الشبه بين بيت ما ورد وبيتي البريطاني الجديد..
أحتاج فقط لبعض سلال الورد كي أوزعها على الشرفات المتسعة.. ثم أتأملها وأكتب ..مع كوب قهوة ساخن..!
- ذهبت للجامعة..لم أدخل في المود بعد..
حتى هنا أعيش في قلق..أنتظر أن تتم أموري عبر البحار وكلما أردت أن أشعر بالإستقرار..أتذكر ورقي التائه في مكان ما، ولست أعلم كم بإمكاني أن أتأخر عن الكورس حتى أنهي جميع أوراقي المطلوبة كمواطنة سعووووودية..!
- هل جاء العيد؟
هل كان هناك عيد أصلا؟
صوت أمي المخنوق بالبكاء ليلة العيد وهي تحادثني..هدايا العيد التي رافقتني من جدة ..أغنية "يا حلاوة العيد يا حلاوة"..
كل ذلك صنع شرخ الغربة الأولى في قلبي، وتساءلت : لماذا فعلت ذلك؟ لماذا لم أنتظر حتى أتأكد من زيارة العيد السنوية؟
لماذا حرمت أمي وأخوتي..زوجي وأطفالي من بهجة قررت أنا أن أخاصمها؟
هل حقاً أمتلك رداً؟
لست أدري..!!
فاصلة،،
وهل بعد كل ما كتب هناك فاصلة؟
لقد كانت محاولة لوضع نقطة آخر السطر..!