الأحد، 15 فبراير 2009

مياااو الخير (19)



  • لو كانت القيادة مسموحة للنساء في بلدي لركبت سيارتي الأنيقة وحدي، مررت على مقهى طلبت قهوتي المفضلة، ثم قدت تحت تأثير الموسيقى الناعمة أو صوت فيروز بمحاذاة البحر أتفرج على الأطفال والباعة المتجولين ، أتأمل الموج الغارق في صمته الأحمر منذ أزل بعيد، والسماء التي ما ملت تظهر كل يوم بكامل أناقتها الماسية..

ربما حادثت صديقة كي تقابلني في ذات البقعة ، دخنت معها سيجارة حتى الرمق الأخير من البوح ، وقبل أن نعود ابتعنا ساندوتشات طعمية لذيذة..

وربما بقيت وحدي أنا وقطعة من ليل مدينتي المريب المحتقن بأسرار مشتهاة وتنهدات حارة..

أهذا كثير؟

أم لأنه ممنوع مرغوب؟

ولم تنحصر رغباتي في هذه البقعة من البساطة والسذاجة؟

أم أنه من باب التغيير أخفض سقف أحلامي لتكون بمستوى تسكع ليليّ بريء؟

لعلي فقط أريد أن أمارس علاقة سرية وحميمة مع مدينتي التي لا تعرفني جيداً..

مدينتي التي ليس لها أرصفة أمشي بطولها وأنثر ذاتي ما بين شجرة وأخرى..

مدينتي التي لا تستقبلني إلا إن كنت أنيقة بكامل زينتي وعباءتي في مطعم مغلق لا يتصل مع السماء ولا يعترف بالنجوم وسهرات القمر..

مدينتي التي لا تمنحني بحرها وتحرم علي أن أمنح شواطئها جسدي في خلوة ، ولا ترضى بي إلا عابرة في مشوار لا يكاد يبدأ حتى ينتهي..

مدينتي التي لا تعرف كيف تذيقني صباحها إلا خلسة من خلال شباك مفتوح بحذر.. تسرب إلي في بخل صوت طائر وبعضاً من أشعة شمس..

مدينتي التي لا تعترف بأحزان أو بأفراح ، ولا تمارس شجونها أو نزقها إلا كإمرأة عربية من تحت ستار..!!

..

..

كان عتاب المحبين فقط يا جدة..فافتحي لي ثقباً ، سربيني إلى حيث وجهك البكر ..




  • على طرف الحياة أقف..قريباً من مرمى الحزن..

أجل ابتعدت عن خيبتي الحزينة إلى المسافة التي تمكنني من النظر جيداً إليها..

ما زالت تلك الخيبة أمامي بحجمها الذي بدا مخيفاً، بنافذتها التي تنفث الريح المزعجة..بشظاياها التي تتكسر أمام وجهي من آن لآخر..

حين أنظر إلى حياتي من هذا المكان أجد خارطتي قد تغيرت..

خارطتي التي تحوي علاقاتي..صديقاتي..أحلامي..

وحين تشعر أن عاصفة ما قد هبت وغيرت ملامح مدنك الداخلية وحدود جغرافيتك ، لابد أن تشعر بالفوضى بعد انتهاء العواصف..وبأنك تائه داخلك.. غارق في شبر أحلامك المبعثرة..

ألا يبدو ذلك غريباً علي، وأنا التي كنت أعرف كيف أرتب دواخلي جيداً وأكنس كل فوضاي مهما تعاظمت بعثرتي؟؟!

ما زلت في مرحلة الترتيب..ما زالت لدي أشياء لا أعرف أين أضعها..رفوف مكسورة..وأخرى مفقودة..وثالثة مدببة مزعجة..!وأحلام لم تنضج غدت مشردة يتيمة بلا أبوين في عمر مبكر..!




  • امتلأ البيت اليوم بالصغار من كل المقاسات..

رغم الإزعاج ولكن كثيراً من الحياة دبت في بيتنا ..وكثيراً من الشجن الغير مبرر احتقن في دمي..

تأملت الفتيات ..يا للوقت الممتع..!

بالونات مملوءة بالماء يرشقون بعضهم بها في مرح..

صوتهن يعلو في كورس غنائي ضاحك..

ولوثة رقص مجنونة يصاحبها ضحك نقي يداعب أطراف الغيم وحدود السماء..

أتواطئ دائماً مع أصغر الفتيات في المجموعة..

ياسمين الحلوة ذات الست سنوات..لطالما أخبرتها أنها صديقتي السرية فتضحك في عبث طفولي لذيذ..

ما زالت الفتيات هنا..

أنا أكتب..وهن ينثرن كثيراً من ورد وياسمين وحب في أجواء البيت..


هناك 4 تعليقات:

  1. * لو كنت القيادة مسموحة للنساء في بلدي..كُنت سأركب سيارة أمي الأنيقة ..وسأصل إلى منزلك دومًا في الوقت المُناسب !
    وسآخذ أحد البنات بعد الاجتماع لأوصلها لمنزلها ..حتى أتشارك معها نشوة الحُلم الذي نرسمه معًا !
    ;)

    ** امممم أم عنّي

    لست حزينة ...وليس بي صخب فرح ...أشعر بأن أحدهم سرق (ألوان) مشاعري ...ترك العُلبة كما هي ...حتى أطمئن ولا أبحث عنها !

    وحتى أكتشف حين يصدمني الحُزن ...أن ما بداخل العُلبة ليس سوى (أقلام لكل منها ممحاة وبلا رأس)

    وأنه حتى لم يُشفق عليّ بقلم رصاص يكتبني حين الحُزن فأبكي !

    ليس بي قلق أهدافي ...ولا يدور بداخلي فراشات حماس ...كل ما بداخلي هامد !

    إني بصدد مرحلة غريبة ...إنها مرحلة اتخاذ قرارات !

    أتكون القرارات هي من سرقتني الإحساس بما حولي ؟

    أهي التي نزعت من أيدي أطفال قلبي عُلبة الصابون والثقب الذي ينفخون فيه احتفالاً بأحلامي ؟

    أهي التي حرضت بالونات الهيليوم في قلبي على الاختباء إمّا داخل فتحات الجبس أو على الأرض ؟!

    ربما تُحاول بذلك أن تجعلني موضوعية ! وحتى لا يستثيرني شيء !

    ليست المرة الأولى التي أتخذ فيها قرارًا ...وليس ما أفكر فيه ( مصيريًا ) !

    ربما تُسمى " قرارات منهجية " إن أردت أن أكون لطيفة معاها بالتسمية !

    لأنها تطرق رأسي بعنف وتجبرني على أن أضع خُطة أو منهج لحياتي في أسبوعين !

    هذا النوع من القرارات التي يُشعرك بأنك على مُفترق طُرق وأنه عليك أن تمسك بإحدى يداك الكرة الأرضية حتى تتوقف عن الدوران ...حتى لا يمر الزمن وتخسر أكثر أو تُخطئ أكثر !

    إنها قرارات من نوع الذي يُشعرك إمّا أن تكون أو لا تكون !

    إمّا أن أكون بارة أو لا أكون !

    إمّا أن أكون أخت مثالية أو لا أكون !

    إمّا أن أكون كاتبة أو لا أكون !
    والأهم من ذلك إمّا أن أكون رفاه أو لا أكون !

    قرأتُ نيك نيم وضعته صديقتي ( إن السيطرة على الحياة هو فرع من السيطرة على النفس )

    شعرت أن القرارات التي تدور في رأسي كنحل مزعج تبتسم ابتسامة المُنتصر

    وتمد لسانها ضاحكة " أرأيت ؟ إلى أي حد أنا مُهمة ! "

    وتستمر بممارسة دورها ...وهكذا

    أتأمل ما بداخلي ...فجأة أشعر بأن قلبي كشابورة دخلت في فنجان الحياة فذابت وتفرقت !

    وفجأة أشعر بأن قلبي ما زال نابضًا وأن كل ما يُعانيه هو مُجرد فوضى !

    وفجأة أشعر بأن قلبي تحول من مدينة حيّة إلى مخزن مُقسم لرفوف كثيرة وأنه يجب علي أن أرتب كل ما يدخل ضمن قائمة " اهتماماتي " في هذه الرفوف
    وأن هذه هي الطريقة المُثلى للحياة !

    وفجأة أشعر بأني شوارع قلبي هامدة وكل شيء في مدينتي ساكن وكل ما أحتاجه هو " أنوار" تفيض من كتاب الله ! وكل شيء سيعود أفضل مما كان !

    وفجأة أشعر بأن قلبي أقام كرنفال وظن أن جميع الأحباب سيحضرون للمشاركة ...فاكتشف أنه كان عليه "دعوتهم" !

    وفجأة أشعر بأن بائع حلوى القطن الوردية الذي يسكن قلبي ...ذلك الطيب الذي يوزعها على كل من يمرّ بقلبي ..
    أشعر بأنه في خطر ...وأن عليّ حمايته من مراوغة المُحتالين !

    أتقلب بين اكتشافات لا أحس معها بشيء ....فقط أرصدها وأقلبها ..وأفكّر في ماذا (سيكون) قلبي !

    لا أريد أن يتحول قلبي إلى " مدينة " أفلاطون الفاضلة ...لكن لا أريد أيضًا أن يُدمرّ أي غاضب "مراجيحي"

    لا أريد أن أستيقظ على فقد ...ولا أريد أن أبلع حجارة تُسمى " دموع الندم " وأحيانًا " الشوق" !

    لا أريد أن أخبأ سنوات العُمر التي أريد أن أقطعها هرولةً لحُلم في صندوق كبير أخاله " صندوق العجائب " أو صندوق له سحرٌ كالذي يُستخدم في عُروض ديزني ...فقط من أجل أن أفاجأ به قلبًا طيبًا !

    وأكتشف بعد الحنين بعمر أنه " رحل" !

    الكثير مما يدور في قلبي بهدوء ...وكأنها مظاهرة سلمية صامته ...أشخاص يختبئون في أقمشة بيضاء حاملين لافتات مكتوب عليها ( قررّي )
    قررّي

    قررّي

    قررّي

    قرارات منهجية !

    أتأملهم ..ودون قلق يُحرضني للإسراع أو حتى للرد ...أردد بداخلي " اللهم ألهمني الرشد والصواب ...اللهم هيئ لرفاه أمرًا رشدا ...اللهم ارزقني قوة البصيرة...اللهم أسكن ما بداخلي !

    ردحذف
  2. هل أخبرتك يا سحابة أنك ستظلين ترزحين تحت مظاهرات اتخاذالقرار طوال عمرك؟

    بمجرد أن تقرري قراراً وتنتهين منه وتظنين أن الحياة ستمضي في دعة ويسر..يعود أولئك الأشخاص ذوي الرايات البيضاء يطالبونك بالمزيد..

    أجل يا حلوة..الحياة قرار..
    كما قلت..إما أن نكون أولا نكون..
    لا مفر..فعدم اتخاذ قرار هو أيضاً قرار..

    نجاحاتنا وخيباتنا..هزائمنا وإنجازاتنا هي مجموعة قرارات صغيرة متجاورة كونت لوحة ملونة هي حياتنا..

    أدعو الله لك أن يلهمك الصواب والخير..وأن يجعل لك و"لي" من دعائك نصيب..
    .
    .
    .

    أحب وجودك بجواري..نذوب قلوبنا كشابورة في كوب شاي..:)
    ونمارس التسكع - رغم أنف الدولة-أينما شئنا وليس فقط على أرصفة مدينتنا..:)

    لتكن إحدى قراراتك أن تمطري هنا دائماً:)

    ردحذف
  3. تباً لكِ، تباً لكِ.

    ردحذف
    الردود
    1. من أنت أيها الغير معرف؟ بربك من أنت؟ هل أنت أنت؟

      حذف

رسالة من ماورد شديدة اللهجة..

 اسمعي يا عزيزتي الثرثارة جدا.. والصامتة جدا بما أنك في الفترة الأخيرة منطفئة، حزينة، لا أحد يسأل عنك أو يكتب لك رسائل، ولا أحد يأبه بك  سأك...