
قبل قليل كنت مع سحابة على الBB وكانت تسألني لماذا طولت الغيبة على بيتنا؟...
حسناً يا سحابة، أنا هنا الآن، مع كوب شوكولا ساخنة أمام المدفئة ، تتمايل الأشجار أمامي من الشباك في الشارع المظلم..أجلس على الأريكة الجلدية ، أتدفأ بوحدتي الباردة وأقتات على ماسجات صديقاتي..
عذرا يا بيت ماورد إن كنت أتأخر عليك..لدي أسبابي الوجيهة لذلك:
يوم ممطر، وصباح بااااارد..استيقاظ مبكر، ومشي ومشي ومشي..انتظار ممل للباصات..ذهاب للجامعة..ثم عودة بعد يوم طويل..كتابة وقراءة ومهمات وواجبات..متابعة لأمور أطفالي..درس السواقة..وأخيرا انسحاق على السرير في انتظار بزوغ شمس اليوم التالي...!!
هل غفرت لي يا سحابة ، هل سامحتني يا بيت ماورد؟
حسنا..شيء آخر، كنت أخبئه سرا عنك يا بيتي..
لدي مدرس لطيف جدا اسمه "دان" منذ أول يوم وزع علينا دفاتر زرقاء..قال لنا" هذا دفتر يوميات..أريدكم أن تكتبوا فيه يومياً أي شيء..وسأقرأه مرة أسبوعياً.."
لم تعجبني الفكرة..كتبت له في أول صفحة..أنك تحاول أن تسرقني علانية من بيت يومياتي "ماورد" الذي اكتب فيه بالعربية..
لم يعلق..رسم فقط وجهاً مبتسماً..
لا أكتب يومياً في الدفتر الأزرق..لكني أكتب الحد الذي يجعلني أقدمه لدان مرة كل أسبوع وبه بعض الوريقات المشخبطة..
في مرة من المرات..كتبت عن إحساس الغربة..كتبت عن الأسئلة الكثيرة التي لازالت تحاصرني..كتبت عن حياتي السابقة ومالذي خلفته ورائي حين قررت الرحيل إلى بريطانيا..كتبت عن الشوق المباغت..وافتقاد الصديقات ..أمسياتي أنا وزوجي وقهوة لوز أمي..
أعتقد أن كلماتي كانت دامعة جداً لأن دان علق: "هاقد بدأت تشعرين..تفكرين بعمق لكن بالإنجليزية!!!"..وأمام تلك العبارة رسم وجهاً مبتسماً آخر...
..
..
لا يا ماورد..لا تصدقيه..!
لم أقتنع..
لم يقرأني دان حين أتشظى كتابة بالعربية ..لا يعرف كيف بوسعي أن أحول فاصلة إلى دمعة..وضمير مستتر إلى خفقة ..وحرف عطف إلى رعشة..!
لا يعرف كيف بوسع أبجديتي أن تقرأني..تكتبني..حتى قبل أن أتهجاها..
لا يدرك أنني مجموع حروف أقلها 27 حرفاً عربياً وأكثرها ما اختبأ بين هذه الحروف وتوارى وتعلق بمنعطفات الروح..
لا يا ماورد..
لم يقرأ دان العربية في حياته أبداً..!
فاصلة،،،
مهرجان من الفرح سيحل في بيتي الإنجليزي ذو الأقزام السبعة بعد بضعة أيام..
زوجي، أمي أبي..وأخواتي..شموع ستضيء في الأيام المقبلة أمسياتنا المبكرة..