الأربعاء، 12 يونيو 2024

في المكان المناسب

 بالأمس قابلت شخصا لطيفا صنع لي يومي، لا أدري ان كان منضبطا أو مثاليا فالوضع كان يحتم ذلك على اية حال ..

كانت جلسة عشاء على طاولة طويلة تضم كل أفراد العائلة، وكنت أكره هذا النوع من العشوات حيث الجلوس يكون لحد ما عشوائي..وأنت وحظك مين جنبك ومين أمامك.

ثم تذكرت أنه لا شيء عشوائي مع أمي..فهي تحب أن ترتب كل شيء حتى أماكن جلوس الضيوف ، وكما توقعت ..أبي على رأس الطاولة ثم أمي من جهة اليمين ثم أنا ثم عمتي ثم أختي ثم الباقي الأصغر سنا والأكثر إزعاجاً وصخباً

وعلى الجهة الأخرى عمي أمام أمي -ثم المرأة الإيطالية التي لم أكلف نفسي بحفظ اسمها، ثم زوجها التونسي الفرنسي ثم البقية..

كنا اثنتا عشر شخصا حول الطاولة..

لم تكن المرة الأولى التي أقابل فيها المهندس حاتم صديق عمي  والذي للتو أنهى أعمال تشطيبات الديكور الداخلي في بيت أبي الجديد..

كان فناناً "بطراناً" وقد ذهبت مع أمي لعدة مرات لموقع البيت وفي كل مرة أقول..افففف حاتم ..من أين أتيت بهذا المخ العنيف في جماله؟

حاتم يتحدث العربية بلهجة جميلة والانجليزية والايطالية والفرنسية والالمانية، له توجه ونظرة خاصة في الحياة.

اكتشفت أمس أنه ليس فنانا فقط بل فيلسوفاً متطرفاً محلقاً في سماوات لا نراها..

كنا نتحدث بحماس بالإنجليزية ثم نتحمس ونقلب شوية عربي، لم يشاركنا أحد لأنه لا أحد يتحدث عن هذه المواضيع في جلسة عشاء تضم هذا العدد وهذا التنوع من الناس والاهتمامات، تحدثت معه حول قضايا لم أتحدث فيها مع أحد منذ زمن..عن الفن وطاقته الروحية ، عن اللغة وقوتها في تشكيل الأجواء بذبذبات أصواتها مما يؤثر على إحساسك بالمكان..

كنا نتحدث عن اللغة العربية وجمالها وعلاقتها باللغات السامية الأخرى العبرية والأرامية ..كنا نتحدث عن طاقة الألوان وكيف تكون المساحات شبيهة بصاحبها..

كانت الجلسة سريالية، أنا وحاتم نتحدث في قضايا في منتهى الفلسفة والفن وكأننا وحدنا والطاولة  بكل صخبها مجرد خلفية باهتة تعج بمنتهى العبث والضحك والأمور التي تشغلهم..

تحدثنا وتحدثنا وكأن الوقت سرمدي..

انتهى العشاء حين ضرب أبي بسكينه على كأسه الزجاجي كي يخبرنا بسبب العزومة: شكر حاتم على مجهوداته ولمساته الفوق عادية في البيت الجديد..

رد حاتم أنه سعيد بالتعرف على العائلة ، قلت له ونحن نهم بالخروج : بيتي هو مشروعك القادم.

قال مبتسما: هيا لننشر كثيرا من المتعة والكتب والشعر والألوان في بيتك ..أنا سأقود إلهامك فقط وأنفذه عمليا حتى يصبح بيتك ..يشبهك، كما فعلت مع أمك..


عدت وروحي ممتلئة ❣ شعرت أنني كنت في بقعة معزولة عن الناس والوقت وتدفق الحياة


تعليق أختي: غيرت مكانك قبل ما تجي وحطيتك بين ماما وعمة عشان لا ترفع عمتي ضغط أمي فصرت قدام حاتم …تخيلي مسكين لو كان قدام عمتي؟ من حسن الضيافة إنك تجلّس كل واحد في مكانه المناسب..

وأنا كان مكاني مناسبا تماماً..

الاثنين، 3 يونيو 2024

حين لا تغدو مؤمنا

لا شيء يبدو حقيقيا..
منذ تلك الأيام القديمة جدا..
كل ما مر وظننته وقع أو شعرت به أو مر بي..الآن لا يبدو حقيقيا..
حتى أكثر من وثقت بهم..حتى أوقاتي وما ظننت أنني عشته حقا وظننته الأصدق والأكثر حقيقية..يبدون الآن ككذبة مرت بي ولم اكتشف زيفها إلا الآن..
تقول لي: بمكنك أن تختاري أن تبقي أو ترحلي..لا يهم..
تقول أنك لن تشاركني القرار وستنظر إلي حتى اختار وستدعمني فيما اختار..لا يهم ما سيكون قراري ..لن يهتم أحد..
ألهذا الحد غدوت لست حقيقيا؟! ألهذا الحد غدا كل ما قضيته معك سائلا ولا يمكن جمعه ..
أشعر وكأنني أسبح في بحر من الذكريات والمشاعر ..تعبت..لا أرض صلبة أستند عليها..أو أركض أو أمشي..
أنا أغرق فقط..
حتى أنك لا تريد أن تبذل أي شيء، أو تثبت لي أنك حقيقي أنني حقيقية..
لا أقسى من أن يداهمك شعور غامر بأن كل شيء زائف وبأن كل ما فات وكنت تؤمن به وهم حقير..
لم يسبق لي وأن جُرحت وتمزقت روحي إلى أشلاء مثل الآن

وأنت؟ لا أستطيع حتى أن أفكر فيك أو أن أجعل قلبي يلتفت لك..
إن كان من كنت أظنه الصخرة الثابتة في حياتي والركن الذي لا يهتز أصابه زلزال فتدمر وقضى على كل شيء..
أين أبحث عنك بين كل الأنقاض؟ 
لقد فقدت إيماني..
بك وبه وبأولادي وبكل أحد...

بل فقدت إيماني.. بي..

رسالة من ماورد شديدة اللهجة..

 اسمعي يا عزيزتي الثرثارة جدا.. والصامتة جدا بما أنك في الفترة الأخيرة منطفئة، حزينة، لا أحد يسأل عنك أو يكتب لك رسائل، ولا أحد يأبه بك  سأك...