الأربعاء، 19 أغسطس 2009

رسالة في قارورة (19)



  • كنت أحاول ألا أكتب..

وأنا التي أعلم جيداً أن الكتابة لا تمر علينا مرور الكرام إنما هي ختم أو توقيع يؤكد ألماً أو يسطرفرحاً أو يرسم شجناً..أو يعتق عشقاً ما..على أرواحنا..!

منذ فترة وأنا أتألم..وبحسب نظريتي القديمة أن" الحزن يأتي قبيلة" فأنا الآن أرض خصبة لبذور هذا الحزن كي يعيث في تربة قلبي دموعاً..!

أعيش حياة متوقفة ..لا تمشي ،لا تمر ، بل تتركني ملقاة وحدي على ركن رصيف لست أعلم إلى أين ستأخذني نهاياته..

نادى ذلك الألم أطياف جروح قديمة ، فشعرت بها تتفتح في داخلي كمسام خفية، فيتسرب منها طعم مر جداً..

تباً...

ظننتها شفيت..!

فلماذا تتضخم من جديد ، وتنز في داخل روحي صديداً لا شفاء منه..

يا لجروح الأرواح.. لم أكن أعلم أنها بهذا العمق وبتلك المرارة..!


هذا صيفي الثاني الذي أقبع فيه تحت سطوة الألم والحزن والترقب..!



  • سأعترف بشيء..

سفري الذي لا يريد أن يأتي كان فكرة من أجل الهروب..

لدي أهداف أخرى بالطبع..أكاديمية وعلمية ، بل وحتى أسرية..

ولكنني سأكون شجاعة..على الأقل هنا وأقول أنني كنت أخطط لهروب ما..

كنت أريد أرصفة مدينة أخرى تحتوي خطواتي.. تتعرف عليها..تعدها وتشتاقها..

يتناثر حزني ثلجاً في شتائها..وتضيع لغتي الفصيحة بين لهجة سكانها..

كنت أريد بلداً بعيدة تسكنني قبل أن أسكنها..تبعثرني الغربة على وقع سطوة مطرها..

تعلمني أن أتهجى اسمي من جديد..تمنحني آفاقاً وعيوناً وحدوداً خضراء..

كنت أريد أن أجرب طرقاً أخرى لتجرع الحزن غير غسله بمياه البحر وشرب نصفه مرغمة..!

لهذا اخترت هذه المدينة..

تبدو من بعيد مدينتي المثالية التي رسمتها بخيال حزين ذات شجن..

بحثت عن الجامعة فتلقفتني أذرعتها من قبل أن أصل..

بحثت عن البيت فوجدته أبيضاً أنيقاً ذا نوافذ زجاجية وحديقة صغيرة أمامية وأخرى خلفية..

يقبع هذا البيت على شارع عريض ، أتفرج عليه كل يوم في "جوجل إيرث" ..

أعلم أن أمامه شجرة..وأن الرواق الصغير المؤدي إلى مدخل المنزل حجري معتّق..

رأيت بيوت الجيران وأفنيتهم..

لا أنظر للأمر بشكل رومانسي، وأعلم أن تجربة الغربة ستكون ساحقة على قلبي..

رغم ذلك..أتسائل..

ماذا لو لم أحصل على التوقيع اللعين الذي يمكنني من الرحيل؟


كيف سأعود إلى العمل..وإلى الحياة ..وإلى الناس بنصف روح وثلاثة أرباع قلب؟



رسالة اليوم:


رمضان...أقبل بنورك وأضيء جنبات الروح المعتمة..



هناك 3 تعليقات:

  1. صديقة الرحيل ...
    كم تألمت وأنا أقرأ هذا البوح الحزين المليء بالألم والمرارة ...
    أشاركك وضوح الهدف من السفر أنا أيضا أهرب من كل شيء من علاقات أسرية ممزقة وصدع في القلب ورغبة شديدة في التعرف على نفسي من جديد واختبار قدراتي العقلية والنفسية وقدرتي على التواصل وصنع الأصدقاء ... أشعر بالألم من مجرد التفكير لثوان في ماذا لو يتم التوقيع والله أشعر بالرعب يدب في أوصالي ...
    واحدة من المأسي التي أعيشها عدم تمتعي بإجازة هذا العام ماذا ساأفعل لو لم أسافر هل ساأواصل هذا الجنون؟؟؟
    شيء آخر لازلت أجهل حكمة الله في عدم سفري لأستراليا ذلك الحلم الذي رادوني وغازلني وبعدها خذلني كعادة الكثير من الأحلام ...

    ماورد أدعو الله أن يساعدنا ويحقق حلم طفولتي الجميل ...

    ردحذف
  2. ياااااااااه..إنه أوغست ٢٠١١...
    ألم أرسم ليدز جيداً قبل أن أرحل إليها؟
    .
    .
    كيف نكتب أقدلرنا ثم نخطو إليها؟ يااااااا للشجن!

    ردحذف
  3. كم اتمنى ان ازور ليدز معك... تعرفيني على شوارعها وامطارها واشجارها. نزور فيه بيتك القديم وجامعتك واحد المقاعد التي كنت تجلسين فيها في احد الفصول الدراسية.
    حياة الجامعة جميلة جداً وذكرياتها لا تذبل ابداً لذلك نحب ان نشاركها مع الغير. لا أظنك ستزورين ليدز مرة أخرى، لذلك سأكتفي بزيارتها وحدي ولعل شجرة من أشجارها تتذكركِ.

    ردحذف

رسالة من ماورد شديدة اللهجة..

 اسمعي يا عزيزتي الثرثارة جدا.. والصامتة جدا بما أنك في الفترة الأخيرة منطفئة، حزينة، لا أحد يسأل عنك أو يكتب لك رسائل، ولا أحد يأبه بك  سأك...